تعكّر صفو أسواقنا المحلية جملة من التصرفات غير المسؤولة! .. ولم تكن هذه التصرفات الشاذة - التي لم يخل من عبثها المتخلف الغالب من محالنا التجارية-لتحدث أو ترفل لو أن ثمة موازين تجارية مقننة وجدت بشكلها الصحيح داخل محيط السوق وخارجه لتكون المساعد الحقيقي في توجيه كافة التعاملات في وجهتها الصحيحة كداب الأسواق الأخرى التي عززت مكانتها واحترمت قوانينها فكان لها السمعة والنمو السليم!. فالحال الذي تمر به السوق اليوم يثير الشفقة ويضعنا أمام حقيقة مؤلمة حبلى بكل التشوهات التي لا تخلو من مساهمتنا كمستهلكين في وجودها وانتشارها بشكل أو بآخر حيث لايمكن لأية ظاهرة غازية أن تجد نفسها بين ظهرانينا كمجتمع يعتز بأصالته في كل شيء لاسيما في مجمل تعاملاته التجارية والتسويقية مالم تكن هناك مساعدات ظاهرة أو باطنة تؤكد وجودها وتساعدها على الانتشار والاستفحال.. وبمعنى آخر ليس التاجر وحده المعني بالتقصير فحسب بل كلنا .. التاجر والمستهلك والمسئول .. فالجميع هنا مسئول عن كل التصرفات غير المعتدلة التي تسيء إلى السوق وتشوه صورته.. كما أننا معنيون أيضا بالتعديل والدفاع عن كل حق يخصنا والامتثال أمام كل القوانين والأعراف التي نؤمن بها جميعا وفق العدل والمنطق .. فالتاجر في كل الأحوال لا يمكنه إبداء التقصير إذا ما اعتلت سقف محله مظلة مقننة تلزمه بالامتثال لها على الدوام .. كما أن وعي المستهلك وإصراره الثابت على النهوض بالسوق ورفض كل التعاملات الرخيصة تجنبه مواقف الاستغلال وترفع من مكانة السوق وتقلل من مواقف الغش التجاري الذي لا تخلو منه السوق على الإطلاق .. وكذلك دور لجان حماية المستهلك الغائب إذا ما حضر سيكون له الدور الفاعل في تقويم الكثير من التصرفات المغلوطة التي لم تبرح سوقنا المتواضعة غارقة في يمّها دونما منقذ. فالكثير من محالنا التجارية مازالت تمارس نوعا من التأرجح وعدم الاستقرار في مجمل تعاملاتها التسويقية ... وتظل حالة المد والجزر هذه سائدة على مختلف البضائع والسلع ... والغريب في الأمر كله - وعلى مر السنين - أنك لم تلحظ أي تحرك يذكر تجاه هذه المهزلة التسويقية التي منيت بها أسواقنا ومحالنا التجارية سواء من قبل الجهة الأم ( وزارة التجارة )أو أي جهة أخرى لها ذات العلاقة للحد من استمرار هذا النزيف المؤسف الذي شوه معالم أسواقنا المحلية بشيء من الاتكالية والجهل غير المبرر حيث تجد الكثير من التصرفات الشاذة عن قاعدة الذوق العام تغزو كل بقعة تنتمي إلى السوق سواء تلك التي تتعلق بالأسعار والتلاعب بها أو ما يتعلق بالعروض الواهمة التي تملأ واجهات المحلات .. وهذه المسرحية التي نشاهد فصولها على مر الفصول الأربعة لاسيما في المواسم والمناسبات تعكس صورة غير حضارية عن حال أسواقنا المحلية التي نسعى في تحسين صورتها أمام العالم كله والتي باتت معظمها رهينة هذا التعامل الرخيص الذي لا نرضاه لأسواقنا جميعا تحت أي ظرف. والسؤال: هل ستظل السوق هكذا .. أي غير مقننة وتعمها الفوضى على الدوام ..أم ان ثمة ترميما قريبا سيطر على سقفها المتهالك؟ .. مجرد سؤال.. وربما الأيام القادمة طويلة كانت أم قصيرة كفيلة بأن ترينا مالم يكن في الحسبان في حين ان الأفق خال تماما من أية مؤشرات تنذر بهذا التغيير لكن إيماننا بالتغيير يواكب ثقتنا الكبيرة بالمسئولين في وزارة التجارة وفروعها فهم وحدهم القادرون على إحداث هذا التغيير ان أرادوا. الحرية المطلقة مفسدة مطلقة من جهته قال السيد سليم محمد السليم (صاحب متجر عام ):لاشك في أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة مشيرا إلى ان الكثير من التجار يشعرون بسقف عال من الحرية تجاه الكثير من ممارساتهم التجارية كما أنهم لايجدون من المستهلك ردة فعل تذكر سواء ارتفعت الأسعار أم هبطت وهم يدركون تماما ان المستهلك لايتعدى كونه لعبة تتلاقفه أيديهم دونما رحمة به إذ يجدونه على الدوام على خط السباق للانطلاق في هرولة محمومة خلف كل اسم جديد أو لافتة كتب عليها عروضا خاصة أو أية عبارة تعطي نفس المعنى سواء كان بحاجة هذا المعروض أو عدم حاجته إليه .. كما انهم مطمئنون من هدوء وسكينة لجان حماية المستهلك التي لا يبدو منها سوى اسمها الذي يحمل صفة الحكم الذاتي. واضاف: ان الكثير من التجار يمارسون أسلوبا رخيصا في تعاملاتهم تجاه المستهلك حيث تجدهم يتلاعبون بالعبارات والجمل الأكثر جذبا للزبائن .. وربما تأتي عبارة "ماقبل الخصم وبعده" الأكثر شيوعا واستخداما بين جملة العبارات التي نتبارك بسماعها كلما قصدنا السوق بنية التبضع .. في حين أن الخصم المزعوم لم يكن سوى زيادة وهمية يضعها التاجر على هذه السلعة أو تلك ليتم خصمها أثناء عملية الدفع تفضلا منه على الزبون بهذا العرض "الخاص جدا" كما تدعيه العبارات والجمل أو التاجر نفسه. ويرى أن أسواقنا المحلية تحتاج إلى إعادة هيكلة في كافة جوانبها التسويقية لإعادتها إلى وضعها الطبيعي وإنقاذها من عدوى ( الحمى) التي أصابت كل جسدها ومعها مختلف التعاملات وساهمت في إفساد مفهوم الثقة المتبادلة بين التاجر والمستهلك.. وأصبحت تتأرجح بين المصداقية وما يطلق عليه في المفهوم التجاري ب ( الغش التجاري). وأشار إلى جانب آخر لم يقل أهمية عن سابقه وهو ما يعرف بضمانات الجودة حيث ان ضمان جودة السلعة أمر في غاية الأهمية .. إلا أن الغالبية من محالنا التجارية كما يقول السليم لاتعير لهذا الجانب أي أهمية تذكر .. بالرغم من ادعاء البعض من تلك المحال منحها عرضا من الضمانات التي تصل في معظم الأحايين إلى فترة طويلة الأمد .. وهي بهذا العرض تهدف إلى الجذب التسويقي ليس إلا - اي أنها لا تلتزم بهذا الضمان على الإطلاق وليس هناك إي جهة تستطيع مقاضاة هذه المؤسسة أو تلك في حالة عدم التزامها بهذا الضمان الذي لا يتعدى كونه حبرا على ورق. وقال: اننا نحتاج إلى تعاون مشترك ينقذ أسواقنا من هذه المهزلة التي أرهقتنا نفسيا قبل أن ترهق جيوبنا المرهقة أصلا ويخرجها من عنق الزجاجة الذي وضعت فيه دون مراعاة الصالح العام مطالبا الجهات المعنية بتفعيل دورهم داخل محيط أسواقنا وتأكيد تواجدهم بصورة فاعلة للحد من حالة التلاعب المستمرة التي ينهجها الغالبية من التجار وكذلك الوقوف على حالة التستر التي شملت كل شيء .. وإيجاد قوانين صارمة توقف هذا الحال الذي ساهم في تشويه سمعة أسواقنا على الصعيدين المحلي والخارجي. عروض واهمة تخدع المستهلك