نوقشت مؤخرا في مقر النادي الادبي بحائل ورقة عمل مقدمة من الكاتب عمر فوزان الفوزان ضمن منتدى الكلمة وسجلت الورقة المقدمة بعنوان: (تاريخ الفلسفة وفلسفة التاريخ) بحضور العديد من المثقفين والادباء بالمنطقة ورئيس النادي رشيد العمرو. تعريفات بدأ الفوزان بتعريف للتاريخ من منظورات عدة اهمها: تعريف التاريخ في المعجم الفلسفي الذي يعني لغة الوقت وتاريخ الامم وغيرها وهو ذكر نشأتها وتطورها وآثارها فهو العلم الذي يبحث في حياة الامم والمجتمعات والعلاقات التي تقوم بينها وهو خبر عن الاجتماع الانساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة ذلك من الاحوال، وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها وما يبذله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع وماسوى ذلك. عرفت الفلسفة في المعجم الفلسفي بانها محبة الحكمة وعلم حقائق الاشياء والعمل بما هو أصلح وهي بعلم الاشياء بحقائقها بقدر طاقة الانسان وعرف الفلاسفة بانهم الباحثون عن الحقيقة بتأمل الاشياء. التناقض والمطابقة واشار الفوزان الى ان التاريخ والفلسفة يبدوان لاول وهلة متناقضين متعارضين لان الفلسفة معناها الكشف عن الحقيقة، والحقيقة معناها مطابقة الفكر والواقع واما ان يكون الفكر مطابقا للواقع وحينئذ يسمى حقيقة او لا يكون فلا يمكن ان يسمى حقيقة فالحقيقة اذن تقتضي الثبات ما دامت هي في جوهرها ليست غير مطابقة للفكر الواقع بينما تشاهد من الناحية الاخرى ان التاريخ موضوعه التغير اذ لا يمكن ان يفهم بغير الزمان او بعبارة اخرى ليس التاريخ غير سلسلة من الحوادث المتتابعة التي ترتبط اشد الارتباط. الفلسفة اليونانية وقسم الباحث الفلسفة الى ثلاثة عصور كبرى هي: الفلسفة اليونانية والفلسفة الرومانية اليونانية والفلسفة الحديثة. اما الفلسفة اليونانية: فهي نتيجة عقل اليونانيين ومطبوعة بطابعهم ان النبوغ اليوناني استطاع ان ينهض من على عاتق المصريين والبابليين ويطير حتى يصل الى مكان يمكن الوصول اليه من غير ان يصده عن ذلك صاد. ولقد زار فيثاغورس وديمقريطس وافلاطون وغيرهم مصر وآسيا الصغرى وانتفعوا بعلم اهلها ولكن رقي الفلسفة رقيا علميا كان من عمل العقل اليوناني. ان ميزة اليونان حب البحث اما ميزة المصريين في الفلسفة فحب الكسب.. تتجلى للانسان في فلسفة اليونان ثلاثة عصور يسهل تمييز بعضها عن بعض وهذه العصور توضح ان الرقي التدريجي الذي تبعه العقل في طور الحضارة ولست أعني الحضارة الاغريقية فحسب بل كل حضارة بشرية وهذه العصور هي. النظر في الكون، والنظر في الانسان نفسه، والبحث المنظم. ويبين الباحث بعد ذلك تحول الفكر اليوناني والابحاث الفلسفية تدريجيا الى الانسان نفسه واتجهت ابحاثهم نحو قوى الانسان الباطنة فبحثوا في القوة للفكرة والقوة للمريدة وعمل هاتين القوتين اعني التفكير والادارة وكيف نشأ الفكر والادارة في ذلك لحين ظهرت في عالم البحث مسألة جديدة وهي: هل حقائق الاشياء ثابتة؟ وهل هناك شيء حق او صواب او خبر قائم بنفسه لاعلاقة له بآرائنا الشخصية؟ وفي هذا العصر ايضا الذي يسمى العصر الانساني او الانثروبولوجي نظر الاتجاه بحثه نحو الانسان وتميزا له عن العصر الذي قبله ومن رجال هذا العصر سقراط والسوفسطائيون والذي اشهرهم بروثا غوراس وهبياس، وبروديكوس، وقد وافق سقراط السوفسطائيين في توجيه بحثه نحو الانسان وخالفهم وبقوله: ان حقائق الاشياء ثابتة قبل فند ليد (ان تنظيم العلم وتوسيع نطاقه حتى يشمل كل النظريات الفلسفية منزلة امكن لديمقريطس وافلاطون وارسطو ان ينجحوا في الوصول اليها وكان الاخير منهم اول من قسم العلوم وجعل لكل علم دائرة بحث خاصة. الفلسفة الرومانية اما عصر الفلسفة الرومانية فقد اشار الباحث الى دور البحث المنظم وابتدأ الميل الى وضع الشروح المطولة واهم مميزات هذا العصر انه عصر تحصيل للعلوم وسعة في الاطلاع واكثر منه عصر يبحث وينظر وانه عصر اقبال على العلوم المتميزة وان كانت الفلسفة فيه قد اخذت شكلا جديدا استمرت فيه بضعة قرون فذلك ناشئ عن حالة الرقي العامة ومن التغير الذي احدثته الحياة السياسية والاجتماعية اليونانية. الفلسفة الحديثة: ورأى الفوزان ان عصر الفلسفة الحديثة يبتدئ بالنهضة ويستمر الى يومنا هذا يرجع قيام الفلسفة الحديثة الى حركتين تاريخيتين عظيمتين احداهما النهضة او احياء العلوم وآثار اليونان والرومان في الفنون والعلوم والثانية الاصلاح الديني: ففي منتصف القرن الخامس عشر ابتدأت المدنية اليونانية تؤثر في عقول الغربيين وانبعثت من ايطاليا لغة اليونانيين القدماء وشعرهم وفلسفتهم وسارت سير الفاتح الفائز الى ان شمل فتحها اوروبا بأجمعها واول ما بدت بشائر تقرير ما للانسان من شخصيته كان زمن النهضة وتم ذلك على يد العلماء المتبحرين الذين جاءوا بعد فرددوا تعاليم النهضة وايدوها امثال (ديديرو) (وروسو) و(فنكمان امان) و(هردد). الفلسفة الاسلامية وتطرق الفوزان الى تاريخ الفلسفة الاسلامية حيث يرى ان اهتمام الباحثين الغربيين في طور الفكر الفلسفي الاسلامي كان حتى الآن ضئيلا بالقياس الى اهتماماتهم الاخرى. ومرد هذا الاغفال الى سببين هما طبيعة الموضوع وطبيعة البحث العلمي عند الغربيين الا ان بعض مفكري الغرب راحوا ينظرون الى الفلسفة الاسلامية كظاهرة فكرية قائمة بذاتها ونجد ان الفلسفة الاسلامية خطيئة عمل فكري مركب اشترك فيه السريان والعرب والاتراك والبربر وسواهم اشتراكا فاعلا، ولكن دور العنصر العربي كان راجحا الى حد جاز معه اعتبار تسميتها الفلسفة العربية ولقد شملت ترجمات النصوص الفلسفية عند المسلمين اول تعريب للدواوين ثم تعريب العلوم الاعجمية ثم الترجمة في عهد المنصور ثم الترجمة في عهد الرشيد ثم الترجمة في عهد المأمون ويجب ان لاننسى ان اول مؤلف فلسفي مبدع في الاسلام هو الكندي. فلسفة التاريخ وفيما يتعلق بفلسفة التاريخ يقول الباحث ان فلسفة التاريخ تبحث في القوانين العامة التي تحكم تطور المجتمعات الانسانية، ومعنى هذا التطور وغايته بالمعنى العام تبحث في الاسباب التي تكون الوقائع التاريخية وموضوع فلسفة التاريخ هو البحث في المسائل الرئيسية التالية: مامعنى التاريخ. وهل لأحداث التاريخ عليه؟ وهل تحكمها قوانين؟ وهل للتاريخ اتجاه؟ وما هو الاتجاه؟ وفيما يتصل بالمسألة الاولى فيفرق الباحث بين التاريخ اي توالي احداث العالم على مر الزمان وبين علم التاريخ الذي يضيف تلك الاحداث ويرتبها على نحو معين اما الصفة تاريخي فتدل على اللغة العادية والعلمية على معان متباينة اذ تدل على ما هو نسبي ومشروط كما تدل على ما هو عيني وعلى ماهو شرعي او مشروع في العبارة حقوق تاريخية وتطلق هذه الصفة على النظريات، التجارب، الاعمال، الاحداث، المواقف... الخ.