مطار الرياض يفوز بجائزة أفضل مطار بالمملكة    وزير الخارجية يعبر لنظيره الإيراني عن تضامُن المملكة    أجهزة كمبيوتر من "مايكروسوفت" مزودة بالذكاء    الهلال يعلن جاهزية سالم الدوسري لمواجهة الطائي    رسميًا.. الاتحاد يعلن رحيل رومارينهو وغروهي    6.7 مليار دولار مساعدات سعودية ل 99 دولة    القوات المسلحة تواصل تمرين «الأسد المتأهب 2024»    عودة الصور المحذوفة تصدم مستخدمي «آيفون» !    6.41 مليون برميل صادرات السعودية من النفط    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسيان النبهاني في وفاة والدته    الاتحاد بطلاً لهوكي الغربية    «الموارد»: دعم أكثر من 12 ألف مواطن ومواطنة بالشرقية    أمير الجوف يعزّي أسرة الحموان    استقبال حافل ل «علماء المستقبل».. أبطال «ISEF»    5 فوائد للمشي اليومي    وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان يكرم البواني لرعايتها منتدى المشاريع المستقبلية    أسرة بن مخاشن تستقبل المواسين في مريم    معابر مغلقة ومجازر متواصلة    القيادة تعزي في وفاة رئيس إيران ومرافقيه    مكعّب روبيك.. الطفل العبقري    المسألةُ اليهوديةُ مجدداً    واتساب يختبر ميزة تلوين فقاعات الدردشة    رحلة نحو الريادة في السياحة العلاجية    الراجحي يصدر قراراً بتعديل تنظيم العمل المرن    حلول السلامة الذكية وطائرة «بارق».. «الإلكترونيات المتقدمة» تستعرض قدراتها التصنيعية    8 مواجهات في الجولة قبل الأخيرة لدوري" يلو".. " الخلود والعروبة والعربي والعدالة" للمحافظة على آمال الصعود    أنديتنا وبرنامج الاستقطاب    في الرياضة.. انتظار الحقائق والتطوير    اجتماع اللجنة الأمنية والعسكرية المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي - القطري    تعزيز العلاقات مع "تحالف الحضارات"    10522 خريجًا وخريجة في مختلف التخصصات.. نائب أمير مكة المكرمة يشرف حفل التخرج بجامعة جدة    طموحنا عنان السماء    فراق زارعة الفرح    إحباط تهريب 200 كلغ من القات المخدر    خادم الحرمين الشريفين يخضع لبرنامج علاجي    "تعليم جدة" يصدر نتائج حركة النقل الداخلي لشاغلي وشاغلات الوظائف التعليمية    أمير الرياض يستقبل منتسبي جمعية المتقاعدين    أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم    إجازة لمكافحة التعاسة    ابحث عن قيمتك الحقيقية    لجين تتألق شعراً    مواجهة الظلام    مبادرة الأديب العطوي    نائب أمير جازان يكرم متفوقي التعليم    ما الذي علينا فعله تجاه أنفسنا ؟!    زلة الحبيب    وقتك من ذهب    لا عذر لخائن    تسهيل وصول أمتعة الحجاج لمقار سكنهم    العجب    الذكاء الاصطناعي ومستقبل الوظائف    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    أخصائية تغذية: وصايا لتجنب التسمم الغذائي في الحج    خرج من «البحر» وهو أصغر بعشر سنوات    أمير الرياض يرعى حفل تخرج طلبة الجامعة السعودية الإلكترونية    مفتي الهند يدعوا الله بأن يشفي خادم الحرمين    القيادة تعزّي دولة رئيس السلطة التنفيذية بالإنابة السيد محمد مخبر في وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلام... أم كارثة
ندوة اليوم عن خارطة الطريق
نشر في اليوم يوم 30 - 11 - 2002


قبل أن نقرأ...
مؤخراً انهى ديفيد ساتر فيلد مساعد وزير الخارجية الامريكي جولة مكوكية جديدة في الشرق الاوسط تهدف إلى الترويج لخطة السلام المعروفة باسم "خارطة الطريق". الجولة جاءت وسط اجواء القلق والترقب التي تسيطر على المنطقة بسبب الازمة العراقية من ناحية، وبسبب السياسات الاسرائيلية المتطرفة من ناحية اخرى.تجديد موقفها المعارض لاي تحرك على طريق السلام.اعلن ذلك بنيامين نتنياهو المرشح لقيادة حزب الليكود المتطرف الحاكم - فور ادائه اليمين الدستورية كوزير للخارجية - معززاً بذلك ما سبق ان اعلنته حكومة شارون قبل انسحاب حزب العمل منها عندما اكدت تحفظها على الخطة وقالت انها لا تفي بمتطلباتها الامنية ولا تضع نهاية سريعة لنظام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وعلى العكس فان الجانب الفلسطيني اكد ان (خارطة الطريق) برغم افتقادها الآليات الملزمة لتنفيذها وارجائها العديد من القضايا المهمة وتقديمها الحلول العاجلة لاسرائيل بخصوص مشكلاتها الامنية برغم ذلك كله فان الفلسطينيين يقبلون بها.
في الشارع السياسي العربي اثارت (الخارطة) العديد من التساؤلات حول نوايا التحركات الامريكية في المنطقة وهل هي بالفعل طريق للحل وانهاء الصراع العربي الاسرائيلي ام هي طريق جديد للمطامع الامريكية في المنطقة واتاحة الفرصة لاسرائيل لتسوية حساباتها مع الفلسطينيين لانهاء وجودهم الجغرافي والسياسي وتفكيك تركيبتهم الاجتماعية.
لقد كان ينبغي على واشنطن ان تدرك ان المسألة ليست جولات مكوكية وان عملية السلام في الشرق الاوسط لم تعد في حاجة إلى المزيد من المقترحات والمشاورات، وانما ينبغي التعامل مع جوهر المأزق وخلاصته ان حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون لا تريد السلام وليس لديها أي برنامج سياسي للتحرك على هذا الصعيد ومن ثم فان كل المبادرات المطروحة تنكسر دائماً على صخرة المطالب الامنية الاسرائيلية وبالتالي يحكم عليها بالفشل قبل ان يجلس الطرفان على مائدة المفاوضات.
الخطة الامريكية تستند الى رؤية الرئيس الامريكي بوش التي اعلنها منذ شهور وتتضمن ثلاث مراحل:
الاولى: وقف ما يسمونه العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين وتبادل الثقة بين الطرفين.
الثانية: عقد مؤتمر لترسيم الحدود المؤقتة للدولة الفلسطينية بجانب مسائل اخرى مثل وقف الاستيطان.
الثالثة: الاتفاق على خطة السلام النهائية وبدء المفاوضات والوصول لاقامة دولة فلسطينية في عام 2005.
الاسئلة التي تطرح نفسها هنا هي هل هذه الخطة تختلف عن المبادرات العربية والاوروبية.. وما التحفظات العربية عليها، وعناصر النقص فيها وهل الادارة الامريكية جادة في المضي في تنفيذها وما فرص نجاحها؟.
(اليوم) استعرضت الآراء المختلفة حول الخطة من كافة الجوانب واستضافت - في هذه الندوة - عدداً من الخبراء والمهتمين بالعلاقات الفلسطينية الاسرائيلية وفيما يلي اراؤهم.
@ اليوم: في بداية هذه الندوة نود ان نستمع لرأي حضراتكم حول تصوراتكم الشخصية لهذه الخطة؟ ولنبدأ بالاستاذ سعيد كمال الامين العام المساعد بالجامعة العربية.
* سعيد كمال:
اود ان اؤكد اولاً تطابق وجهات النظر العربية الفلسطينية حيال (خريطة السلام) التي عملها وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكي والتعديلات التي حملها نائبه ساترفيلد خلال جولته الاخيرة، لقد تم الوقوف على اخر تطورات الوضع فيما يتعلق بالمسار الفلسطيني والاعتداءات الاسرائيلية السافرة والمستمرة على المدنيين الفلسطينيين.
واحب ان اوضح ان هناك مشاورات فلسطينية عربية في هذا الشأن فنحن نسعى إلى الخروج بموقف عربي موحد تجاه هذا الطرح الامريكي وقد طالب الفلسطينيون باجراء تعديلات على الخطة وهذه التعديلات تلقى قبولاً لدى اطراف عربية كثيرة وهناك شبه اتفاق حولها.
لكن دعوني اوضح بعض النقاط:
هذه الخطة لم تتضمن ذكر القيادة الفلسطينية سواء السلطة الوطنية او حتى منظمة التحرير وهذا يعتبر تراجعاً في الموقف الامريكي.
وفي حال تأخر مرحلة من هذه المراحل فان ذلك سيلقي بالدولة الفلسطينية من 2005 إلى 2008 او إلى ما لا نهاية فالمراحل يجب ان تكون متوازية وليست متتالية.
المطالب من الجانب الفلسطيني واضحة وملموسة بينما المطالب من الجانب الاسرائيلية عامة ولا توجد أي آليات للتنفيذ.
رغم ان هناك ذكراً للدولة الفلسطينية الا انه لا يوجد تحديد لماهية هذه الدولة.
اما بالنسبة لمستقبل مبادرة السلام العربية في ضوء هذه الخطة فانني مكلف من الامين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى بمتابعة شئون ملف المبادرة واتوقع ان يجتمع اعضاء لجنة مبادرة السلام العربية لتقييم خطة الطريق بعد تقديمها في صيغتها النهائية.
اما بالنسبة لموقف اوروبا منهم فهم ليسوا ضدها لانها مأخوذة من مبادرة الدانمرك وهي تنسجم مع افكار شارون شخصياً.
@ (اليوم): يبدو ان هناك تعقيباً من الدكتور عصمت عبد المجيد الامين العام السابق لجامعة الدول العربية والرئيس الحالي لجمعية المحكمين العرب:
* دكتور عصمت عبد المجيد:
دعونا نتفق على شيء محدد وهو اننا مع أي خطة يتم طرحها بشرط ان تكون قائمة على الثوابت واقصد القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة مثل 242 و 338 وغيرها فلو انطلقت أي خطة من هذه النقطة ووفقاً للشرعية الدولية فلا مانع من التعامل معها والا فلا حاجة لنا لاي خطة تطرح علينا بل يجب رفضها والتوقف عن التعامل معها.
@ (اليوم): هل هذه الخطة تمثل بالفعل محاولة جادة لانهاء النزاع العربي الاسرائيلي؟
* الدكتور السفير محمد ابراهيم شاكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية:
من وجهة نظري الخطة تمثل بالفعل محاولة جديدة تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية لايجاد حل للنزاع العربي الاسرائيلي، وبداية جديدة ايضاً لمفاوضات السلام.. وشيء جيد ان نجد ما هو مطروح للتفاوض، وشيء جميل ان نجد امريكا تفكر بصوت عال، وتأخذ رأي حلفائها والمجموعة الرباعية تأكيداً على المحاولات الجادة دون الوقوف محلك سر.
* د. احمد يوسف مدير معهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية:
في اعتقادي ان خطة الطريق الامريكية منبثقة اساساً من خطاب بوش الابن الذي القاه الصيف الماضي 2002 وهذه الخطة لا ارى انها تتضمن أي حل محدد للقضية الفلسطينية، والحديث فيها عن الدولة هو حديث هلامي بدون شكل او تصور واضح او معالم طبيعية لها وبها اجحاف كبير للجانب الفلسطيني.
* اللواء فؤاد علام مدير جهاز امن الدولة المصري سابقاً:
عليناً اولاً ان نتساءل عن توقيت طرح هذه الخطة الامريكية.. فبدون شك ان هناك ارتباطاً وثيقاً بينها وبين حديث امريكا عن اتخاذ موقف عسكري ضد العراق وما جاء طرح هذه الخطة الامريكية الا من قبيل التحرك لتهدئة الرأي العام العربي تجاه ما يسوده من توتر وسخط نتيجة للاستفزازات الامريكية والتهديد المتواصل بشن حرب على العراق..
* عبد الله حسن محمود سفير الصومال في القاهرة:
اتفق مع الاخوة في موقفهم من خطة الطريق الامريكية.. لانها في اعتقادي تفتقد للمعالم الواضحة بحيث اصبح الغموض يكتنفها للحد الذي ضاعته معه واختفت أي تصورات بشأن حل المشكلة الفلسطينية ومن ثم استمرار المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني على ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي، وكما اتفق مع الاخوة فانا اتفق ايضا مع ما سبق وصرح به الاخ فاروق الشرع وزير خارجية سوريا حينما اعلن عن تشككه ان تكون هناك خطة من الاصل وانما هي مجرد ألغاز وأفكار مثل السراب تطالب الفلسطينيين بكل شيء ولا تطالب الاسرائيليين بأي شيء.
* الدكتور صفوت العالم الاستاذ بكلية الاعلام جامعة القاهرة:
في اعتقادي ان التحرك الخارجي الامريكي والجولات المتعاقبة لمبعوثيها من اجل الترويج للافكار الامريكية لا هدف من خلفه سوى محاولات تخدير شعوب المنطقة وكسب مزيد من الوقت لانجاز مهام الادارة الامريكية في العراق، ثم اذا كان هناك أي شيء اخر فيكون البحث عن الوسائل التي تؤدي لعمليات التطبيع الكامل بين العرب واسرائيل، دون الالتفات إلى القضية الفلسطينية.
* احلام شاكر خليل الخبيرة بالشئون السياسية:
علينا ان نقف امام الاسس التي استندت عليها خطة الطريق الامريكية بمراحلها الثلاث ونحلل هذه الخطة سنجد بجانب ما ذكره السادة الافاضل الذين سبقوني في الحديث، ان هذه الخطة تشبه ما قام به بوش الاب ابان اعداده للعدة ضد العراق في حرب الخليج السابقة وبالقياس عليه وما نتج عنها من تدهور للاسوأ في الاوضاع الفلسطينية.. فاستناداً عليه اقول ان خطة الطريق الامريكية لا تحمل من جديد سوى تغيير بعض المواقع بين الاب والابن ولكن الهدف النهائي واحد وهو كسب الوقت لضرب العراق.
* الدكتور صوفي ابو طالب رئيس مجلس الشعب المصري الاسبق:
باختصار شديد بعد كل ما قيل عن خطة الطريق الامريكية وتعريتها اقول ان هذه الخطة من قبيل الكلام غير المفهوم وعفواً اسمحوا لي ان اعبر عنها بلفظ (كلام بالوظة) والسبب انها غير محددة المعالم وليس لها هدف، بل ان موضوع الدولة الفلسطينية من خلالها غير جدي.. ولكن كما قال الاخوة هي لتخدير الشعوب العربية والبحث عن تأييد عربي لاي خطوة امريكية ضد العراق، بل اكثر من ذلك فأمريكا تسعى لأن تتيح لها الدول العربية اراضيها من اجل تمركز القوات الامريكية للانطلاق منها لمهاجمة العراق في ظل ضمانها سكوت الحكومات بل والشعوب العربية.
@ (اليوم): بعد كل هذه الآراء هل نستطيع ان نقول ان هذه الخطة هي بالفعل شيء هلامي وما خرجت الا لتخدير الشعوب العربية؟
* سلامة احمد سلامة.. المحلل السياسي ومدير تحرير (الاهرام):
اننا نستطيع ان نفهم حقيقة المهمة التي جاء بها ساتر فيلد ومن قبله وليام بيرنز إلى الشرق الاوسط ليس من خلال المحادثات التي يجريها في العواصم العربية ولكن من خلال ما نشرته الصحف الاسرائيلية عن نتائج المباحثات التي اجراها شارون مع حليفه الكبير في البيت الابيض.
لقد بدأت زيارة بيرنز للمنطقة بعد ان حققت محادثات شارون وبوش اهدافها واطلع رئيس وزراء اسرائيل على مخططات الحرب العراقية، واتفق الطرفان على اسس التنسيق الكامل فيما بينهما سواء من حيث اخطار اسرائيل بموعد الضربة الامريكية قبل حدوثها او فيما يتعلق بالتسهيلات التي تحتاج اليها القوات الامريكية في عملياتها العسكرية والضمانات التي تحتاجها اسرائيل للدفاع عن نفسها في حالة تعرضها لهجوم.
وفي هذا الاطار كانت زيارة بيرنز للمنطقة بمثابة حقنة تخدير للعالم العربي اطلق عليها اسم جديد هو خريطة الطريق بزعم انها الرؤية الاخيرة للوعد الذي قطعه بوش على نفسه باقامة دولة فلسطينية وهي تبدأ من نقطة الفشل الرئيسية التي عجزت ادارة بوش عن حملها وهي تهدئة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية بانسحاب القوات الاسرائيلية مقابل وقف العمليات الاستشهادية. وقد رفضت امريكا قبل ذلك ارسال مراقبين دوليين لاتمام هذه الخطوة ولكسر دائرة العنف واستخدمت حق الفيتو، لأن اسرائيل لم توافق على وجود قوات دولية، ومازال هذا هو شارون ولاتوجد أية أسباب تحمل على الاعتقاد بأنه سيغير موقفه. خصوصا وأن المرحلة الأولى من خريطة الطريق تتم عام2003، أي مع بداية الحرب، فمن الذي يستطيع حينذاك أن يلوي ذراع شارون؟
يدرك شارون تماما الوظيفة الحقيقية لهذه الخريطة العمياء، ومن ثم فهو يعلن من البداية أنها لاتلزمه بشيء ولاتتصادم مع الأهداف الاسرائيلية. وهو على استعداد لأن يلعب مع بوش اللعبة المحببة الى قلوب العرب: أن يتصرف وكأنه على استعداد لسلوك الطريق الذي تحدده الخريطة، بالافراج عن جزء من الأموال الفلسطينية واعادة نشر قوات الاحتلال الاسرائيلية دون انسحابها. بينما يجري تفكيك السلطة الفلسطينية وإعادة تركيبها تمهيدا للمفاوضات المرتجاة بعد التخلص من عرفات.
وفي الوقت نفسه سوف يرفع بوش الحرج عن الحكومات العربية التي تخجل أمام شعوبها من التعاون العسكري مع أمريكا في ضرب العراق، عندما تضع السياسة الأمريكية على وجهها برقع الوسيط النزيه الذي يهييء الأجواء للمفاوضات ولعملية سلمية واعدة بقيام الدولة الفلسطينية.
ويبدى السفير طاهر شاش ملاحظات على خريطة الطريق حيث أن استطلاع آراء قيادات دول المنطقة فيما أطلق عليه خريطة الطريق التي يفترض أن تنتهي الى إقامة الدولة الفلسطينية تنفيذا لرؤية الرئيس بوش. وسوف ينقل المبعوث الأمريكي ملاحظات هؤلاء القادة إلي اللجنة الرباعية الدولية المقرر اجتماعها لإعداد تلك الخريطة في شكلها النهائي.
و الخريطة المذكورة تحدد الجداول الزمنية وتضع بعض الآليات لتنفيذ ماتضمنه خطاب الرئيس الأمريكي في24 يونيو الماضي - فهي تحدد ثلاث فترات:
الأولى من أكتوبر2002 إلى مايو 2003 - والثانية بين يونيو، وديسمبر2003 - والثالثة بين عامي2004 و2005.
وتجمع تحت كل من هذه المراحل الثلاث شتات ماتضمنه خطاب بوش من خطوات يقوم كل من الطرفين ودول أخرى بتنفيذها، ويتم ذلك تحت إشراف الرباعية الدولية المشكلة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وسكرتير عام الأمم المتحدة.
وتلتزم الخريطة بما تضمنه خطاب بوش من عناصر رئيسية ثلاثة هي: إنهاء العنف - وإجراء الإصلاحات الفلسطينية - ومرحلية التسوية السياسية.
ففيما يتعلق بإنهاء العنف، تقوم القيادة الفلسطينية - في المرحلة الأولى - بالدعوة إلى الوقف الفوري للانتفاضة المسلحة وجميع أعمال العنف ضد الإسرائيليين وتكف كل المؤسسات الفلسطينية عن التحريض ضد إسرائيل، وأما عن الإصلاحات الفلسطينية، فتشمل تعيين حكومة جديدة، ووضع دستور وقانون انتخاب جديدين (على أساس ديموقراطي برلماني) ونقل الصلاحيات للسلطات المحلية وفقا لقانون جديد، وذلك فضلا عن إصلاحات في الميادين القضائية والإدارية والاقتصادية، والإصلاحات الأمنية التي تتضمن توحيد قوات الأمن في ثلاثة أجهزة بعد إعادة بنائها وتدريبها، وتنتهي المرحلة الأولى بإجراء انتخابات حرة ونزيهة للمجلس التشريعي الفلسطيني.
وتبدأ خطوات التسوية السياسية بالمرحلة الثانية - بعد إجراء الانتخابات الفلسطينية - ولكنها تخضع لتقدير اللجنة الرباعية التي تستعين بجهاز رقابة دائم توجد على الأرض، بحيث يكون لها أن تقرر ماإذا كانت الظروف مناسبة للتقدم وكان اداء الطرفين يسمح بذلك.، وعندئذ تعقد اللجنة الرباعية مؤتمرا دوليا - بموافقة الطرفين - ويكون المؤتمر شموليا من أجل بدء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول إحتمال إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، والتوصل الى سلام شامل - خاصة مع سوريا ولبنان - واستئناف علاقات التطبيع بين العرب وإسرائيل على نحو ماكان قائما قبل الانتفاضة، واستئناف المحادثات المتعددة الأطراف، أما المرحلة الأخيرة، والتي تخضع بدورها لتقدير اللجنة الرباعية، تبدأ مع مطلع 2004 بعقد مؤتمر دولي ثان - بموافقة الطرفين - يقوم بتبني الاتفاق على إقامة الدولة الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة، وتبدأ مفاوضات الوضع الدائم التي تشمل الحدود والقدس واللاجئين والمستوطنات، والتقدم نحو تسوية شاملة، وإقامة علاقات عادية بين الدول العربية وإسرائيل وفقا للمبادرة العربية.
هذا، فإذا استعرضنا ماعلى إسرائيل اتخاذه من خطوات في مقابل ذلك، فإننا نجد الخريطة تطالبها بأن تعمل في المرحلة الأولى على إتاحة حرية الحركة الفلسطينية، والامتناع عن مهاجمة المناطق الأمنية والمصادرة وهدم البيوت، وتسليم الدفعات الشهرية من أموال الضرائب المستحقة لهم( وفقا لآلية إشراف جدول زمني)، وإزالة المواقع الاستيطانية التي أقيمت في عهد الحكومة الحالية، مع إنسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا الى مواقع ماقبل الانتفاضة على أن يتم ذلك قبل إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وكذا إعادة فتح مؤسسات اقتصادية في القدس الشرقية، وبالرغم مما هو واضح مما تقدم، أن ماتطالب به إسرائيل لا يقاس بالالتزامات التي تقع على كاهل الفلسطينيين، فقد بادر شارون وحكومته الى توجيه الانتقادات الى الخريطة المذكورة.
فقد اعترض شارون علي الجدول الزمني لتنفيذ مراحله الثلاث، مطالبا بضرورة عدم الانتقال من مرحلة الى أخرى قبل التحقق من تنفيذها ورافضا أن تقوم اللجنة الرباعية بالاشراف على تنفيذها مطالبا بأن تتولى الولايات المتحدة هذه المهمة. كما رفض المطالبة بالوقف الكامل للعمليات الاستيطانية، بحيث تواصل إسرائيل توسيع المستوطنات لمواجهة التكاثر الطبيعي. وكرر من جديد شروطه المعروفة عن الوقف التام للعنف والارهاب الفلسطينيين، وضرورة تهميش دور ياسر عرفات قبل أن تنفذ اسرائيل أيا من مطالب الخطة.
وهكذا، يحاول شارون مرة أخرى نسف هذه الخطة من خلال نفس الشروط التي تمكن بها من عرقلة المساعي السابقة، بما فيها بوجه خاص تقرير لجنة ميتشل. فهو يدرك أنه يستحيل وقف ما يسميه أعمال العنف والارهاب وقفا تاما. بل إنه في كل حالة توقفت فيها العمليات الفلسطينية لفترة من الأمن لجأ إلى القيام باغتيال أحد القادة لتفجير الموقف.
أما خريطة الطريق نفسها، فإنها تحمل نفس المآخذ على خطة الرئيس بوش الواردة في خطابه المشار إليه من ناحية، ويشوبها الغموض والتناقض وعدم التوازن في الالتزامات من ناحية أخرى.
فرغم ما ثبت جليا من أن الشعب الفلسطيني يزداد التفافا حول الرئيس ياسر عرفات كلما ازدادت الضغوط لإبعاده أو تهميشه، وبالرغم من أن عرفات هو الزعيم المعتدل القادر على صنع السلام، فإن الخطة تتبنى نفس أفكار خطاب بوش عن إقامة حكومة فلسطينية جديدة واختيار رئيس وزراء، كل ذلك بتناقض واحد مع دعوة الديموقراطية التي يطالب بتحقيقها، ومع ما يجب أخذه في الاعتبار من أن أية إصلاحات يجب أن تكون نابعة من احتياجات الشعب الفلسطيني دون تدخل خارجي.
كما لاتضع الخطة في حسبانها ما آلت إليه الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة نتيجة للحرب الشرسة التي يشنها شارون علي الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية، فهي ترتب التزامات ثقيلة على الشرطة وأجهزة الأمن بعد أن قام الجيش الاسرائيلي بتدميرها، بحيث تتطلب إعادة بنائها وقيامها بالدور المطلوب منها وقتا وجهدا طويلين وأموالا طائلة، كما يتعين انسحاب القوات الاسرائيلية من الأراضي الفلسطينية حتى تتمكن من أداء مهامها.
ومرة أخرى، يظل اشتراطه وقف الانتفاضة وقفا تاما وتعليق كل الأمور عليه من الشروط التعجيزية التي تخدم مصالح شارون وغيره ممن يعملون على عرقلة عملية السلام.
وتورد الخريطة الخطوات والاجراءات المقترح اتخاذها في كل مرحلة دون أن تضع لها ترتيبا واضحا وأن تجعل منها التزامات تبادلية يقترن تنفيذ كل طرف بأحدها أو ببعضها بتنفيذ الطرف الآخر وفقا لتوقيتات محددة.
وتشير إلى عقد مؤتمرين دوليين دون أن تعطي بيانات كافية عن أطراف كل منهما ومرجعيته وأهدافه، وربما كان من المجدي عقد مؤتمر يستهدف المصادقة على خطة الطريق في شكلها النهائي بما يكسبها صفة إلزامية.
وأخيرا، فإن الخطة - تماشيا مع بيان بوش - من شأنها إعادة العملية السلمية إلى المربع الأول، حيث تضيف مرحلة انتقالية جديدة لمدة ثلاث سنوات بعد أن كانت المرحلة الانتقالية التي نصت عليها اتفاقات أوسلو (ومدتها خمس سنوات) قد انتهت منذ عام1999 ويتجاهل بذلك حقيقة أن مفاوضات الوضع الدائم كانت قد جرت في كامب ديفيد وطابا وأحرزت تقدما في الأخيرة، فلا تشير إلى هذه المفاوضات وكان أولى بها أن تبني على ما أحرزته من تقدم. كما أنها - عند إشارتها إلى مفاوضات الوضع النهائي في عام2005 لا تذكر بصراحة أن الهدف منها هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للبقاء..
وبعد.. فتلك هي بعض الملاحظات على خريطة الطريق - التي نشرت الصحف نصها - وأيا كان الهدف من طرحها في الوقت الحالي، وما قد يقال من الربط بينها وبين عزم الولايات المتحدة على التدخل العسكري في العراق - فإنه يتعين التعامل معها بجدية وموضوعية، باعتبارها تتيح فرصة لاستئناف عملية السلام التي يحاول شارون التخلص منها وعرقلتها على نحو ما فعل بالنسبة لتقرير لجنة ميتشل وغيره من المساعي. وربما كانت الولايات المتحدة أكثر استعدادا في الظروف الحالية لدفع العملية السلمية واحتواء الموقف المتفجر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم فإن الفرصة متاحة أمام الأطراف العربية ويتعين، عليها الاستفادة منها.
خريطة الطريق لاتعالج العدوان اليومي على الفلسطينيين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.