الرياض - الوئام في مشهد يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان على ثقة في حدوثه، استقبل ترامب في البيت الأبيض القس الأميركي أندرو برانسون بعد إطلاق سراحه في تركيا. ثقة ترامب لم تكن في سياسته، أكثر من ضعف الخصم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وما عرف عنه من سياسات ارتباكية متخبطة. عودة القس الأمريكي ترمي إلى فضح خطاب أردوغان العنتري بعد تعليقه الشهير، الذي سرعان ما انبرت له وسائل إعلام الدوحة وأبواق جماعة الإخوان الهاربين في أنقرة، على العقوبات التجارية التي فرضتها واشنطن على تركيا بعد رفض أردوغان إخلاء سبيل القس الأمريكي أندرو برانسون، والذي قال فيه “إن من يظنون أن بإمكانهم ردعنا باستخدام لغة التهديد أو فرض العقوبات لم يعرفوا هذا الشعب”. موقف أردوغان وقضائه في قضية القس الأمريكي والذي سرعان ما تغير 180 درجة لم يكن وحده المعبر عن التصريحات العنترية للرئيس التركي، ففي أثناء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا بسبب سياسات أردوغان الفاشلة خرج في عدة تصريحات مهاجما ارتفاع سعر الفائدة، وأعلن أن أنقرة أكبر من سعر الفائدة ولن تخضع للضغوطات لحل أزمتها، إلا أنه سرعان ما تبخرت هذه التصريحات في الهواء بعد إعلان البنك المركزي التركي قرار رفع سعر الفائدة إلى 24%. وفي مشهد يعبر عن الكوميديا السوداء التي يعيشها أردوغان أثناء اشتداد وتيرة الأحداث في خلافه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دعا إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية ردا على عقوبات البيت الأبيض وعلى رأسها ماركة هاتف “أي فون”، لكن سرعان ما ظهر بعدها وزير دفاعه مخاطبا إياه على شاشات التلفزيون من خلال هاتف أي فون أمريكي. ولطالما خرج الرئيس التركي في خطاباته بلغته العنترية الشهيرة تلك زاعما دفاعه عن الإسلام والمسلمين، وسعى لتصوير نفسه بأنه ذاك الخليفة المنتظر للمسلمين، قبل أن يصدر حزبه الحاكم في تركيا قوانين مررها بمباركة أردوغان نفسه في البرلمان التركي تقنن الدعارة، وتخفف من عقوبات استغلال الأطفال فيها. لكن تبقى القضية الفلسطينية هي الأبرز لكشف تناقضات أردوغان وخطاباته الحنجورية، ففي الوقت الذي خرج فيه ليزعم استقتاله أمام العالم في الدفاع عن القدس ومقدسات المسلمين، كشفت الإحصاءات التركية الرسمية حجم التطبيع التركي مع إسرائيل بكمية الرحلات المسيرة من أنقرة إلى تل أبيب وحجم التبادل الاقتصادي والذي لم يستطع أردوغان إخفاءه، بل إنه اعترف قبل الرئيس الأمريكي نفسه خلال وثيقة التطبيع الشهيرة التي وقعها مع تل أبيب بأن القدس عاصمة إسرائيل. وفي أواخر العام الماضي وصف الرئيس التركي برلين بالدولة النازية في هجوم شهير شنه على خلفية منع السلطات الألمانية لقاء بينه والجاليات التركية لدعم استفتائه بنعم على التعديلات الدستورية الأخيرة التي تعطيه مزيدا من الصلاحيات لتطبيق سياسات وصفت بالديكتاتورية سرعان ما أوقعت الليرة التركية أمام الدولار، إلا أنه خلال الأيام الماضية أجرى زيارة إلى ألمانيا التقى فيها الرئيس الألماني والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليشيد بدور برلين، خالعا عباءة الغطرسة من فوقه فلا ملجأ إلى أنقرة الآن أمام العقوبات الأمريكية إلا مزيد من العلاقات التوددية إلى العواصم الأوروبية وعلى رأسها برلين.