يحيى بن مقيت تسعى ميليشيات الحوثي والمخلوع الآن إلى تكرار سيناريوهات تعاملها مع السلطات اليمنية أثناء حروبها خلال السنوات العشر الماضية، وتسعى إلى الاستفادة من تجاربها السابقة في المراوغة وإنقاذ نفسها والخروج من الوضع الصعب والحرج الذي تصل إليه في كل جولات الحروب، وما إن توشك الميليشيا على الانهيار حتى تلجأ إلى استخدام أسلوب المراوغة والمماطلة، وتبدي رغبتها في السلام، وتبادر بإعلان الالتزامات والوعود التي ما تلبث أن تلتف عليها، وتختلق الأسباب والذرائع للتملص من تنفيذ التزاماتها والالتفاف عليها. وكعادتها ولمرات عديدة، ما إن تشعر الميليشيا بتوجه وإصرار الجيش على تضييق الخناق عليها وفشلها العسكري في الميدان، وعندما تكون الحرب في ذروتها والجيش في أعلى درجات الحزم والإصرار في القضاء عليها، حينها تلجأ الميليشيا إلى إضعاف الموقف الرسمي والشعبي المؤيد للجيش، وتبادر عبر شخصيات ومشايخ بالدفع المسبق إلى الإعلان عن وساطة لوقف الحرب والتي هي أساسا بمثابة إنقاذ الميليشيا من المصير المحتوم، وتدفع بورقة الوساطات وتبدأ المناورة بواسطة مجموعة من التجار والمشايخ الذين يفاجئون الجميع بالإعلان عن وساطة لإيقاف الحرب، ويبادرون بالالتزام بوقف الأعمال المسلحة والانصياع للنظام والقانون، حينها لا يكون أمام الدولة غير الاستجابة لأصوات الوساطات التي تنادي بوقف الحرب وتعلن عن التزام الميليشيا بالتهدئة. وقد عملت الميليشيا على تبني وإعداد مجموعة من المشايخ لهذه المهمة، ومن خلال التجارب والأحداث السابقة نستطيع القول إن جناح الوساطات التابع للميليشيا لا تختلف مهمته ودوره عن دور المقاتلين مع الميليشيا على الميدان، وإن دور تلك الوساطات ليس سوى تخدير وتضليل للطرف الآخر، ونستطيع القول أيضا إنه خلال الحروب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي في مناطق صعدة من عام 2004 وحتى عام 2013 وهي أكثر من 20 جولة حرب مع الجيش اليمني وبعض قبائل صعدة لم تكن الميليشيا تحقق بالقوة العسكرية شيئا يذكر، وإنما تحققت النجاحات عبر لجان الوساطات المعروفة بولائها وانتمائها للميليشيا. ويعرف الجميع أن سقوط المناطق والمديريات بيد الميليشيا لم يكن إلا ثمار جهود الوساطات. وفي هذه الأيام وبعد أن شاهدنا الميليشيا في وضع صعب جدا وهي تمر بأصعب وأخطر مرحلة، وتكبدها خسائر فادحة نتيجة انطلاق (عاصفة الحزم) وبعد فشل الميليشيا خلال سنة في تحقيق أي تقدم على الأرض، لجأت إلى تكرار سيناريوهاتها القديمة في تحريك لجان الوساطات بغرض إيقاف الحرب، تخفيفا للضغط على عناصرها في الميدان، والتعلل والتحجج أمام المجتمع الدولي بأنها ملتزمة بإيقاف الحرب لغرض خلخلة الموقف الشعبي والدولي المؤيد لعاصفة الحزم ولموقف للمملكة العربية السعودية في حماية أراضيها وحدودها. لذلك فإننا نعود ونكرر ونحذر الأشقاء في التحالف العربي بأن الوساطات التي ترسلها ميليشيات الحوثي ليس لها هدف إلا إنقاذ الميليشيا وانتشالها من المنعطف الخطير الذي وصلت إليه بسبب تعنتها وحماقتها وانقيادها لتوجيهات وإرشادات ملالي طهران. إن تلك الالتزامات التي تعلنها الميليشيا ستذهب أدراج الرياح بعد أيام عندنا تتمكن الميليشيا من استعادة أنفاسها وإعادة ترتيب أوضاعها وصفوفها، وقد يكون ذلك بإيعاز من إيران بانتظار تغيرات وتطورات في المواقف السياسية الدولية تجاه الأحداث في العالم العربي. ختاما، نقول إن أية تسوية سياسية مع ميليشيات الحوثي لن يكتب لها النجاح، باعتبار أن الميليشيا لا عهد لها ولا ذمة، ولا ترى عيبا في النكوص والالتفاف على التزاماتها. ويجب استغلال هذه الفرصة -وهي مرحلة ضعف بالنسبة للميليشيا- لتكثيف الجهود العسكرية واستمرارها من قبل التحالف العربي لتخليص اليمن والخليج من هذه العصابة واجتثاثها من أصولها إلى غير رجعة.