كخريجة من كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبدالعزيز، أجد نفسي في ختام النسخة الثالثة من مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية أمام مشهد يزداد رسوخًا وإلهامًا عامًا بعد عام. ما بدأ كفعالية طلابية أصبح اليوم منصة حقيقية تُعيد تشكيل مستقبل الإبداع، وصناعة الفيلم في المملكة، وتقدّم صورة ناضجة لما يمكن أن تصنعه المؤسسات التعليمية حين تُؤمن بطاقاتها. شهدت هذه النسخة مشاركة 17 جامعة سعودية وأكثر من 140 فيلمًا طلابيًا، عكست جميعها حجم الشغف والطموح لدى الشباب، وحرصهم على الدخول إلى صناعة السينما بأدوات واعية ورؤية أكثر نضجًا. وكان لافتًا هذا العام استحداث مسار أفلام الذكاء الاصطناعي، الذي مثّل خطوة جريئة تُثبت أن المهرجان يتقدم بخطوات واثقة نحو مستقبل الصناعة، ويمنح الطلاب مساحات ابتكار جديدة لا حدود لخيالها. ولم يتوقف الزخم عند العروض السينمائية، بل قدّم المهرجان برنامجًا متكاملًا من الورش التطبيقية والجلسات النقاشية التي جمعت أكاديميين ومختصين ومبدعين من المملكة والمنطقة، ناقشوا فيها تحديات الصناعة، وتحوّلات السوق، والاتجاهات الحديثة في الإنتاج، مانحين الطلاب خبرات نوعية تُصقل أدواتهم وترفع سقف معرفتهم. أما معرض «من الخيال إلى الشاشة» فكان محطة بارزة، حيث اصطحب الزوار في رحلة عبر الكواليس، من الفكرة إلى لحظة «الأكشن»، في تجربة بصرية وتفاعلية سمحت لهم بملامسة تفاصيل العمل السينمائي كما لو كانوا جزءًا من فريق الإنتاج نفسه. ومن بين الإضافات النوعية هذا العام إطلاق أول سوق إنتاج طلابي في المملكة، الذي أتاح للطلاب عرض مشاريعهم السينمائية أمام شركات الإنتاج والمستثمرين. خطوة تمثل منعطفًا مهمًا في انتقال المواهب الطلابية من حدود الجامعة إلى أبواب الصناعة. كما تعرّف الزوار على الاستوديوهات الافتراضية بجامعة الملك عبدالعزيز، الأولى من نوعها في المنطقة، التي فتحت آفاقًا جديدة للتصوير والإنتاج الافتراضي، وقدّمت نموذجًا ملهمًا لمستقبل التعليم الإعلامي. وبين كل هذه الإنجازات، يبرز الدور القيادي داخل الكلية. فالدعم الذي يقدّمه عميد الكلية الدكتور أيمن باجنيد كان حاضرًا في كل زاوية من زوايا المهرجان، دافعًا الطلبة نحو الإبداع والثقة والمجازفة الفنية. في حين تكمل سعادة وكيلة الكلية الدكتورة ميسون السباعي هذا العمل برؤية تنظيمية وإنسانية تصنع فرقًا حقيقيًا في التجارب الطلابية. وجود قيادات تؤمن بالطلاب هو ما يجعل الفعاليات تتحول إلى منصات تُصنع فيها المواهب. كان ختام المهرجان هذا العام أكثر من مجرد إسدال ستار، كان تتويجًا لرحلة شغف ومساحة لتجارب ستبقى عالقة في ذاكرة المشاركين، وبوصفي ابنة لهذه الكلية، أشعر بفخر عميق وأنا أرى المهرجان يكبر بنسخته الثالثة، ويمنح الشباب فرصة ليقولوا للعالم: نحن هنا.. وهذا صوتنا السينمائي. وكما قال الدكتور أيمن باجنيد: «احكوا قصصكم... فالعالم ينتظركم».