عندما نشاهد حفل تكريم لشخص بعد وفاته، ستجد أن التكريم جاء من باب التقدير لتميزه وإبداعه في عمله سواء كان في القطاع الحكومي أو الخاص أو لإبداعه في أحد الأنشطة والمجالات المختلفة مثل الدينية والعلمية والثقافية والأدبية والفنية والرياضية وغيرها، وسنشاهد أثناء حفل التكريم العديد من خطابات الشكر التي تتضمن ذكر مآثره وتقديم الهدايا التذكاريّة لأسرته، وقد يصل التكريم إلى تسمية أحد الشوارع ب اسم المتوفي أو تقديم مبالغ مالية لأسرة المتوفي، وهنا نثمن هذا العمل الإنساني لتلك الجهة التي قامت بذلك التكريم، لأنه سينظر إليه كنوع من الدعم لذويه سواء كان معنويًا أو ماديًا أو كلاهما. ولكن المؤسف في الأمر أن المتوفي لن يعلم عن ذلك التكريم بعد رحيله، وإلا لشاهدنا القيمة الحقيقية لذلك التكريم على وجهه ومن خلال كلمته التي سيلقيها بعد حفل تكريمه لأنه سيشعر حينها بتقديره مقابل إبداعه وتميزه، أما بعد صعود روحه إلى بارئها فلن يعني له ذلك التكريم شيئًا على الإطلاق، لأنه لن يسمع عبارات الشكر وضجيج التصفيق ولن يشاهد فلاشات الكاميرات التي تتسابق لالتقاط الصور له حين وقوفه على منصة التكريم. فرغم أن التكريم بعد الموت لمسة وفاء ولفتة طيبة ولكنها متأخرة إذا جاءت بغير وقتها، لأن تقدير المبدع لم يأت بوقته المناسب كي يشعر به صاحبه، وكذلك سيشعر أهل المتوفي بالأسى وقد يجدد أحزانهم ويدخلهم في دائرة الصمت حينما يسمعون عبارة «كان مبدعًا»، ولا يخطر على فكر المتابع لهذه الظاهرة سوى عبارة «أي تكريم هذا لا يعيشه المبدع إلا بعد مواراة جثمانه تحت التراب» ؟!، أم أنها ظاهرة تشير إلى تاريخنا العربي العجيب في تكريم المبدعين !.