برنامج حضوري، وعاصفة من الجدل، لا أحد يعرف أطرافها، وكأنها موجةٌ استعراضية بين رواد وسائل التواصل. فالمعنيون بها فئة مهنية، يعملون منذ عقود في مدارسهم، وكثيرون أسهموا في نشر التعليم في القرى والهجر، وكانوا من أهم أدوات التنمية البشرية، فبفضل جهودهم التي لا تنكر انخفضت نسبة الأمية إلى مستويات متدنية. في المقابل يلجأ كثير من رواد وسائل التواصل إلى الكتابة بلغة مستفزة لهذه الفئة؛ لأنهم أكثر من يتفاعل في وسائل التواصل، فمن يظفر بتوجيه سهامه «المستفزة» نحوهم، يبادرون بخوض معركة كلامية، ترفع نسبة مشاهدات حسابه إلى أرقام لا يحلم بها، فمن غير المنطقي أن يكون نصيبَ سهمٍ واحدٍ أقل من ألف رد متوج بردود جانبية أخرى. هذه المعركة الكلامية مدارها تطبيق برنامج حضوري في تسجيل حضور وانصراف المعلمين والمعلمات في أصقاع مدارسهم المتناثرة في المدن والقرى والهجر، إنها فرصة ذهبية لإثارة الجدل لمن يمتهنون الثرثرة في وسائل التواصل سواء من بعض المعلمين والمعلمات، أو ممن وجدوا أنفسهم فجأة يمتلكون حسابًا يثرثرون من خلاله في أي شيء لأي شيء. برنامج حضوري ليس مشكلة بحد ذاته، هكذا قالها المستهدفون به، إنما المشكلة فيمن يصطنع المعركة الكلامية، لتكون مادة ثرثرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وحلبة «هوشة» لا يمكن أن تنتهي بانتصار أحد، ولا بتدخل أحد العقلاء لإخماد «الهوشة» المفتعلة. هل يمكن أن يكون لهذه الثرثرة فائدة؟ قطعًا لا؛ فبرنامج حضوري ليس عائقًا عن الإنجاز، وليس داعمًا للإنجاز، فالتعليم يمر بمرحلة تحول نوعية تواكب في جوهرها طبيعة التحول الذي تمر به المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030. برنامج حضوري أداة إلكترونية لضبط عملية حضور وانصراف المعلمين بدلًا من الأداة القديمة السجل الورقي. كل شيء أصبح إلكترونيًا ربما حتى عقولنا، كان المعلمون والمعلمات مثالًا للانضباط في العقود الماضية، وهذا ما تشهد به تقارير هيئة الرقابة سابقًا، وما تشهد به تجاربنا كأولياء أمور، مثلهم في ذلك مثل كثير من الموظفين، ولا أظن أحدًا ينكر المرونة التي كانت تتمتع بها كل جهات العمل في السابق، في مراعاة بعض الحالات الطارئة دون إخلال بالنظام، وهذا هو مدار ماركز عليه المعلمون والمعلمات في نقاشاتهم في وسائل التواصل حيث إن البرنامج لم توضح آلياته بصورة قطعية، بل بقيت الآراء متضاربة، والتعاميم متباينة بين إدارات التعليم، وهذا ما دفع إلى تضخم الجدل.