خمسةٌ وتسعون عاماً، والوطن يمضي في موكب العز، يكتب للتاريخ صفحات من نور، ويُرسي للعالم أن القوة ليست صدى الماضي فحسب، بل فعلٌ متجدد ينهل من جذور المؤسس، ويزهو بثمار الأبناء. اليوم الوطني ليس مجرد تاريخ يطرق الذاكرة، بل هو ميلاد وطن وارتقاء أمة، هو لحظة فارقة غيّرت مجرى الجزيرة العربية، حين نهض الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه من قلب الرمال، يوحّد الشتات، ويعقد راية واحدة على أرضٍ كانت مبعثرة كالأطراف. في ذلك التوحيد تجسّد معنى القوة والإيمان، فغدا الوطن كياناً متماسكاً يعلو فوق كل اختلاف. ثم جاء الأبناء من بعده، يحملون مشعل البناء جيلاً بعد جيل، يضيفون إلى التوحيد لبنات التنمية، ويجعلون من الحلم واقعاً يضيء الأرجاء. اليوم، في ذكرى الوطن الخامسة والتسعين، تتجدد المسيرة بإنجازات تملأ السمع والبصر: اقتصاد راسخ يضع المملكة في مصاف القوى العالمية، ومشاريع عملاقة تُعيد رسم المدى، من "نيوم" التي تُحاكي الخيال، إلى "ذا لاين" الذي يُجسد مدن المستقبل، إلى مشاريع البحر الأحمر والمبادرات الخضراء التي تضع المملكة في قلب التحولات الدولية. لم يعد الطموح شعاراً، بل غدا خطة مرسومة، ومشروعاً يُنفذ على أرض الواقع. التنمية لم تقف عند العمران فحسب، بل شملت الإنسان بوصفه جوهر النهضة. الجامعات تُخرّج العقول، والمراكز البحثية تُبدع الحلول، والشباب والنساء يشاركون في رسم ملامح الغد. إنها نهضة شاملة تُعلن أن الوطن لا يعرف الجمود، بل يمضي قُدُماً نحو آفاقٍ أرحب. ولأن البناء لا يقوم بلا حصن يحميه، كان الأمن والأمان تاج المملكة وسرّ استقرارها. ففي ظلهما تنمو المشاريع، ويزدهر الاقتصاد، وتُكتب صفحات الإنجاز. إنه الركن الركين الذي جعل السعودية واحةً آمنة وسط عالمٍ يعصف بالاضطرابات. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تشهد المملكة قفزة كبرى، تتجاوز حدود التوقعات، وتثبت أن المستقبل ملكٌ لمن يجرؤ على الحلم ويعمل لتحقيقه. اليوم الوطني ال 95 ليس يوماً للاحتفال فحسب، بل هو مرآة تُظهر مسيرة ملحمية بدأت بالتوحيد، وتستمر بالعزيمة، لتؤكد أن السعودية وُجدت لتبقى، وتبقى لتقود، وتُعلن أن المجد قدرٌ لهذه الأرض ما دامت شمسها تشرق ورايتها تخفق.