رحيل العميد بني الدوسري.. قامة إنسانية وذاكرة من التواضع والنقاء    تعزيزًا للعمل الاجتماعي والوقائي.. لقاء يجمع مديرَي الهلال الأحمر وهيئةالصحة العامة (وقاية) في نجران    الكليات التقنية والمعاهد الصناعية بعسير تستقبل أكثر من 9 آلاف متدرب ومتدربة مع بداية العام التدريبي الجديد    الستر.. أعظم درس في التربية    الاستيطان الإسرائيلي مشروع لنفي الآخر    عمال المحطات وحرارة الجو    سمو ولي العهد.. شريان العطاء المتدفق    مدارس بلا حراسة أين التقنية الأمنية    هل يعيد الفصلان التوازن للمنظومة التعليمية    دفء إلكتروني    ظل الأم في حياة الرجل العاطفية    مصر تدين استهداف مجمع ناصر الطبي في خان يونس    البرلمان العربي يدين تصعيد الاحتلال الإسرائيلي لحرب الإبادة واستهداف الصحفيين    نيابة عن خادم الحرمين .. نائب أمير مكة يفتتح أعمال مؤتمر مسؤولية الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    حذر من أن الطائفية لن تصنع دولة.. الرئيس اللبناني يدعو لتجاوز الانقسامات وتغليب المصلحة الوطنية    جدل داخلي ومخاوف من فراغ أمني.. انسحاب أمريكي وشيك من العراق    ضغوط أوروبية وتحذيرات من عودة العقوبات.. إيران على طاولة المفاوضات مجدداً في جنيف    رغبة ريال وآرسنال تبعد جاكيه عن الهلال    النصر مهتم بضم الأرجنتيني بالاسيوس    رسمياً.. خالد الغامدي رئيساً للنادي الأهلي    في الشباك    مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة 2025 يسدل الستار على نسخته الثالثة    نائب أمير القصيم يزور فعاليات كرنفال بريدة للتمور    إطلاق مبادرة بيئية هادفة.. تنمية الغطاء النباتي: إنشاء منظومة لمكافحة التصحر وزحف الرمال    لأخذ مرئيات العموم والقطاعين الحكومي والخاص.. طرح 90 مشروعاً في منصة «استطلاع»    رصد للطيور والكائنات البحرية في بيئات المملكة    اعترافات الزوجة الثانية تنهي لغز«الموت الغامض»    أشعل النار في مقهى بسبب «المايونيز»    «الجوازات» تصدر (17,430) قراراً إدارياً بحق مخالفين    الأمن العام: التزموا بتعليمات الحافلات المدرسية    إستراتيجية جديد ل«هيئة التخصصات».. تمكين ممارسين صحيين منافسين عالمياً    انخفاض الشكاوى المقدمة ضد المطارات السعودية    «لا ترد ولا تستبدل» يجمع بين دينا الشربيني والسعدني    اليوم.. ختام المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور    مجسم «الدلال».. قيم أصيلة    قصر ومنزل.. بداية التعليم بالشمالية    تركز على صقل مهارات التفكير وغرس القيم.. 9900 طالب وطالبة ينتظمون في فصول موهبة    شجر البحر    مسؤولة صحية روسية تحذر من متحور ل«كورونا»    قلق الانفصال.. معاناة تتطلب رعاية مبكرة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض بعد مكاسب الأسبوع الماضي    مؤتمر الرياضة العالمية الجديدة يختتم أعماله في الرياض    القرعاوي يرسم ملامح رحلته بين الصحافة والاقتصاد    ناصر بن محمد يطلع على الأدلة الاقتصادية ل"غرفة جازان"    هجمات الاحتلال تستهدف غرف الأطباء والعمليات بغزة    ‏يسر تحتفي بختام دورة تأهيل المغسلين وتكريم المشاركين بدعم من مؤسسة الراجحي الخيرية    5 أبواب رئيسة في المسجد الحرام تسهّل دخول وخروج ضيوف الرحمن    بين الحقيقة و التظاهر    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية الجزائر    نائب أمير منطقة جازان يعزي في وفاة شيخ شمل قبائل قوز الجعافرة    الأمير فهد بن جلوي يرأس اجتماع اللجنة التنسيقية لدورة ألعاب التضامن الإسلامي السادسة    الأطباء يقاطعون مرضاهم بعد 11 ثانية فقط رغم أن مدة الموعد نصف ساعة    نائب أمير منطقة جازان يعزي في وفاة شيخ شمل قبائل قوز الجعافرة    المسافر سفير غير معلن لوطنه    بريطاني.. لم ينم منذ عامين    عروس تصارع الموت بسبب حقنة تجميل    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير الدفاع المدني بالمنطقة السابق    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفء إلكتروني
نشر في الوطن يوم 26 - 08 - 2025

تراه لوحده وتراها لوحدها، ولكل منهما جوه الخاص الذي يشعر فيه بالدفء، بعيدًا بعواطفه ومشاعره - لا بجسده - عن الآخر، دفء لا تغذيه الماديات أو الكلمات أو السلوك، دفء لا يمت بصلة لعالم الإنسان بكل ما فيه من واقعية وبشرية. هو دفء إلكتروني جعلناه بديلا للدفء البشري، وأصبحنا نبحث عنه ونذوب فيه بشكل مفرط؛ حتى غدا مسرحًا لحياتنا ورغباتنا وربما لسعادتنا.
في غرفة واحدة ومساحة ضيقة يمسك كل منهما بهاتفه النقال ولا يدري عن الآخر، يعيش حالة الدفء الإلكتروني، هو هنا وهي هناك يتنقلان في مواقع الحياة الرقمية دونما إحساس بوجود الآخر، حياتهما حياة المقاطع والمشاهد السريعة والمتنوعة.
البداية كانت في جزئية من الوقت، ثم تحولت إلى كل الوقت بحياة ليست هي الحياة، حياة يظللها دفء مسخ لا قيمة له ولا وزن، ويكون مستهل الصدمة ضعفا في الحوار وغيابا متدرجا للتفاهم، بعدها يأتي الشعور بغربة الفكر، ثم التباعد القلبي وصولًا إلى الفُرقة المطلقة.
واقع صنعناه بأيدينا وطبخناه على نار هادئة، حتى احترقت مشاعرنا وماتت، منحنا جُلَّ وقتنا لذلك الجهاز الضئيل الذي نشاهد من خلال برامجه كل الحياة باستثناء حياتنا، وجعلناه القيد الذي يكبل قلوبنا، ويقتل ذكرياتنا القديمة، ويمنع تكوين ذكريات جديدة وحياة مشتركة ناجحة.
تبدأ المفاجأة بالظهور، وتتشكل التساؤلات المتعددة وتكثر وتتعقد، وأكبر تساؤل عندنا: لِمَ حدث ما حدث؟! هذا التساؤل هو قمة الهرم، ولو نزلنا درجة فيه لعرفنا جزءًا من الإجابة، ولو نزلنا درجات أكثر لعرفنا أكثر، وهكذا حتى نصل إلى القاعدة ثم الأساس، عند ذلك ستكتمل الإجابة، وستتضح أمامنا.
إنّ استبدال بدفئنا البشري دفء إلكتروني، والتعويل عليه بأنه السعادة التي ننشدها بعيدًا عن عالم الواقع بكل ما فيه لهو، استبدال خاطئ وهش. هذا الاستبدال هو الذي غير كل شيء، فلا مشاعر عميقة بقيت ولا علاقة متماسكة ظلت، ولا اهتمامات مشتركة، ولا تقارب فكري.
فخ نُصب لنا من قِبل من ابتكر هذه البرامج وتلك المقاطع، أرادوا لنا أن نغوص في تلك الحياة بعمق مفتوح لا نهاية له ولا قعر، وكلما حصلوا على الأموال من خلال استخدامنا برامجهم طالبوا بالمزيد، ولن يتوقفوا عن ذلك مهما دمروا من علاقاتنا وحياتنا، فهم يعملون بتؤدة وصبر كبيرين، ونَفَسُهُم طويلٌ جدًّا، يتدرجون معنا شيئًا فشيئًا؛ حتى نصل إلى أن يكون ذلك الجهاز، بما فيه من برامج ومقاطع، جزءًا من أجسادنا لا يمكن الاستغناء عنه.
إنّ تدارك الأمر وعدم الوقوع في الفخ المنصوب لنا متاح وبين أيدينا إن نحن أحسسنا بالمشكلة وأسبابها، ثم اجتهدنا في حلها قبل فوات الأوان ورحيل الشريك، ولن يكون حينها لمفردة الندم بكل مراتبها أي فعالية أو فائدة إلا زيادة في أوجاعنا وهمومنا وآلامنا.
قال أحدهم: «أحيانًا الإهمال يجبرك عن الابتعاد على الرغم من حبك الشديد لمن تحب».
عزيزي القارئ:
وضعت لك تحت المجهر عينة واحدة لعلاقة لها ثقلها وأهميتها في ميزان العلاقات الإنسانية، وسأترك لك المساحة كاملة كي تختار من العينات الأخرى ذات العلاقات الإنسانية المتنوعة، وكي تتأملها بعينٍ فاحصة متعمقة، وتسبر غورها، ثم تحاول انتشالها بيدين حانيتين إلى أن تصل بها إلى شاطئ الدفء الإنساني البشري، حيث هو الملاذ الآمن لها والحصن المنيع والمأوى الحقيقي، بعيدًا عن دفء مزيف كاذب، لا يقدم شيئا سوى النخر والهدم لحياتنا الواقعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.