في قطاعٍ يُحتضر من الجوع، بات الحصول على كيس طحين أو عبوة طعام أشبه بلعبة موت، تضع الأطفال في مرمى النيران. ففي وقتٍ ينتظر فيه مئات الفلسطينيين وصول شاحنات الإغاثة إلى وسط قطاع غزة، تحول الأمل إلى مجزرة دامية، حين أطلقت القوات الإسرائيلية النار باتجاههم، مما أسفر عن مقتل 25 شخصًا على الأقل، بينهم أطفال، وفق مصادر طبية وشهود عيان. طوابير الجوع ووقع الهجوم في ساعة مبكرة، حين فتحت القوات الإسرائيلية، مدعومة بطائرات دون طيار، النار على حشود مدنية كانت تتقدم نحو شاحنات مساعدات تموينية في منطقة قريبة من ممر نتساريم، وهو طريق يفصل شمال القطاع عن جنوبه. وأفاد مستشفى العودة في مخيم النصيرات أنه استقبل 25 قتيلًا و146 مصابًا، بينهم 62 في حالات حرجة. فيما استقبل مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ستة قتلى آخرين سقطوا في الهجوم ذاته. نار مباشرة وأكد شهود عيان أن القوات أطلقت النار مباشرة على المدنيين، حتى أثناء فرارهم، واصفين المشهد ب«الدموي والفوضوي». ويقول أحمد حلاوة، أحد الناجين، «كانت مجزرة بكل معنى الكلمة... الطائرات دون طيار والدبابات أطلقت النار بينما كنا نركض للنجاة بأرواحنا». وفي رواية أخرى، تحدث حسام أبوشحادة عن طائرات تحوم وتراقب قبل أن يُسمع وابل من الرصاص وسط جموع تبحث فقط عن ما يسد رمقها. عشرات الآلاف وتأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة من الهجمات المماثلة، حيث تقول مصادر فلسطينية إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار مرارًا على نقاط توزيع الغذاء التي يديرها مقاول أمريكي بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة. وتزعم إسرائيل أن ما تطلقه هو «طلقات تحذيرية» فقط. ووفق وزارة الصحة في غزة، ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 56.077 شخصًا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، من بينهم 5.759 شخصًا سقطوا بعد استئناف إسرائيل هجماتها في 18 مارس الماضي، عقب انتهاء وقف إطلاق نار دام شهرين. كما سُجّل 131.848 مصابًا منذ اندلاع الحرب، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال. وتصر إسرائيل على أن عملياتها تستهدف مسلحين، في حين تُحمل حماس المسؤولية بسبب نشاطها في مناطق مكتظة بالسكان، رغم أن الغالبية الساحقة من الضحايا هم مدنيون. كارثة صحية وفي موازاة المجازر والجوع، تواجه غزة كارثة صحية شاملة مع تفشي الأمراض المعدية، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي. فقد سجلت المستشفيات الميدانية ومراكز الإغاثة زيادة حادة في أمراض الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي وأمراض الجلد، خصوصًا بين الأطفال، نتيجة التكدس السكاني في مناطق النزوح، وتدهور شروط النظافة العامة، وانعدام خدمات الصرف الصحي. انعدام المياه والأدوية ويفاقم غياب المياه النظيفة وندرة الأدوية الأساسية من معاناة السكان، حيث باتت معظم الآبار ومحطات التحلية خارج الخدمة بسبب القصف أو نفاد الوقود. كما أُغلقت مئات الصيدليات، ونفدت أدوية الأمراض المزمنة والمضادات الحيوية وأدوية الحمى، في وقت يعاني فيه النظام الصحي من نقص حاد في الكوادر والمستلزمات الطبية، مما يجعل أبسط الإصابات مهددة بالموت. تداعيات المجاعة: • خطر موت جماعي للأطفال نتيجة نقص التغذية المزمن وسوء الأوضاع الصحية. • ارتفاع حالات الوفاة خارج ميادين القتال بسبب العطش، وسوء التغذية، وتوقف المستشفيات. • انهيار نظام الرعاية الصحية بالكامل مع تضاعف أعداد المصابين وتراجع الإمدادات الطبية. •تفشي الأمراض المعدية بين الأطفال بسبب انعدام المياه النظيفة وسوء النظافة. • انعدام الأمن الغذائي الكامل في أكثر من 90% من مناطق غزة، بحسب تقارير أممية.