بينما لا تزال كييف تلملم أشلاء ضحايا الهجوم الجوي الروسي الأحدث، يتهيأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للظهور أمام الإعلام الدولي ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ، في توقيت بالغ الحساسية يعكس عمق الاستقطاب في الأزمة الأوكرانية ومحيطها الإقليمي والدولي. الأعنف هذا العام وأسفر الهجوم الروسي على العاصمة الأوكرانية عن مقتل 28 شخصًا، بعد أن استهدفت ضربة صاروخية مباشرة مبنى سكنيًا مكوّنًا من تسعة طوابق في حي سولوميانسكي المكتظ بالسكان. وأكدت السلطات الأوكرانية أن 23 من القتلى كانوا داخل المبنى المنهار، فيما توزع باقي الضحايا في مواقع متفرقة من المدينة التي تعيش منذ أسابيع على وقع هجمات مكثفة. وواصل رجال الإنقاذ، مستخدمين الرافعات والكلاب البوليسية، أعمال البحث والانتشال تحت الأنقاض. والهجوم، بحسب كييف، جاء ضمن موجة قصف واسعة النطاق، أطلقت خلالها روسيا أكثر من 440 طائرة مسيّرة و32 صاروخًا في إطار ما وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه «أحد أضخم الهجمات» منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات. وتهدف موسكو، وفقًا للمراقبين، إلى إنهاك الدفاعات الجوية الأوكرانية وخلخلة الجبهة الداخلية. جهود السلام وفي موازاة التصعيد، لم تُحرز المبادرات الدبلوماسية، خاصة التي تقودها واشنطن، أي تقدم ملموس. كما أن الانشغال العالمي بملفات أخرى أضعف التركيز على الأزمة الأوكرانية. وأدانت السفارة الأمريكية في كييف الهجوم، معتبرة أنه يقوّض المساعي التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لإنهاء الحرب. مواجهة الغرب وفي خضم هذه الأحداث، يُنتظر أن يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الصحفيين الدوليين في جلسة مائدة مستديرة، على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرج، حيث يُتوقع أن يتطرّق إلى عدد من القضايا، على رأسها الحرب في أوكرانيا والتوترات بين إسرائيل وإيران، التي عرض التوسط فيها خلال اتصال هاتفي مع الرئيس ترمب. ويحاول بوتين من خلال المنتدى أن يسلّط الضوء على «الاستقرار الاقتصادي» في بلاده، رغم العقوبات الغربية. شروط الحرب في حين أكدت مصادر روسية قريبة من الكرملين أن بوتين رفض مؤخرًا مقترح ترمب لوقف إطلاق نار فوري مدته 30 يومًا، مشددًا على ضرورة «تجميد إمدادات الأسلحة الغربية إلى كييف ووقف جهود التعبئة العسكرية الأوكرانية» كشرط أساسي للتهدئة. وبينما تواصل موسكو ضغطها العسكري، يُنظر إلى تصريحات بوتين المرتقبة كفرصة لفهم إستراتيجيتها المستقبلية، سواء في ميدان أوكرانيا أو على مستوى التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط، حيث تلعب روسيا دورًا معقدًا بين شراكاتها مع إيران وعلاقاتها المستمرة مع إسرائيل.