يواصل "أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025" فعالياته، من خلال جلسات حوارية متخصصة ونقاشات تناولت أبرز التحولات المستقبلية في القطاع الصناعي، بمشاركة نخبة من المتحدثين والخبراء، بهدف استشراف مستقبل الصناعة الذكية، واستعراض سبل تسريع التحول نحو التصنيع المتقدم والمستدام. وتمحورت جلسات ثالث أيام أسبوع الرياض حول محور "مقدمي الحلول الصناعية"، حيث استُهلّت أعمال اليوم بتسليط الضوء على أهمية تسريع وتيرة الاستثمار في قطاعات البناء ومواد البناء بوصفها أحد روافد الاستدامة الصناعية. وقدّمت هذه الجلسة الأستاذة أمجاد السويدان، مديرة المشاريع في شركة معارض الرياض، بمشاركة الدكتور خالد الهاجري، نائب الرئيس في المركز الصناعي، الذي أكد أن المملكة تشهد تحولًا نوعيًا في بنيتها الصناعية، مشددًا على أن الاستثمار في المعرفة والتقنية يُعد الركيزة الأساسية لاستدامة هذا التحول. وعقب ذلك، انعقدت جلسة حوارية موسعة تحت عنوان: "من الصناعة 4.0 إلى الصناعة 5.0"، تناول فيها المشاركون مفهوم الانتقال من الأتمتة والرقمنة إلى التصنيع الإنساني المدعوم بالذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي. أدار الجلسة الدكتور جيمس مورغان، المستشار الرئيسي في شركة "جيمس مورغان أسوشيتس"، بمشاركة المهندس سامي سرحان، كبير المستشارين في المركز الوطني لتنمية الصناعة، الذي استعرض التوجه الوطني نحو تعزيز مرونة سلاسل الإمداد وتعميق المحتوى المحلي. كما شارك في الجلسة السيد كريم بوراك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ProcessMiner"، متحدثًا عن دور التحليلات التنبؤية في تقليل الفاقد في خطوط الإنتاج، فيما تناول السيد محمد شتينكايا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "Alloy Additive"، إمكانات الطباعة المعدنية ثلاثية الأبعاد في إعادة تشكيل مستقبل الصناعات الهندسية. وقدم عبدالله سنة، الرئيس التنفيذي لشركة "Tulip Advanced Technologies"، تصورًا تقنيًا متقدمًا لمنصات تشغيل المصانع الذكية، معتمدًا على الحوسبة الطرفية والتكامل اللحظي للبيانات. وفي دراسة حالة متقدمة، سلّطت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" الضوء على أدوارها المحورية في تمكين الثورة الصناعية الرابعة، عبر مجالات البحث والتطوير ونقل التقنية. واستعرض المهندس عبدالرحمن خوقير، خبير الثورة الصناعية الرابعة، أبرز مبادرات الجامعة في احتضان التجارب الصناعية الناشئة، فيما قدّم المهندس أسامة مدخلي، أخصائي الثورة الصناعية الرابعة، عرضًا تقنيًا حول تطوير النماذج الأولية باستخدام تقنيات الحوسبة الفائقة وتعلم الآلة، وذلك ضمن جهود "كاوست" لتعزيز حضور المعرفة التقنية في بنية الاقتصاد الصناعي الوطني. كما ناقشت الجلسة موضوع "تحوّل المصانع التقليدية إلى منشآت ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"، حيث تحدّث مستشار الطاقة المهندس مصطفى الحكيم عن أهمية تعظيم الاستفادة من الطاقة التشغيلية، في ظل متطلبات الكفاءة العالية والاعتمادية. وقدم خلال الجلسة المهندس فيصل بن دوس، الرئيس التنفيذي لشركة "EYOTIC"، مداخلة ركّز فيها على ضرورة ربط الأنظمة الصناعية بتقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، لضمان استمرارية الإنتاج وتمكين المعالجة الاستباقية، مؤكدًا أن المصنع الحديث لم يعد مجرد خطوط إنتاج ميكانيكية، بل كيان رقمي متفاعل قادر على اتخاذ القرار اللحظي. كما تضمنت الجلسات عنوانًا محوريًا هو: "الجيل القادم من الرقمنة الصناعية وحلول الأتمتة"، حيث استعرض المهندس بدر الخليفة، مدير فرع شركة "Yokogawa" في السعودية، حالات تطبيقية في أتمتة المصانع البتروكيماوية. وتناولت الأستاذة شيرين مسلم، الرئيس التنفيذي لشركة التميز المؤسسي، دور التميز التشغيلي المؤسسي وأثره في دعم المبادرات الرقمية. وقدّم السيد راكيش مادابالات، مدير شركة "Azentio Software"، تصورًا لحلول تخطيط موارد المؤسسات المرنة، فيما تحدث السيد عبدالعزيز السبيعي، مؤسس شركة "Nommas.ai"، عن تجربة وطنية في بناء أنظمة ذكاء صناعي متكاملة، تدعم التحليل التنبئي في الزمن الحقيقي. وفي دراسة حالة تكميلية للجلسة، قدّم السيد بنروي فيرنانديز، مستشار الحلول الرئيسي في شركة "Azentio Software"، عرضًا موسعًا حول دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنظمة تخطيط موارد المؤسسات (ERP)، مستعرضًا آليات تحويل هذه الأنظمة إلى أدوات تحليل فوري واتخاذ قرار لحظي داخل البيئات الصناعية. وفي محور الاستدامة، عُقدت جلسة نقاش جانبية بعنوان "التصنيع المستدام ومستقبل التلوث الصناعي"، شارك فيها كل من الدكتور جيمس مورغان، المستشار الرئيسي، والدكتور محمد الصرف، مدير قسم الكربون في مجموعة تلاد. وناقش المتحدثان متطلبات التحول نحو التصنيع الأخضر، مؤكدَين أهمية تبني تقنيات إنتاج منخفضة الانبعاث، وضرورة مواكبة التشريعات العالمية المرتبطة بالكربون والتنمية النظيفة. واختُتمت الجلسات بجلسة شاملة حملت عنوان: "الخدمات اللوجستية الذكية وسلاسل الإمداد المترابطة"، تناولت التحولات النوعية التي يشهدها قطاع النقل والإمداد في ظل الثورة الصناعية الرابعة، بما في ذلك الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتحليلات التنبؤية، والأنظمة المؤتمتة في إدارة سلاسل التوريد. وشارك في الجلسة الدكتور جوزيف وانغ، نائب الرئيس التنفيذي في شركة "Blue Sword Intelligent Technology"، مستعرضًا نماذج رائدة في بناء مراكز توزيع تعتمد على الذكاء الاصطناعي. كما قدّم السيد راجيف شودري، الرئيس التنفيذي للاستراتيجية والتحول في شركة "AJEX"، عرضًا حول التحول الرقمي في سلاسل التوصيل السريع. كما شهد اليوم الثالث من "أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025" تنظيم سلسلة من ورش العمل المتخصصة، تناولت موضوعات استراتيجية مثل برنامج التنافسية الصناعية، مصانع المستقبل، روابط الصناعات. وهدفت الورش إلى تعزيز المعرفة، وتحفيز الاستثمار، وتمكين الحلول الرقمية بما يواكب مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة. يُذكر أن اليوم الخميس هو اليوم الأخير لأسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025، الذي جمع تحت سقفه عقول الصناعة وروّادها، وفتح نوافذ الحوار حول مستقبلها، ليختتم مسيرته بعد أيام حافلة بالرؤى والمبادرات التي تُمهّد لمستقبل صناعي سعودي واعد.