في مشهد تاريخي غير مسبوق، وخلال القمة السعودية الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بوضوح وجرأة: «رفعنا العقوبات عن سوريا بطلب من ولي العهد». بهذه العبارة، لم يعلن ترمب مجرد قرار سياسي، بل اعترف ضمنيًا بحقيقة أكيدة: أن الرياض، بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هي من تُحدد مسار الأحداث، وأنها في قلب صناعة القرار العالمي. إنها لحظة مفصلية تعكس قوة وعراقة المملكة في التأثير على مسار التاريخ، وهي تبرهن على أن السعودية، منذ القدم، كانت وما زالت قوة مؤثرة في الساحة الدولية، لا يُمكن تجاهلها، ولا يُمكن لأحد أن يتخذ قرارًا في الشرق الأوسط دون المرور من بوابتها. الحنكة السياسية لا تُشترى، والنفوذ لا يُمنح. بل يُكتسب عبر سنوات من التخطيط، والمواقف الحكيمة، والتحالفات العميقة. وهذا ما فعله سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي أعاد صياغة الدور السعودي في المنطقة على أسس السيادة الحقيقية، والقرار المستقل، والنفوذ المؤثر. قرار رفع العقوبات عن سوريا لم يكن مجرد «طلب» بقدر ما كان بيان نوايا سعودي للعالم بأن حقبة العبث بمصير الشعوب قد انتهت، وأن الرياض اليوم تكتب الفصل الجديد من الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. القمة السعودية الأمريكية الأخيرة لم تكن اجتماعًا تقليديًا، بل منصة اختبار لمدى استيعاب الغرب للحقيقة الجديدة: أن السعودية أصبحت فاعلًا لا يمكن تجاهله، وأن أي ملف شرق أوسطي - من سوريا إلى اليمن، ومن فلسطين إلى أمن الطاقة - لن يُفتح دون المرور عبر أبواب الرياض. لقد تحدث ولي العهد بلغة المصالح العليا، بلغة القادة الذين يفهمون كيف تُدار الملفات المعقدة، وكيف تُصنع التوازنات بين القيم والمصالح. وبينما التزم الآخرون حساباتهم، اختار سموه الوقوف مع الشعب السوري، لا لأن في ذلك مكسبًا سياسيًا مباشرًا، بل لأنه الموقف العادل والنبيل الذي يصنع الفارق في التاريخ. حين ظهرت ملامح الفرح والفخر على وجه سمو ولي العهد بعد إعلان ترمب، لم تكن تلك ابتسامة انتصار سياسي فحسب، بل هي رسالة مشفّرة للعالم مفادها أن زمن الإملاءات انتهى، وأن زمن الإملاء بدأ... من هنا، من الرياض. ابتسامته كانت لغة دولة تقول: «نحن هنا، نصنع، نؤثر، ونقود». كانت ابتسامة قائد، لا يتعامل مع الملفات بلغة ردود الفعل، بل بلغة صناعة المستقبل. ما شهدته القمة السعودية الأمريكية لم يكن مجرد حدث سياسي، بل تجسيد حي لتحول عميق في موازين القوى الدولية. لقد أظهرت المملكة، بقيادة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، أنها لم تعد تنتظر من العالم أن يصنع لها أدوارها، بل باتت هي من يكتب عناوين المراحل، ويعيد صياغة المشهد بجرأة ورؤية واقعية. في عالم يموج بالاضطرابات، كانت المملكة - ولا تزال - صوت العقل والحسم، وملاذ الاستقرار، وركيزة القرار. ومن هنا، من قلب الجزيرة العربية، تُبعث رسائل السيادة، وتُكتب فصول المستقبل. فالذي قال يومًا: «طموحنا عنان السماء»، بات اليوم يَحكم الأرض بمنطق الحكمة، وبقوة التأثير، وبلغة الزعماء.