وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (82) من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    صندوق النقد الدولي يفتتح مكتباً إقليمياً بالرياض    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    الحزم يتحدى النقص العددي ويتمسك بالبقاء في «دوري روشن» بثنائية في الوحدة    تشافي سيبقى مدرباً لبرشلونة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    محمد بن ناصر يرعى تخريج طلبة جامعة جازان    في ذكرى الرؤية.. المملكة تحتفي بتحقيق العديد من المستهدفات قبل وقتها    لاعب ريال مدريد على رادار دوري روشن    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    جائزة الامير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تواصل استقبال المشاركات    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    استثمر في عسير ببلديات القطاع الشرقي    فيصل بن فرحان يهنئ وزير خارجية اليمن بمناسبة توليه مهمات عمله    فيصل بن بندر يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة الخرج    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    تسيير حافلات لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    «الإسلامية»: ضبط اختلاسات كهرباء ومياه مساجد في جدة.. لتشغيل محلات ومصاعد وبسطات    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 47 لمساعدة أهالي غزة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    "رسائل الأمل" من أطفال السعودية إلى غزة    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    أدوات الفكر في القرآن    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    النفع الصوري    مين السبب في الحب ؟!    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولي العهد أبهر العالم
نشر في الرياض يوم 07 - 05 - 2021

تَهُلُّ علينا اليوم الذكرى السنوية الرابعة لبيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، فمنذ أن تولّى سموه المهمة الوطنية تسارعت وتيرة الإنجازات على المملكة في الصعد كافة، الداخلية والخارجية، والتي «دائماً ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة»، هكذا كانت كلمات سمو ولي العهد حافزاً لتغيير الواقع، والمضي قدماً نحو مستقبل أفضل.
ولا شك في أنّ ولي العهد، وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله-، أظهر فطنة وأسلوباً لبقاً جذب أنظار العالم إليه، حيث اتسمت السياسة الخارجية للمملكة بالاستقرار والانفتاح والعمل على التعاون المشترك مع العديد من دول العالم، فقام سموه بجولات خارجية رسّخت مفهوم الشراكة الاستراتيجية كأسس لتوطيد العلاقات السياسية، مستغلاً حقيقة أن العالم لا يمكنه الاستغناء عن الدور السعودي على الصعد كافة، وبفضل هذه السياسة احتلت المملكة القيادة في العديد من المبادرات والقضايا العالمية.
وهنا نستعرض أبرز المكتسبات السياسية والأمنية والاقتصادية التي جنتها المملكة من خلال جولات سمو ولي العهد الخارجية، ذلك الأمير صاحب الرؤية الطموحة، والهمة العالية، والجهد القوي الذي يهز الصعاب، والعزم الذي لا يعرف الكسل والتواني، والشجاعة التي لا تعرف التراجع، حتى ذاع صيته في سماء المجد، فعرفه القاصي والداني بالجد والإنجاز، والخطط المتنوعة الهادفة، ومن أهمها:
أولاً: جولات ولي العهد وثوابت العلاقات
لقد راعى سمو ولي العهد في كلّ جولاته الخارجية الثوابت الأساسية التي تقوم عليها سياسة المملكة الخارجية، ومن أهمها عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، واحترام سيادتها، إضافة إلى تجنب الدخول في تكتلات مناوئة لبعضها البعض، ومن هنا، انطلقت التحركات الذكية لزيارات سموه لدول مختلفة في غرب المعمورة وشرقها، شملت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وباكستان واليابان وكوريا الجنوبية ودولاً عربية وغيرها، ووضعت نصب أعينها توثيق العلاقات السعودية بالدول العالمية المتطورة، وهو ما يطلق عليه في علوم السياسة ب(القوة الناعمة).
واللافت في الجولات الخارجية لسمو ولي العهد أنها أعادت تشكيل الاقتصاد والسياسة الخارجية السعودية، حيث ركزت في معظمها على الالتقاء بالشركات المهمة العالمية، ومحاولة جذبها للاستثمار في المملكة.
لذلك من الأمور المهمة ومنذ بزوغ نجم سمو ولي العهد -حفظه الله-، شهدت المملكة من خلال جولات سموه الخارجية انفتاحاً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق على العالم الخارجي، والتي أثمرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ومن هنا حظيت زيارات سموه الخارجية بأهمية كبيرة ومتابعة مستمرة من وسائل الإعلام العالمية كافة.
ويمكننا القول إن سمو ولي العهد -حفظه الله- قد فطن إلى ما لدى المملكة من مخزون القوة الناعمة الذي لم يستغل بعد، وأدرك كيفية استخدامه لتحقيق مصالح المملكة والمحافظة عليها، ثم نجح في تغيير موقف المملكة من سياسة ردود الأفعال، إلى سياسة صناعة الأفعال والمبادرات الإقليمية والدولية.
الانفتاح والتعاون المشترك.. نهج السعودية الجديدة
ثانياً: جولات ولي العهد والقوة الناعمة
في ظل السعي الحثيث من سمو ولي العهد -حفظه الله- لتطبيق رؤية المملكة 2030، استخدم سموه القوة الناعمة كأهم الأدوات السياسية والدبلوماسية المهمة، وذلك لما للمملكة من موقع ديني وسياسي واقتصادي مؤثر على مستوى العالم، حيث وضعت زيارات ولي العهد مصالح المملكة الاقتصادية نصب أعينها من خلال فتح أسواق عالمية للمنتجات السعودية، أو جذب استثمارات عالمية للسوق السعودية.
لذلك سنتطرق إلى القوة الناعمة في سياسة سمو ولي العهد الخارجية من خلال أبرز وأهم زياراته:
أ. الجولة الأميركية:
زار سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الولايات المتحدة في يونيو 2016م، وتخللت الزيارة لقاءات عديدة مع عمالقة صناعة التكنولوجيا في العالم، وكانت رؤية 2030 أهم المحاور التي طُرحت على طاولة رؤساء الشركات الأميركية، بهدف تعريفهم بحجم الفرص الاستثمارية المتوفرة في المملكة، خصوصاً تعزيز الصناعات المتقدمة التكنولوجية والعسكرية، وذلك استناداً لسياسة التقليل من الاعتماد على النفط إلى أدنى الحدود.
وخصص سمو الأمير جزءاً كبيراً من وقته في الولايات المتحدة لزيارة (وادي السيلكون) في سان فرانسيسكو، حيث مكان أغلب شركات التكنولوجيا العالمية العملاقة، وعقد سلسلة من الاجتماعات المكثفة مع مسؤولي هذه الشركات، وناقش معهم كيفية استفادة المملكة من هذه الابتكارات، إضافة إلى اطلاعهم على حجم الاستفادة من مشروعات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني.
ومن خلال هذه الاجتماعات تتضح لنا سياسة القوة الناعمة التي انتهجها سمو الأمير محمد، فالذهاب إلى الولايات المتحدة لم يكن نوعاً من الرفاهية وتأكيد المؤكد، ولا من باب الرسميات الجامدة، بل إن سمو الأمير كانت له أهدافاً محددة، وخطة معتمدة يسعى لتحقيقها من خلال زياراته إلى الدولة الأقوى في العالم.
الجد والإنجاز..
قوة محمد بن سلمان الناعمة
وقد أدرك سموه أن زياراته إلى الولايات المتحدة ستفتح نقاشات ساخنة حول أولويات بعينها، طالما أنه جاء بأجندة وخطة محددة ولن يتوانى عن تنفيذها، وكان في مقدمة هذه الأولويات الملفين الاقتصادي والعسكري، وزيارة أقطاب الصناعة والتكنولوجيا، إضافة إلى مقابلاته مع صناع القرار في الإدارتين الأميركيتين السابقتين.
لذلك يعي سموه تماماً أن الولايات المتحدة تولي مصالحها الاستراتيجية أهمية قصوى، وأنه إذا أراد تحقيق خططه الهادفة إلى تحويل المملكة لأحد الأقطاب المؤثرة بقوة في شتى المجالات، فعليه أن يستغل الحرص الأميركي على مصالحه، وأن يعامله بالمثل أيضاً، استناداً إلى سياسة القوة الناعمة.
ومن أهم الزيارات الخارجية الناجحة التى أجراها سموه للولايات المتحدة كانت في أبريل من عام 2018م، والتي استغرقت ثلاثة أسابيع كاملة، شهدت توقيع اتفاقيات، وشراكات اقتصادية وتجارية، ومذكرات تفاهم، وتعزيز للاستثمار بين البلدين، وتعميق الصداقة المبنية على الشراكة الاستراتيجية، حيث التقى سموه برموز السلطات الأميركية ومؤسساتها التي تصنع السياسة العالمية، فتحدث معهم بهدوء وثقة، مستنداً إلى سلاح الوضوح والمعلومة الصحيحة، وذلك لخلق بيئة من التعاون الذي يخدم الدولتين الصديقتين وشعوب العالم.
وعنون وقتها الكاتب ديفيد أغناطيوس مقالته في صحيفة (واشنطن بوست) عن سمو ولي العهد -حفظه الله- ب« أمير شاب يعيد تصوير المملكة.. فهل لرؤيته أن تصبح حقيقة»؟، واسترسل في مقالته: بعد مرور عامين على حملته كمحفز للتغيير في المملكة النفطية المحافظة، يبدو أن سمو الأمير محمد بن سلمان بدأ بالعمل بثقة، واضعاً نفوذه للدفع بجدول أعماله للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
ويضيف: لقد تحدث الأمير محمد بشكل تفصيلي حول مواضيع عدة مثل السياسة الخارجية وغيرها من الخطط الداخلية، مؤكداً أن «عنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات».
لذلك كانت لزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان التاريخية للولايات المتحدة أصداء واسعة عدّها المحللون السياسيون الأميركيون وخارجها نقطة تحول مهمة في تطور الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، وتغييراً جذرياً في الصورة النمطية للمملكة في أوساط الرأي العام الأميركي، وأن الأمير الشاب نجح إلى أبعد الحدود في ترسيخ صورة جديدة لمملكة تتطلع بثقة إلى مستقبل طموح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور العلمي والتقني والانفتاح الثقافي والحضاري.
ب. الجولة الروسية:
لا يخفى على الجميع ما يقوم به سمو ولي العهد، عرّاب السياسة، من خطوات ثابتة نحو رسم مستقبل المملكة الجديد عبر تسخير الإمكانات والطاقات المتاحة في سبيل تعزيز تواجدها عالميا سياسياً واقتصادياً، بالتزامن مع سعيها في تذليل العقبات وتطويع غير المتاح ليسهم في نهضتها القادمة المتمثلة في «برنامج التحول الوطني» 2020 الذي يعد شارة البداية في طريق تحقيق رؤية المملكة 2030، وترسيخ مكانتها الدولية والإقليمية، حيث كشفت زيارة سمو ولي العهد لروسيا العمق السياسي والرؤية النيرة التي تنتهجها المملكة تجاه السياسة الدولية، والعلاقات مع القوى العالمية، وتأكيد سموه خلال لقائه بالرئيس الروسي، أن سياسة المملكة ثابتة على الدوام، ونابعة من مسؤوليتها العربية والإسلامية والدولية.
ورأى سمو ولي العهد أن هناك أهمية وحاجة ملحة لتطوير العلاقات مع روسيا فهي دولة مهمة وصاحبة مواقف لها وزنها، والدور الروسي المؤثر في إيجاد تفاهمات ومعالجات في قضايا عديدة سياسية واقتصادية في المنطقة والعالم، وفي المقابل تعاملت روسيا مع زيارات ولي العهد باهتمام بالغ، حيث أوجدت المباحثات قواسم مشتركة للتوافق على التعاون في مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية، وتم توقيع اتفاقيات اقتصادية مهدت لاتفاق تاريخي بين المملكة وروسيا ومنظمة الأوبك للحفاظ على استقرار سوق النفط، وما أدل على ذلك من مخاطبة سمو ولي العهد للرئيس الروسي عندما قابله: «لقد حققنا معاً الكثير ولا يزال أمامنا المزيد لإنجازه».
ج. الجولة الأوروبية:
رؤية 2030 لا تنحصر بالمملكة فقط..
الكل مستفيد
لقد رأى سمو ولي العهد أن القدرة على رسم خريطة طريق لتوطيد العلاقات مع الدول الأوروبية تتكئ على مرتكزات واقعية من تبادل الثقة بين الأطراف، والانخراط في منظومة جديدة وجادة تحقق الاطمئنان لتلك الدول المستثمرة في المملكة.
لذلك نجد أن الزيارات التاريخية التي قام بها سمو ولي العهد - حفظه الله -، إلى الدول الأوروبية هي إضافة حضارية للسجل التاريخي الذي يكتبه سموه الكريم، حيث اتسمت زياراته بالكثير من الملامح التي تحقق نجاحها، فهي واضحة في أهدافها، شديدة العطاء في مراميها على المدى البعيد، وسنتطرق في هذه الجولة إلى ثلاث زيارات مهمة، وهي:
* زيارة المملكة المتحدة: لا شك أن زيارة ولي العهد إلى بريطانيا حظيت باهتمام كبير من الحكومة في بريطانيا، في ظل سعي لندن نحو الفوز بعلاقات أكثر دفئاً مع الرياض، حيث استقبلت جلالة الملكة إليزابيث الثانية سمو الأمير محمد في مستهل زيارته، وأقامت لسموه مأدبة غداء في قصر باكنجهام الملكي، وبدورها أكدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، بعد اجتماعها مع ولي العهد أهمية العلاقات السعودية مع بريطانيا، ثم أشارت خلال جلسة في البرلمان إلى أن «الصلة التي تربطنا بالسعودية تاريخية، إنها مهمة وأنقذت أرواح المئات من الأشخاص على الأرجح في هذه الدولة»، وبدوره أكد عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين ليو دوتخيرتي أن «بريطانيا تدعم الأمير محمد شخصياً، وتدعم رؤية 2030 الإصلاحية التي يتبناها، ونؤكد لولي العهد السعودي أن بريطانيا تقف بجانب المملكة في تحدي النفوذ الإيراني في المنطقة، وفي وجه الإرهاب»، ثم قال كواسي كوارتينغ عضو البرلمان البريطاني: «إن الأمير محمد شخصية ديناميكية، ويملك رؤية واضحة واستراتيجية متماسكة لتحقيق هذه الرؤية».
لقد عكست زيارة سمو ولي العهد الصورة الإيجابية لحجم المملكة وثقلها على المستوى العالمي سياسياً واقتصادياً ودينياً فقد كان الاستقبال التاريخي للملكة إليزابيث الثانية لولي العهد في قصر باكنجهام بمثابة دلالة واضحة على مكانة المملكة ومستوى العلاقات التاريخية السعودية البريطانية.
وعلى الرغم من أن العلاقات القوية التي تجمع بين الرياض وواشنطن كحليفين استراتيجيين، إلا أن ولي العهد حرص على تقوية العلاقات بالدول الأخرى الفاعلة في السياسة الدولية، عبر اتباع استراتيجية توسيع دائرة الحلفاء، ما يقوي من مواقف المملكة في القضايا الاقليمية والعالمية، ويدفع باتجاه مراعاة مصالحها، ويضمن لولي العهد أن تكون بلاده رقماً صعباً في قضايا المنطقة بل والعالم أجمع.
* زيارة فرنسا: لا يفوت سمو ولي العهد -حفظه الله- الفرصة ليرسخ العلاقة التاريخية بين المملكة وفرنسا التي تمحورت زيارته إليها حول إقامة شراكة استراتيجية جديدة، والانطلاق نحو الاستثمار بين البلدين، وفتح المجال أمام الشركات الفرنسية للاستفادة من مجال التصنيع وغيره من المجالات، حيث التقى الرئيس الفرنسي ماكرون بمتحف اللوفر، ثم أجرى لقاء موسعاً مع رئيس الوزراء الفرنسي أدوارد فيليب بحضور وفدي البلدين، كما أجرى سموه لقاءً منفرداً مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي.
ولا شك أن هذه الزيارة فتحت أبواباً جديدة للتعاون بين البلدين، والانتقال من التحالف إلى الشراكة.
* زيارة أسبانيا: شهدت الزيارة الرسمية التي قام بها سمو ولي العهد - حفظه الله - لأسبانيا استقبالا حافلاً من الملك فيلبي السادس، ثم التقى ولي العهد برئيس الوزراء الأسباني ماريانو راخوي في قصر مونكلوا، حيث جرى بحث سبل تطوير التعاون الدفاعي من أجل نقل وتوطين التقنية في الصناعات العسكرية، ثم عبرت إسبانيا عن دعمها القوي لرؤية المملكة 2030، فيما رحبت المملكة بإسبانيا كشريك مهم في تنفيذ هذه الرؤية الهادفة للتنوع الاقتصادي وإطلاق الطاقات الكامنة للمجتمع السعودي.
لقد حملت رحلة سمو ولي العهد الأوروبية نتائج عظيمة لم تكن بالحسبان، فلم تكن زيارة مجاملات، ولا هي جولات برتوكولية تقليدية، لكنها قدمت إجابات واضحة حول الخطط القوية التي بدأت المملكة في انتهاجها عبر عدة وسائل تهدف جميعها لوضع بلادنا في مقدمة الدول.
واتسمت خلالها أفعال سموه بالجسارة، والقوة، وتخطي المألوف والسائد، لتقديم صورة واضحة تماماً عن جهوده الملموسة والقوية التي يتبناها، حيث يقود حركة التجديد بكل قوة وثبات ليضع المملكة على أعتاب المستقبل المشرق.
د. الجولة الآسيوية:
امتداداً لجهود سمو ولي العهد في ترسيخ أواصر التعاون فى كافة المجالات، جاءت جولاته الآسيوية من منطلق الشراكة التاريخية مع دول آسيا، كما حملت جولاته الآسيوية أهمية استراتيجية كبرى، إذ إنها مثلت رسالة سعودية إلى العالم في أن لديها مصالح كبرى في الشرق، وأنها لا تهملها لحساب جهة معينة أو محور معين، طالما أن ذلك يحقق مصالحها، ويخدم سياستها وقضاياها التي تدافع عنها. وإن السعودية لا تضع بيضها في سلة واحدة، ولا ترهن سياستها لجهة واحدة. لتُدشن الجولات مرحلة لافتة في مفهوم الشراكات الاستراتيجية، وتفعيل للسياسة السعودية الجديدة.
* زيارة الصين: كانت الصين دوماً في مقدمة زياراته، الأمر الذي حدا بدولة عظيمة كبرى كالصين للحديث مراراً ومن خلال خبرائها الاقتصاديين، عن المواءمة والتكامل بين رؤية المملكة 2030 ومبادرة الرئيس الصيني التاريخية (الحزام والطريق) والشهيرة بمبادرة (طريق الحرير الجديد).
لذلك، كانت رؤية 2030 محوراً مهماً من محاور زيارة ولي العهد إلى الصين، خصوصاً أن التجربة الصينية من أنجح التجارب الاقتصادية في العالم، وإذا كانت رؤية 2030 تتضمن أهدافاً طموحة، تعتمد في كثير من جوانبها على الاستثمارات الأجنبية، وتوطين الصناعة والتقنية، ونقل التكنولوجيا، فإن سمو ولي العهد أدرك مبكراً أن الصين تعد الأكثر أهمية للمملكة في الوقت الراهن، والقادرة على المساهمة الفاعلة في تحقيق الكثير من متطلبات رؤية المملكة الاقتصادية، من خلال نقل التكنولوجيا الحديثة وتوطينها، واجتذاب استثمارات بمليارات الدولارات من شركات نوعية، ليعزز ذلك ديمومة التعاون لبناء الثقة والانفتاح على مناخ التكامل نحو مستقبل اقتصادي وصناعي ومعرفي وأمني واعد.
لقد أذهلت الرؤية الطموحة لسمو ولي العهد كثيراً من المراقبين الاقتصاديين الصينيين، إذ يرون أنها ستنقل المملكة إلى مصاف الدول الاقتصادية الكبرى، وتسهم في تحقيق الرفاهية للمواطن السعودي، لا سيما أنه لم تأتِ زيارات سمو ولي العهد إلى الصين من باب الزيارات البروتوكولية، وإنما لثقل الدولتين عالمياً، ولنجاحهما في تحقيق نمو اقتصادي متسارع، وقدرتهما على تجاوز التحديات والعقبات، والمضي قدما في تحقيق الإنجازات الاقتصادية، كذلك احترام الصين للمملكة وثقلها كشريك فاعل ضمن أكثر المنظومات الاقتصادية المستقرة.
* زيارة اليابان: جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان لليابان استكمالا للصداقة التاريخية بين الشعب السعودي والشعب الياباني، واحيطت الزيارة برعاية وأهتمام كبير حيث ألتقى سمو بولي عهد اليابان ناروهيتو في طوكيو وكذلك أمبراطور اليابان أكيهيتو، كما شملت الزيارة لقاءات ومباحثات عديد مع المسؤولين اليابانيين حول فرص مشاركة اليابان في رؤية المملكة 2030، واستعد اليابانيون جيدا للزيارة للمشاركة في الانفتاح الاقتصادي السعودي واغتنام فرص الاستثمار والمشاركة في المشروعات الاقتصادية والصناعية والتجارية التي أعلنت عنها المملكة بوضوح وبشكل يساعد الآخرين على أخذ قراراتهم المناسبة.
* زيارة باكستان: دائماً ما تندرج زيارة سمو ولي العهد إلى باكستان في سياق التحالف التاريخي بين المملكة وباكستان، وهي امتداد للعلاقات التاريخية بين الدولتين، وتعزز النهج نفسه في تعميق التقارب والتفاهم المشترك بينهما.
ولم تكتفِ زيارة سموه بترسيخ العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين فقط، وإنما امتدت إلى آفاق سياسية واقتصادية رحبة، لخصها سمو ولي العهد بقوله: «إن باكستان دولة مهمة، وأثق من مستقبلها الزاهر، فلديها طاقات وفرص هائلة، وأعتقد بأن باكستان ستكون من أكبر الاقتصادات في العالم مع حلول عام 2030م.
* زيارة الهند: اكتسبت زيارة سمو ولي العهد إلى الهند أهمية خاصة يدعمها تاريخ عريق وحاضر ساطع ومستقبل زاهر، وتعد العلاقات الاقتصادية مع الهند هي الأكثر حيوية، من خلال اعتماد الهند في جزء كبير من وارداتها البترولية على إنتاج المملكة، فهي تحصل على ثلث حاجاتها البترولية من المملكة، فيما تحول الوجود الهندي من مجرد قوى عاملة بلغت مليوني عامل مقيم بالمملكة إلى شركات ومؤسسات هندية، تتعاون مع الشركات الوطنية، وتتنافس مع كبريات الشركات العالمية في تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية، بما في ذلك هناك نحو خمس مئة مشروع مشترك، ولا سيما مشروعات الطاقة.
* زيارة كوريا الجنوبية: واصل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد تثبيت أعمدة المستقبل السعودي المشرق، موجهاً بوصلته الدقيقة إلى مركز المستقبل العالمي، الشرق الآسيوي، معقل الصناعة والتكنولوجيا، من خلال قراءة لماحة لتغير مركز الثقل العلمي والتقني والاقتصادي في العالم، وذلك في إطار الرؤية الطموحة (المملكة 2030)، حيث دشن ولي العهد الحلقة الجديدة من سلسلة الشراكات العالمية مع قوى المستقبل، عبر إرساء اتفاقيات تعاون وتفاهم وتراخيص استثمار مع كوريا الجنوبية، تعزز التوجه الصناعي والتكنولوجي للمملكة، ضمن مستهدفات الرؤية 2030، مختصراً أهداف الزيارة بقوله: «هناك إمكانات هائلة، وشراكة بين البلدين غير مستغلة، وفرص لزيادة التبادل التجاري والاستثمار، بالإضافة إلى تطوير القدرات الدفاعية، وتحقيق ازدهار اقتصادي من خلال البناء المشترك للصناعات وتطوير رأس المال البشري وتحسين جودة الحياة بين الشعبين».
لقد جاءت جولات سمو ولي العهد الآسيوية لتدشن مرحلة إضافية في مفهوم الشراكات الاستراتيجية، وجاءت ترجمة لمحددات السياسة السعودية الخارجية، ولتبني على ما سبق من زيارات واتفاقيات ما يعني الانطلاق لآفاق رحبة، وتعاون جاد في ملفات عديدة، وهذا يتجلى في زيارة دول بحجم اليابان والصين وباكسان والهند ذات التجارب والخبرات الاقتصادية، ما يعني ذلك تكريس المضي في تنفيذ رؤية المملكة 2030م.
محمد بن سلمان: لدينا شعب طموح وقدرات شبابية هائلة
ه. الجولة العربية:
ترسيخاً لمبدأ توحيد الصف العربي أمام التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية، كون المملكة ذات ثقل ديني وسياسي واقتصادي، وأحد أهم الأعضاء الفاعلين والفعالين في المجتمع الدولي، والحصن المنيع ضد سهام الأعداء وخاصة الخطر الإيراني، أجرى سمو ولي العهد - حفظه الله - العديد من الجولات العربية، لمناقشة جملة من القضايا والملفات على الصعيدين العربي والإقليمي ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز دور التحالف العربي والإسلامي فى اليمن، بل إن أول جولاته الخارجية عقب بيعته فى يونيو من عام 2017 كانت لجمهورية مصر العربية ولقائه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وذلك في مارس 2018م، وتبع ذلك العديد من الجولات العربية على مدار عام 2018م شملت دولة الإمارات العربية الشقيقة ومملكة البحرين وتونس والجزائر وموريتانيا والأردن.
وقام سمو ولي العهد من خلال هذه الجولات العربية وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله- بمناقشة المخاطر المحدقة بالمنطقة العربية مع أشقائه، والتصدي لتلك المشروعات التي تسعى لصياغة سايكس - بيكو جديد يعمل على تجزئة المنطقة العربية، وزرع الطائفية، وإذكاء الفتن والاقتتال، وتوطين الإرهاب، والذي لن يخلف سوى الخراب والدمار واستنزاف مقدرات الدول العربية وشعوبها.
ولكن عندما رأت المملكة أن هذه الفوضى المراد لها أن تستمر حتى تؤتي ثمارها الفاسدة، وتحقق مبتغى من رعاها، حركت طائراتها وقواتها لتوقف سعار هذه المؤامرات النتنة في اليمن، وتوقف مشروعات إيران وأطماعها باستخدام الميليشيا الحوثية.
وكانت هناك رسائل مهمة وقوية قد وجهها ولي العهد خلال جولاته العربية، والتي أكدت المكانة التي يحظى بها سمو ولي العهد، أن العلاقة القوية التي تربط المملكة بشقيقاتها أكدها وجود رفض رسمي وشعبي عربي للحملات الممنهجة التي تستهدف النيل من دور المملكة الإقليمي والدولي.
لذلك ومنذ لحظاته الأولى ولياً للعهد، عمل الأمير محمد بن سلمان على توحيد الجهود العربية والإسلامية، وبذل العديد من الجهود من أجل تنسيق العمل العربي المشترك، وتوحيده لمواجهة التدخل الإيراني في بعض الدول العربية وفي المنطقة بشكل عام، وإنهاء العمليات التخريبية بالمنطقة.
وأما عن منجز سمو ولي العهد في دول مجلس التعاون ودول الجوار الإقليمي، فقد طمأنهم بعاصفة الحزم، واضعاً المملكة في مكانها الصحيح كدولة عظمى، كما دعم سموه تنظيم القمة العربية الإسلامية الأميركية، بهدف تقوية الروابط والتعاون في مجال مكافحة التطرف والإرهاب.
وأيضاً قدم رؤية عربية تستشرف تحديات واحتياجات المستقبل ومتغيراته، وذلك لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في الوطن العربي كنهج ثابت وراسخ يؤكد مكانتها الرائدة بين دول المنطقة والمجتمع الدولي.
ولهذا استحق سمو ولي العهد شهادة تقدير (درع العمل التنموي العربي) لعام 2021م، والتي منحتها لسموه اللجنة العليا للتنسيق بالجامعة العربية، وهذا التكريم له معطيات وأطر تلتقي أبعادها لترسم ملامح المشهد الشامل لجهود سمو ولي العهد ورؤيته التي امتدت آفاقها التنموية على الصعد المحلية والإقليمية كافة.
ثالثاً: جولات ولي العهد والاستثمارات الدولية
بعد أن قاد عملية تطهير كبرى ضد الفساد في المملكة، هدفت جولات سمو ولي العهد الخارجية إلى إثبات أن المملكة ترحب بالاستثمارات الدولية، وتقود عملية تحوّل كبرى تدفع نحو تنويع الاقتصاد السعودي، وعدم ركونها إلى النفط كمصدر وحيد للدخل، وأن رؤية المملكة 2030 تقود نحو تحقيق هذا الهدف.
وأعاد سمو ولي العهد تشكيل التحالفات الخارجية للمملكة، من خلال رؤية جديدة تتوازى مع حجم البلاد الإقليمي والعالمي، وتواكب الأهمية الدينية والاقتصادية والسياسية، حيث تمكنت جولاته الخارجية من تطوير العلاقات السعودية مع القوى العالمية والدول الناشئة، وأعطت فكرة عن شكل السعودية الجديدة، وشرح طريقة عملها، الأمر الذي تُوِّج بدعم الدول العالمية لوجهة النظر السعودية في كثير من تلك القضايا والأحداث.
كما أعادت جولات سموه الخارجية تشكيل الاقتصاد السعودي والسياسة الخارجية، واللافت أنها ركزت في معظمها على الالتقاء بالشركات المهمة في كل بلد، ومحاولة جذبها للعمل والاستثمار في المملكة، لا سيما أن استراتيجية ولي العهد تهدف إلى بناء اقتصاد غير نفطي، على الرغم من أن المملكة من أكثر الدول إنتاجاً للنفط في العالم، لكن جاءت نظرة الأمير محمد المستقبلية للاقتصاد مغايرة، كون المملكة وجهة استثمارية مفضلة، وبوابة للعالم لربط القارات الثلاث، ويحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية، وتمتلك شعباً طموحاً وقدرات شبابية هائلة يجب استغلالها لرفعة هذا الوطن، وهذا ما أكد عليه سمو ولي العهد كعامل نجاح أول لهذه الرؤية عندما شارك في جلسة حوار استراتيجية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في 14 يناير 2021م، بحضور أكثر من 160 من قادة ورواد الأعمال المؤثرين الدوليين الذين مثلوا 28 قطاعاً و36 دولة، حيث تطرق سموه للفرص الاستثمارية الكبرى في المملكة التي تصل قيمتها إلى ستة تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
رابعاً: جولات ولي العهد والأبعاد الاستراتيجية
حظيت جولات سمو ولي العهد الخارجية باهتمام عالمي كبير، خصوصاً أنه المسؤول الثاني في المملكة، والمعروف بطريقته غير التقليدية، ورؤيته الإصلاحية التي تطرق جميع الأبواب داخلياً وخارجياً.
وسنتطرق في هذه الفقرة إلى أهم الأبعاد الاستراتيجية التي تناولتها جولات سمو ولي العهد، وهي:
أ. البعد السياسي والأمني: لقد كان البعد السياسي والأمني الحاضر الأبرز في لقاءات واجتماعات سمو ولي العهد، حيث كانت مشكلات المنطقة الداخلية والخارجية ِحاضرة في كل محطاته، وما تواجه من تحديات ومخاطر في اليمن وسورية وليبيا والعراق ولبنان وفِي كل مكان، وأكد المراقبون والمهتمون أن سمو ولي العهد كان واضحاً في مناقشاته، ووضع النقاط على الحروف فيما يخص كل المشكلات الماثلة.
ب. البعد الاقتصادي: أعلن سمو ولي العهد في بداية كل جولاته، وكرر ذلك في أكثر من مناسبة، أن من أهم أهداف جولاته البحث عن شركاء أكفياء ينخرطون في منظومة الفعاليات الاستثمارية والتقنية والفنية لتحقيق الأهداف المثلى لرؤية المملكة 2030.
وخير دليل على ذلك زيارة سموه للولايات المتحدة والتي استغرقت 19 يوماً، زار خلالها أهم المدن الكبرى والشركات العملاقة التي يبحث فيها عن ضالته في التنمية والتطوير والبناء، بالإضافة إلى اللقاءات مع كبار رجال الأعمال، لأن التجربة الأميركية هي الأقوى، والصداقة معها هي الأمثل والأكثر رسوخاً، وكرر سموه ذلك في المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا والصين.
ج. البعد الاجتماعي والثقافي: قبل أن يبدأ سمو ولي العهد بجولاته الخارجية كان قد اتخذ عدداً من القرارات الشجاعة داخل المملكة لتهيئة بنية اجتماعية وثقافية مناسبة.
وبعد أن اطمأن إلى نجاعة قراراته وما أنجز، قام بجولاته الخارجية، قائلاً للعالم نحن قد تغيرنا إلى الأحسن، وأصبح المواطن يعيش حياة طبيعية، وقابلاً للتعايش والتفاهم والتعاون مع الآخرين، واتخذ صيغة لحياته تلائم العصر الذي نعيشه ونريد أن ننافس فيه، ولا شك أن مجتمعنا سيكون جاهزاً لاستقبال 50 مليون سائح أجنبي في العام 2030 كما تتوخى الرؤية، وكذلك سيرحب بالمستثمرين.
لذلكً كان من أهم ثمار جولات سمو ولي العهد الخارجية هو تحسّن الصورة الذهنية عن السعودية والسعوديين.
خامساً: جولات ولي العهد ومجموعة العشرين
لا شك أن المملكة بما تملكه من مقدرات ومقومات اقتصادية، جعلتها عضواً في مجموعة العشرين، ومثلها في لقاء الأرجنتين في 28 نوفمبر 2018م سمو ولي العهد، وذلك لما يحمله من كاريزما القيادة والتأثير الفاعل، لدفع عجلة الاقتصاد الدولي وتحفيزه إلى الإمام، ولتحقيق تنمية مستدامة على الصعيد الدولي لخدمة الإنسانية.
وأتى تمثيل سمو ولي العهد للمملكة في قمم العشرين تأكيداً على أهمية سموه كشخصية اقتصادية رائدة على المستوى الدولي، بما يحمله من فكر اقتصادي شمولي وكلي وبعيد المدى على المستوى المحلي والدولي، حيث خطف الأمير محمد بن سلمان كل الأنظار وأصبح هو القمة بعينها.
و«دائماً ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى هي تلك التي تُبنى على مكامن القوة»، هذا ما قاله سمو ولي العهد، لأن المملكة استطاعت في مدة وجيزة أن تُحقق إنجازات غير مسبوقة عبر رؤيتها الحالمة، بسواعد وطاقات وطنية همتها كجبل طويق، حتى أضحت أحد أكبر اقتصاديات العالم، الأمر الذي هيأها لرئاسة مجموعة العشرين، لذلك لا عجب أن تُصنف (Fitch) المملكة بأنها الأقل بين دول العشرين انكماشاً للاقتصاديات.
ولا يتوقف دور المملكة بانتهاء رئاستها لقمة مجموعة العشرين، فما حققته من إنجازات في ظل دورة أحاطت بها ظروف استثنائية وتقديمها نموذجاً فاعلاً في القيادة وقت الأزمات، يجعل الأنظار تتطلع إلى استمرار تلك الجهود وتعزيز الاستفادة من الخبرة السعودية في التعامل مع ذلك الظرف.
وتأسيساً على ذلك، لخص بيان سمو ولي العهد مسيرة عام من النجاحات المتلاحقة لرئاسة المملكة لمجموعة العشرين في ظروف استثنائية، بما يعكس ما تشهده المملكة من تطور وتحديث، وفكر يسعى نحو نهضة شاملة تمزج بين رؤية وطنية للتنمية، وتصور لحركة الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة، ومن هذا المنطلق أكد سموه أن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين كرست جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة.
سادساً: جولات ولي العهد والتسامح الديني
من أهم السمات التي تميز ولي العهد -حفظه الله- إبداء التسامح الديني والمرونة في التعامل مع الديانات والطوائف الأخرى، فخلال زيارته إلى جمهورية مصر العربية حرص سمو ولي العهد على زيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة، والتي تعد أكبر مجمع كنسي مسيحي للطائفة الأرثوذكسية في مصر، حيث التقى بابا الكنيسة المصري تواضروس الثاني الذي نقلت عنه وسائل إعلام مصرية تأكيده أن سمو ولي العهد تحدث عن محبته للأقباط والعلاقات الطيبة التي تجمعهما، وأشاد بدوره بهذه اللفتة الطيبة كونها تساعد في مواجهة العنف والإرهاب الذي ابتليت به المنطقة العربية، ثم استطرد حينها قائلاً: «إن التقارب مهم جداً من أجل الإنسانية، نحن في الكنيسة نرحب بهذه الزيارة ونقدم التحية كاملة إلى الشعب السعودي وإلى الملك وإلى الوفد المرافق لسمو الأمير محمد».
ومع هذه الخطوات التي انتهجها سمو ولي العهد كديدن للمملكة تجاه الإنسانية جمعاء، ونحو إظهار وجهها التسامحي مع الآخرين، فإن زيارة ولي العهد أظهرت أيضاً في الوقت ذاته حفاظ المملكة على هويتها العربية الإسلامية، التي لا تدخر جهداً في تقديم المساعدة للمسلمين وإعلاء كلمة الله، حيث زار ولي العهد مشيخة الأزهر الشريف، والتقى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأثنى على الدور المهم الذي يقوم به الأزهر الشريف وعلماؤه الأجلاء في مواجهة ما يحيق بالعالم الإسلامي والعربي من مخاطر، باعتباره من أهم منارات وركائز الفكر الإسلامي في نشر ثقافة الوسطية والتعايش والسلام ومكافحة الفكر المتطرف.
سابعاً: جولات ولي العهد والإشادات العالمية
استطاع سمو ولي العهد -حفظه الله- أن يستحوذ على اهتمام زعماء العالم وإشاداتهم، وذلك لما يتمتع به من أفكار غير تقليدية وجريئة، فهو القائل: «لا يليق ببلدنا إلاّ أن يكون في الصدارة».
ونستحضر هنا بعض الإشادات، حيث شهد لسمو الأمير محمد بن سلمان أهم قادة الدول، ومنهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب حين ذكر أن الأمير محمد موثوق به، ووصف أداءه بأنه (مذهل)، واعتبره صديقاً لي، وذلك على هامش قمة العشرين في اليابان 2019م، ثم وصف في مناسبة أخرى تولي سموه لولاية العهد قائلاً: «إن اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد يُسهم في ترسيخ الشراكة السعودية - الأميركية».
أما الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، فقال في أحد لقاءاته التلفزيونية: «أتيحت لنا الفرصة للعمل عن قرب مع الأمير محمد بن سلمان، وأثار أعجابنا بكونه رجلاً واسع الاطلاع ولديه معرفة واسعة، وذكياً جداً، وحكيماً تخطى سنيناً من عمره... وما نراه في دول الخليج في رأيي هو قيادات شابة أكثر تتولى مناصب قيادية تتطلب منها اتخاذ القرارات، وأعتقد أن هذا أمر إيجابي».
وفي مقابلة مع وكالة «بلومبرغ» أشاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بسمو ولي العهد قائلاً: «الأمير محمد بن سلمان مسؤول دولة، مليء بالحيوية والنشاط، وتجمعنا به علاقات ودية، فهو رجل يعرف تماماً ما يريد، ويعرف كيف يحقق أهدافه... وأعتقد أنه شريك جدير جداً بالثقة، ويمكنك الوصول معه إلى اتفاقيات تستطيع القول بأنها ستنفذ».
وأشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بسمو ولي العهد، وكشف عن استحقاقه للدعم: «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مصلح يستحق كل الدعم والتشجيع»، وأيضاً جاءت الإشادة بسموه من رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير قائلاً: «ولي العهد لديه رؤية قوية وواضحة وحديثة للمملكة، وهو الحدث الأكثر أهمية بالمنطقة في السنوات القليلة الماضية».
وقال إمبراطور اليابان ناروهيتو حين استقباله لسمو الأمير محمد بن سلمان بقصر أكاساكا: «سنمضي مع المملكة لتحقيق رؤية 2030، وكان لسمو ولي العهد دوره المؤثر في الساحة الدولية، وظلت المملكة صامدة في ظل الأزمات التي يعانيها العالم الآن بل تزداد قوة وترابطاً».
وأكد رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي أيضاً على أهمية الشراكة من خلال رؤية ولي العهد 2030: «إنه وأثناء زيارة سمو الأمير محمد إلي طوكيو اتفقنا على صياغة مفهوم الرؤية اليابانية السعودية 2030، وأنه تم تحديد المشاريع الأولي التى سيتم إطلاقها».
ووصف الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية سمو الأمير محمد بن سلمان بأنه يمتلك رؤية مستنيرة: «وجدت في مقابلة الأمير محمد بن سلمان رؤية مستنيرة وشجاعة، سيكون لها أكبر الأثر في تطوير وتنمية المملكة العربية السعودية».
بينما أشاد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي برؤية المملكة 2030 وقدرة سمو الأمير محمد بن سلمان على استشراف المستقبل: «حديث الأمير محمد بن سلمان يستشرف المستقبل ويحمل أبعاد وطنية واستراتيجية تعود بالخير على المملكة والمنطقة.. ورؤية المملكة 2030 التنموية برنامج طموح من ملك الحزم ورجل القرارات التاريخية».
وتحدث الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عن حزم سموه وقدرته على اتخاذ القرار:«هناك الكثير من المواقف التي أثبت بها سمو ولي العهد أننا الآن أمام جيل عربي أصيل، وقائد شجاع يملك مهارة الحزم والقدرة على اتخاذ القرارات».
واعتبر رئيس وزراء لبنان سعد الحريري سمو ولي العهد نموذجاً جديداً للقيادة العربية:«سمو ولي العهد يعتبر نموذجاً جديداً للقيادة العربية، ورمزاً شبابياً لعب دوراً مهماً خلال فترة وجيزة... ويشكل ورشة قائمة بذاتها من شؤون الدفاع والأمن... ويتقن السياسة بأبعادها الاستراتيجية والدبلوماسية، أسلوبه يتميز بالمرونة والانفتاح والاستماع للرأي الآخر».
كما أشاد سمو الأمير سلمان بن حمد آل خليفة برؤية 2030 التي هندسها سمو ولي العهد: «إسهام الأمير محمد بن سلمان في هندسة الرؤية السعودية جسد روح المسؤولية التي يعيها بحس القادة وطاقة الشباب الواعد».
وفي مقابلة مع صحيفة (إندبندنت عربية)، يقول الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز: «إن اختيار الأمير محمد بن سلمان ليكون ولياً للعهد جاء على أساس الحفاظ على استقرار السعودية، لعشرين عاماً للأمام على أقل تقدير».
واختارته المجلة الأميركية (فورين بوليسي) في عام 2015م سمو الأمير محمد بن سلمان، من ضمن القادة الأكثر تأثيراً في العالم، ضمن قائمتها السنوية لأهم 100 مفكِّر في العالم، واختارت سموه وكالة (بلومبيرج) الأميركية في عام 2017م ليحل في المرتبة الثالثة بين (قائمة الخمسين) الأكثر تأثيراً في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة والتكنولوجيا، ممن تركوا أثراً على مسار التجارة في العالم، وأيضاً اختارت سموه مجلة (تايم) الأميركية ضمن قائمة شخصية العام لسنة 2018م، وفي عام 2018، اختارت سمو ولي العهد مجلة (فوربس) ضمن قائمتها لأكثر الشخصيات تأثيراً في العالم.
ونشرت صحيفة (التليغراف) تقريراً للكاتبة شارلوت ليزلي عن سمو ولي العهد، جاء فيه: «الأمير محمد بن سلمان ممتلئ بالطاقة وصاحب نظرة مستقبلية... والاسم الذي يتردد على كلّ لسان عن المسؤول عن كلّ هذا التغيير هو اسم الأمير محمد بن سلمان، وذهبنا لمقابلة الرجل العظيم، ولقد كان عظيماً بالفعل، حضور جسدي شاهق، في أوائل الثلاثينات من عمره، مليء بالطاقة والرؤية، ومن وقت لآخر يوقف المترجم ليتدخل ويصحّح بعض التعبيرات التي تعدّ أكثر ملاءمة للحوار بلغة إنجليزية واضحة، وتترك ضحكته المميزة لديك انطباعاً بأن الذي أمامك رجل يقود من خلال التغيير في بلاده باستخدام قوة عقله وشخصيته».
ختاماً.. إن الحديث عن سمو الأمير محمد بن سلمان لا ينتهي في مختلف المجالات، خصوصاً أنه حقق نجاحات سعودية بارزة على المستويين الإقليمي والدولي، ولعب أدواراً مؤثرة في صناعة قرارات عالمية من الوزن الثقيل، والمكانة التي وصل إليها خلال سنوات قليلة من استلامه لولاية العهد تكشف أنه صاحب شخصية كاريزماتية وقائد غير عادي.
ولم يتوقف عمل ولي العهد عند هذا الحد، بل غير في مفاهيم سعودية كثيرة، وبصورة أبهرت العالم وأجبرته على مراجعة أفكاره النمطية عن المملكة وأهلها، لا سيما أن الشباب السعودي لا ينظر إلى الأمير محمد كولي للعهد، وإنما كقدوة يمثله ويعبر عن طموحاته وتطلعاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.