سؤال بسيط، هل يقف حد تأثير المبتعث على ما تلقاه من معارف وعلوم أثناء دراسته ثم عاد بشهادة ليتوظف بمرتب أفضل و«السلام»؟!، أم أن هناك ما هو أبعد؟ ابتعاث طالب لدراسة تخصص في الصحة أو الحوسبة أو الهندسة؛ هل يعني أن هذا الطالب لن يستفاد منه إلا في هذا المجال فقط؟ أم يمكن أن يكون سببًا في إطلاق شرارة ابتكار لفكرة تحل مشكلة مجتمعية. تبادر لذهني هذا السؤال حينما استمعت لمقطع صوتي للمبتعث «حسين آل سفران» الذي يكمل «ماجستير» في الرعاية الحرجة والحادة بالمملكة المتحدة، يحاول إيصال مقترحه عبر الصحافة؛ والذي عرضه أمام إحدى الإدارات بوزارة الصحة، ومختصره أن تكون شهادة BLS شرطا للحصول على رخصة القيادة في المملكة، والBLS دورة مبسطة لا تتعدى ساعتين أو 3 في (الإنعاش القلبي الرئوي) ولكن سرعة تطبيقها على المصاب في موقع الحادث المروري تعني تأثيرا جوهريا في بقية حياته، وهذا ما يعايشه آل سفران يوميا أثناء تدريبه في غرف الطوارئ والعنايات المركزة. فإن كانت هذه الفكرة بشكل عام من تخصص جهات أخرى غير وزارة الصحة، بل يمكن إن تم تحليل مدى أثرها بعد التطبيق أن يكون تعبها أكثر من فائدتها، ولا توجد البنية المكتملة لجعلها شرطا أساسيا مثل وجود عدد من المدربين يكفي لتغطية أعداد المتقدمين للحصول على رخصة القيادة، فهل بالإمكان احتضان أصل الفكرة لتطبيقها بشكل تدريجي وترغيبي بجعلها عنصرا مؤثرا في نسبة تخفيض وإعفاء المخالفات على سبيل المثال. السؤال هنا، لو نقلت هذه الفكرة إلى فريق «متفرغ» شغله الشاغل أن يكون حاضنة محللة ثم مطورة وموسعة لأفكار المبتعثين، من خلال منصة تفاعلية مبسطة سهلة الوجود في أي مكان وزمان مثل «خدمة الواتس التفاعلي»، منصة تحثك على المشاركة ولو بفكرة كانت تراودك أيام الابتعاث، فما البال إن كنت مبتعثا حاليا، وكل ذلك من خلال رسالة تتلقاها وتتفاعل معها عن طريق الواتس آب. يذكرني حسين بالشاب السعودي حمد آل دويس الذي عاد لأمريكا لإكمال دراسة الماجستير، والذي سبق أن تقاطعت طرقنا والتقيته على متن إحدى الرحلات الجوية، حينما كان عاطلا بعد تخرجه في البكالوريوس بتخصص التأهيل القلبي والجهاز التنفسي من أمريكا، التقينا في تلك الرحلة حينما كان عائدا من رحلة داخلية لإقناع «أحد ما» بتبني تخصصه الذي يقلل من إعادة التنويم لمرضى القلب Rehospitalization بنسبة 20-30 % وبالتالي خفض الإنفاق بعشرات الملايين من الريالات على الأدوية وتكاليف التنويم ورفع إنتاجية الفرد بتقليل مدة التشافي والعودة للعمل، ولم يجد أذنا صاغية آنذاك؛ ما اضطره للعمل سائقا لنقل الركاب عبر تطبيقات توجيه المركبات، وحاليا تم تبني التخصص في أغلب الجهات الصحية لدينا وأثبت فاعليته، ولكن بعد أن عاد حمد لإكمال الماجستير في تخصص آخر! فمتى سنسمع عن إطلاق منصة حاضنة للأفكار (حتى لا تهدر معارف مبتعثينا).