هل تخدعنا التفاصيل؟

في أحد أيام رمضان وأثناء رغبتنا في الإفطار خارج المنزل برفقة أخي وأحد الأصدقاء الأعزاء قررنا أن نترك لأحدنا اختيار مكان نتناول فيه إفطارنا وقد أحسن الاختيار حقيقة مطعم ذو أجواء لطيفة وذو سمعة جيدة وراق ويرتقي لفئة الخمس نجوم. وأثناء تناول طعامنا كنا نقيم ونعلق ونقارن على كل طبق وصنف مع مطاعم أخرى هذا ممتاز وهذا أفضل في مكان آخر، وعلى هذا المنوال حتى وصل حديثنا للمناديل المعطرة تحت أجواء فيها بعض من المزاح والسخرية، ولكن لاحظت خلال نقاشنا جملة لصديقي العزيز شدتني (التفاصيل تخدعك)! وعند تمعني فيما قاله وجدت في كلماته شيئًا مهمًا ولها عمق أكبر من المطعم طبعًا، ولكن في كثير من مواقف حياتنا.
فمثلا ممكن تجد مطعما يقدم الأصناف أفضل وبطعم يطير بحواسك لأبعد ما تتخيل، ولكن هنا نجد التفاصيل قد لا يتمتع بموقع مميز ولا ديكور جذاب ولا أجواء ساحرة مجرد فقط طعام ممتاز، وفي المقابل نجد مكانا آخر يقدم طعاما لا بأس به، ولكن لديه مقومات يمتلكها من موقع وأجواء تسمح له بوضع شروطه وتقديم خدماته مقابل أسعار مرتفعة والجميع يرغب فيه وتكون صفوف الانتظار أحيانًا لساعة أو أكثر، وزبائنه يدفعون فاتورته والابتسامة تعلو محياهم كما حدث معنا. هنا التفاصيل كانت نقطة الفصل وتفوقت وحسمت الأمر.
الاهتمام بالتفاصيل يرفع من قيمة كل شيء، التفاصيل هي الاختلاف بين المتشابهات، التفاصيل مهمة في ملبسك وطعامك وطريقة حياتك حتى في علاقاتك مع أهل بيتك أو شريكة حياتك وأصدقائك.
الذين يبحثون عن الأمور ذات القيمة العالية ويبذلون لها الغالي والنفيس للحصول عليها تهمهم تفاصيل ما سوف يقتنونه.
وفي الجانب الآخر هناك من لا تفرق معهم أو لا يهتمون بذلك، ولكن كلا الجانبين ليسوا على خطأ فلكل فئة نظرة معينة حسب نمط معيشتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، فلا يجب الانتقاص أو الازدراء من الآخر.
ولكن اتضح لي، لا تصبح الأمور عالية القيمة إلا بتفاصيلها.