صادرات الخدمات تسجل 58.2 مليار ريال سعودي في الربع الثالث من 2025م    تغريم ديزني 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك قوانين حماية خصوصية الأطفال    جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية توقّع عقود اعتماد برامجي مع تقويم التعليم والتدريب    تكليف عايض بن عرار أبو الراس وكيلاً لشيخ شمل السادة الخلاوية بمنطقة جازان    مشاريع ومبادرات تنموية سعودية تغذي شريان التنمية في قلب اليمن    تحالف رؤى العقارية يطرح مخطط رؤى للبيع في مزاد علني    "مدن" وهيئة التراث توقّعان اتفاقية تعاون    انخفاض أسعار النفط    "مدن" وهيئة التراث توقّعان اتفاقية تعاون لدعم الصناعات الحرفية ضمن مبادرة "منتج حرفيون"    حرم أمير منطقة الرياض ترعى حفل زفاف 176 من فتيات جمعية "إنسان"    ترمب يؤكد بدء إعادة إعمار غزة قريباً و«إسرائيل» تواصل خروقات وقف النار    المملكة بوصلة الاستقرار العالمي وقطب الدبلوماسية    نمو شهادات جمعيات الملاك المجددة بنسبة 185 %    مجلس الوزراء: التصعيد في اليمن لا ينسجم مع وعود الإمارات    أمير الباحة يشدد على تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والخدمية    فيصل بن بندر يطلع على جهود "ترجمة".. ويعزي مدير الأمن العام    استعراض أهداف "محبة للتنمية الأسرية" أمام سعود بن بندر    رغم استمرار الخلافات حول خطوات اتفاق غزة.. تل أبيب لا تمانع من الانتقال ل«المرحلة الثانية»    قلق أممي على المحتجزين والجرحى بالفاشر    "السنغال والكونغو الديمقراطية وبنين" إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا    تغلب عليه بهدف وحيد.. ضمك يعمق جراح الأخدود    الأهلي يتغلب على الفيحاء بثنائية    «وطن 95».. تعزيز جاهزية القطاعات الأمنية    مشيداً بدعم القيادة للمستهدفات الوطنية..الراجحي: 8 مليارات ريال تمويلات بنك التنمية الاجتماعية    تعديل ضريبة المشروبات المحلاة    ضبط 594 كلجم أسماكاً فاسدة بعسير    مجلس الوزراء: المملكة لن تتردد في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها    والد الفريق محمد البسامي إلى رحمة الله    الاستفادة من البيانات لرفع مستوى الكفاءة.. المؤشر الوطني «نضيء» يدعم الحراك التنموي    أكدت أن تحركات أبو ظبي لا تنسجم مع أسس «التحالف».. «الخارجية»: أمن السعودية خط أحمر.. وخطوات الإمارات باليمن بالغة الخطورة    مشاركة 25 فناناً في ملتقى طويق للنحت    رياض الخولي بوجهين في رمضان    التوازن والغياب!    فلما اشتد ساعده رماني    باحثون يطورون نموذجاً للتنبؤ بشيخوخة الأعضاء    مسحوق ثوري يوقف النزيف الحاد في ثانية    خسارة ثقيلة للأهلي أمام المقاولون العرب في كأس رابطة المحترفين المصرية    تعرف على مستجدات لائحة تقويم الطالب وأدلتها التنظيمية    إذاعة القرآن.. نصف قرن من بث الطمأنينة    «مساء الحِجر».. تاريخ العُلا    الميزة الفنية للاتحاد    الاتحاد وانتصارات الدوري والنخبة    المملكة تضخ مليونًا و401 ألف لتر ماء بمحافظة الحديدة خلال أسبوع    الاتفاق يوقف سلسلة انتصارات النصر    سر غياب روبن نيفيز عن قائمة الهلال أمام الخلود    محافظ ضمد يزور جمعية دفء لرعاية الأيتام ويشيد بجهودها المتميزة    أمير الرياض يعزي مدير الأمن العام في وفاة والده    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة إعراب والأرض تعريب
نشر في الوطن يوم 04 - 08 - 2019

ولكن الأرض العربية هي التي تحفظ العروبة، لغةً وسماتٍ واتجاهاً، كأنما الأرض العربية لها حد معروف، فهي التي تصنع التعريب لإنسانها، والتي هي الصوانة لعروبة إنسانها من عمق عروبتها.
ولقد قلت من قبل، لقد شرّق الفتح فلم يعرّبه، وإن اهتدى إنسان الأرض لدين الإسلام، وغرّب الفتح فعرّب. فإذا غرب السويس هو العربي تفصحت العروبة اللغة بجندي الفتح، وتأصلت فصاحة اللغة بموجة بني هلال وبني سليم، فالذين عابوا بني هلال، فقالوا إنهم خربوا، رد عليهم بن باديس العربي عروبة حمير بقوله: «لئن قيل إنهم خربوا، فلنقل إنهم عرّبوا»، فالفاتح الأول والهلالي بعد، عرّبوا اللسان وإنما الأعراق فلم تكن إلا العربي من عروبة الأرض.
فالأرض شرقها من شرق الفرات والخليج الأزرق، وغربها على الشمال الإفريقي على المحيط الأطلسي، حول الوطأة الأخيرة لذي القرنين المصعب الحارس اليمني القحطاني بل الحميري، ومن حول وطأة عقبة بن نافع الفهري، ويعني القرشي.
ويحتاج الأمر إلى تفصيل نؤكد به التأصيل، فالرومان لم يستطيعوا وقد بسطوا سلطانهم في شمال الجزيرة العربية، يعني الشام كلها، كما بسطوا هذا السلطان على جنوب البحر الأبيض من غرب السويس إلى ساحل المحيط، بسطوا هذا السلطان استعمارا واستغلالا كإمبراطورية عظمى في ذلك الوقت، ندًّا لإمبراطورية عظمى كذلك ألا وهي إمبراطورية الفرس، غير أن هذا السلطان لم يفرض سلطان الأعجمية على الأرض العربية، شامها ومصرها، وكل مغربها. ولم يكن الصوان للعروبة على أرضه هو الإنسان العربي وحده، إنما هي الأرض العربية لا تقبل إلا عروبتها.
والعراق استغول عليه سلطان الفرس، ولكنه بقي عربيًّا؛ لأن الأرض صوانة لعروبتها، حتى إن العراق الذي كان كلدانيًّا بابليًّا أبت أرضه إلا أن تستحوذ على العابرين هؤلاء من ولد عابر بن شالخ بن أرخفشد بن سام، إلا أن تأخذه أخذاً لتجعل من وراثته للسامية تسير به إلى العروبة، فإذا هم الأنباط أصحاب الرس، وإذ هم يرحلون من عراقهم عبر الصحراء فأنجدوا ليكونوا عرباً بعد حين وصلوا إلى وادي القرى.. يرثون ثمود.. يكملون حضارة ثمود. فإذا هم في البلقاء ينحتون الجبل، فإذا هم في سلع البتراء كأنما حضارتهم في البتراء صورة طبق الأصل من حضارة ثمود «الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ» (الفجر: 9).
ولقد أذابت الأرض العربية لهجتهم الكلدانية وإن بقيت منها ألفاظ: «كأنطى بمعنى عطى، أو ناطرك بمعنى انتظرك، أو هي الناطور بمعنى الحارس».
ونأتي إلى المغرب، أعني غرب السويس، فإذا الأرض صانت عروبتها. وما كان الإنسان هو المعرب وإنما هي الأرض، وبالبرهان على ذلك أن موريتانيا وكل المغرب بقي عربيًّا.
أما مالي والسنغال «سنهاجه»، وبقية من أرض إفريقيا انتشر فيها الإنسان العربي ولكنه لم يعرب ناسه، ومثل آخر لو أن سيبويه وابن المقفع ومن إليهم تعلّموا اللغة في فارس، أيصبحون أئمة وأحدهم إمام اللغة العربية سيبويه، والآخر إمام العربية ابن المقفع، وقل ذلك على أبي نواس؟ فالبصرة والكوفة وما إليهما كأرض، تأصّل بهم اللسان العربي، فليس هو الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي، وإن علَّم سيبويه، بالذي أعطى سيبويه إمامة اللغة.
قد ينطلق لسانه بالتعليم ولكن موهبة التذوق لقانون اللغة واحتراف التدقيق لمفردات اللغة لا أنكر أن التعليم له أثر، ولكن الأرض هي المؤثر الأول.
وهكذا، فأرضنا العربية، إن توحّدت جغرافيًّا، فإنها تبكي الآن حينما تفرقت إقليميًّا، ولكن عروبة الأرض ما زالت إمبراطورية، واللسان العربي ما زال إمبراطوريًّا، وأرجو ألا أعود إلى هذه الكلمة مرة أخرى وهي: «القومية شعوبية العرب، والشعوبية قومية الفرس».
* 1992


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.