احتضنت العاصمة الباكستانيةإسلام أباد أعمال المؤتمر العالمي للسيرة النبوية الشريفة، برعايةٍ وحضورٍ من فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عارف علوي، ونخبة من كبار علماء العالم الإسلامي، وأعضاء مجلسي البرلمان والشيوخ، والسِّلك الدبلوماسي. واختارت باكستان معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسي، ليكون ضيفاً رئيساً على مؤتمرها العالمي للاحتفاء بالسيرة النبوية الشريفة، وتمَّ تكريمُ معاليه من قِبل فخامة الرئيس بالدِّرع الرئاسيّ للمؤتمر. وفي كلمته رحّب فخامة الرئيس علوي بمعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى وبمشاركته في هذا المؤتمر، مشيداً بمضامين كلمته التي سلّط فيها الضوء على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وما ورد فيها من تعاليم حسنة ليس للمسلمين فحسب، بل للبشرية بأسرها. وحثَّ الرئيس الدكتور عارف علوي المسلمين على اتباع سنة الرسول الكريم محمد خاتم الأنبياء، صلى الله عليه وسلم، والتي تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز القيم الإنسانية وتكريم الإنسان، وقال: إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هي رمزٌ ومنهجٌ متكاملٌ للبشرية، ونموذجٌ يحتذى به لكل شخص في العالم. وقال إن الأضرار الاجتماعية مثل الاستقطاب والكراهية لا يمكن التعامل معها بشكل فعّال إلا إذا اتبعنا سيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. ودعا الرئيس إلى تعزيز التناغم والتسامح بين أتباع الأديان، معتبراً ذلك أمراً حيوياً للتعايش السلمي في المجتمع. وألقى معالي الأمين العام للرابطة الشيخ د. محمد بن عبدالكريم العيسى، كلمة استهلّها بالتعبير عن سعادته بهذا اللقاء الإيماني الحافل بجمال السيرة النبوية المطهرة وجلالها، سيرةِ نبيِّنا وسيدنا الكريم صلى الله عليه وسلم؛ سيرةِ من أرسله الله رحمة للعالمين، صاحب الخلق العظيم، أشرف الأنبياء والمرسلين. وأكد معاليه أن استعراض المعاني الجليلة في السيرة النبوية الشريفة، هو استذكارٌ لهدي الإسلام في أعظم سيرة؛ فالسيرة النبوية هي أدق ما كُتب عن عظيم من العظماء وأشمله، مضيفاً: "لقد علمتنا سيرته العطرة، الرحمة بالخَلق أجمعين، واليُسر في الدين، والإعراض عن الجاهلين. علّمتْنا سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم السماحة والصفح الجميل، والحكمة وتأليف القلوب؛ لقد استطاع صلى الله عليه وسلم تأليف قلوب أشد العرب وقتئذ عصبيةً وجاهليةً وعناداً وتحدياً، حتى دخلوا في دين الله أفواجاً، وحسُن إسلامهم، وحسُنت أخلاقهم". وتناول معاليه بعضاً من جهود رابطة العالم الإسلامي في التعريف بسيرته صلى الله عليه وسلم، مؤكِّداً أن الرابطة تشرَّفت بإطلاق متاحف السيرة النبوية حول العالم، انطلاقاً من متحفها الرئيس بالمدينة المنورة، واشتملت هذه المتاحف على إبراز سيرة نبيِّنا وسيِّدنا صلى الله عليه وسلم موثَّقةً توثيقاً دقيقاً، من خلال عرضٍ اعتمد أفضل الوسائل التقنية المعاصرة، تحت شعار "السيرة النبوية كأنك تعيشها"، مضيفاً: "نعم قدَّمت هذه المتاحف وصفاً شاملاً للسيرة النبوية بأساليب حديثة، تنقلك وجدانياً إلى تلك الرحاب المباركة، متجاوزاً العرض المعتاد (من خلال الكتب والمحاضرات ونحوها)، إلى العرض بالتقنية الحديثة، كأنك تعيش تلك الأجواء العطرة، من خلال أحدث تقنيات العرض المتقدم". وأكد أن الرابطة تسعد بأن تحتضن جمهوريةُ باكستان الإسلامية أحَدَ هذه المتاحف الفرعية حول العالم، آملاً أن يكون لنسخة إسلام آباد امتياز عن بقية الفروع الأخرى، من ناحية السعة في العرض، وتخصيص مساحة واسعة للنشء، بعد استكمال الإجراءات اللازمة. وختم معاليه بدعاء المولى سبحانه أن يعيد العافية لجمهورية باكستان الإسلامية من أضرار الفيضانات التي أصابتها، وأن يكتب من مات فيها في الشهداء، ويشفي المرضى، ويفرج عن النازحين، مؤكِّداً القول بأن "من واجبنا في رابطة العالم الإسلامي (وهي حسنة من حسنات المملكة العربية السعودية أهدتها للعالم الإسلامي) من واجبنا أن نضطلع بكل ما نستطيع نحو أهلنا في جمهورية باكستان الإسلامية، وقد وجهنا مبكِّراً مكتبنا في إسلام أباد بما يلزم نحو هذا الأمر". من جانبه أكد وزير الشؤون الدينية والوئام بين الأديان، مفتي عبدالشكور سردار خان، أن مشاركة معالي الأمين العام للرابطة، إلى جانب كبار العلماء والمشايخ، قد زادت من أهمية هذا المؤتمر الذي يهدف إلى إبراز أهمية السيرة النبوية، وتطبيق التعاليم والأخلاق النبوية، لترسيخها في المجتمعات الإسلامية، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام أمام العالم. وفي كلمته الموجهة للعلماء المشاركين، أكد رئيس جمعية أهل الحديث المركزية، عضو مجلس الشيوخ الباكستاني، السيناتور ساجد مير، على ضرورة محاربة الفساد والاضطرابات الاجتماعية الأخرى باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، موضِّحاً أن السيرة النبوية وضعت لنا منهجاً متكاملاً لحل مختلف المشكلات الاجتماعية، وهي بمثابة مبادئ ذهبية للبشرية.