3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    «النيابة»: إدانة مواطن بجريمة تزوير شيكات ب34 مليون ريال منسوبة لجمعية خيرية    سفلتة مخططات النقيب وشرق الضاحي في بريدة    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    470 ألف مستفيد من فعالية الإعلانات الرقمية    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    الأهلي يلاقي الأهلي المصري في اعتزال خالد مسعد    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    أرامكو تبدأ طرح 1.5 مليار سهم    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    عدا مدارس مكة والمدينة.. اختبارات نهاية الفصل الثالث اليوم    جنون غاغا لا يتوقف.. بعد أزياء من اللحم والمعادن.. فستان ب «صدّام» !    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    أمير تبوك يهنئ نادي الهلال بمناسبة تحقيق كأس خادم الحرمين الشريفين    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تفعّل خدمة «فعيل» للاتصال المرئي للإفتاء بجامع الميقات    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات 2025    الهلال.. ثلاثية تاريخية في موسم استثنائي    الإسباني" هييرو" مديراً رياضياً للنصر    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    التصميم وتجربة المستخدم    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    لهو الحيتان يهدد السفن في المحيط الأطلسي أرجعت دراسة ل "اللجنة الدولية لصيد الحيتان"، سبب    تحت شعار «أرضنا مستقبلنا».. وحشد دولي.. السعودية تحتفي ب«اليوم العالمي للبيئة»    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    إحباط تهريب 6,5 ملايين حبة كبتاغون في إرسالية "إطارات كبيرة"    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    «تراث معماري»    تكريم «السعودي الأول» بجائزة «الممارسات البيئية والحوكمة»    تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ايطاليا    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    روبوتات تلعب كرة القدم!    المملكة تدعم جهود الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    آرسنال يقطع الطريق على أندية روشن    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    ورشة عن سلامة المختبرات الطبية في الحج    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    ثروتنا الحيوانية والنباتية    بلد آمن ورب كريم    وزير الداخلية يلتقي أهالي عسير وقيادات مكافحة المخدرات ويدشن مشروعات جديدة    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اهتراء النسيج الاجتماعي يهدد المستقبل العربي
نشر في الوكاد يوم 05 - 08 - 2014

راهن الخطاب السياسي والإعلامي العربي على انهيار المجتمع الإسرائيلي من الداخل. وكانت الذريعة التي أقنعنا بها أنفسنا، تستند إلى أن اليهود الذين تجمعوا في فلسطين، ثم أقاموا بالقوة دولتهم فيها، كانوا شراذم متباينة دينيًا. وثقافيًا، ولغويًا، قادمة من أنحاء عالمية مختلفة.
ثنائية الحرية السياسية والأمن الرادع ضمنت للديمقراطية الإسرائيلية أن تحمي إلى الآن «الدولة - القلعة»، من مرض الجيران العرب: تعب المادة الذي أصاب النسيج الاجتماعي. وهكذا، تماسك المجتمع الإسرائيلي، فيما وصل «تعب المادة» بالمجتمعات العربية إلى مستوى الاهتراء الاجتماعي، والاقتتال الدامي داخل البيت العربي!
أبدأ بالأسباب السياسية والآيديولوجية للمرض العربي، فأقول إن النضال العربي المسلح نجح في التخلص من الاستعمار التركي ثم الأوروبي. لكن دولة الاستقلال التي ولدت بعملية قيصرية عسيرة كانت عاجزة عن الوصول بالاستقلال، إلى مستوى الوحدة القومية الكفيلة بحمايتها من الاهتراء السريع.
كان الإيمان بالوحدة القومية مقتصرا على نخب عربية مثقفة رائدة (سنة. وشيعة. ومسيحية)، تمكنت فعلا من خلال أحزابها. وتنظيماتها. وثراء ثقافتها، من اجتذاب الرأي العام المشرقي، نحو الإيمان بالوحدة.
ثم أيقظت الناصرية العسكرية وعي مصر بعروبتها. وتبلور اللقاء المصري والمشرقي، في وحدة مصرية سورية قامت على العاطفة المشتركة المحبة والمعجبة بالشخص البطل، وليس أبدا على مؤسسات ديمقراطية تحفظ الكيان الوحدوي، إذا غاب هذا الشخص أو أخطأ.
في المجتمعات المغاربية، كان النضال من أجل الاستقلال عن أوروبا، يستند إلى العاطفة الدينية والوطنية، وليس إلى العاطفة الوحدوية العربية. وفي حوار طويل مع المثقف والمفكر المغربي عبد الله العروي (1982)، شعرتُ بالخيبة. فقد اعتقد قطاع عريض من المثقفين المغاربة بأن العروبة مجرد «اختراع» أقلوي مسيحي طائفي، للتخلص من «هيمنة» الإسلام السنّي على الحياة السياسية والاجتماعية، متناسين أن مادة «البعث» البشرية كانت غالبية سنّية من الأجيال الطلابية والشبابية.
عندما غدت الوحدة الناصرية والسورية حقيقة مهددة لدولة الاستقلال، نجح الغرب في ضرب دولة الوحدة من الداخل، بانقلاب عسكري سوري (1961). وارتكب عبد الناصر أخطاء مروّعة في الستينات. فلم يكن مستعدا لاستعادة الوحدة، عندما ذهب الضباط السوريون الانفصاليون إليه باكين نادمين. ثم تورط في حرب في اليمن ضد النظام الخليجي. وفي الوقت ذاته، شارك في تحطيم «البعث» القومي. وتحالف مع «البعث» الطائفي العلوي الذي جره إلى حرب النكسة المرسومة سلفا مع إسرائيل.
على مفرق السبعينات، رَتّبَ الغرب تطورا ميلودراميا بديلا للناصرية، إمعانا في خداع وتضليل الشارع العربي. فقد برزت فجأة من المجهول شخصيات محلية مدنية وعسكرية. وأقامت أنظمة في العراق. سوريا. اليمن. مصر. ليبيا. السودان، رافعة شعارات الناصرية القومية، في حين بذلت جهدها للقضاء عليها بعد رحيل عبد الناصر.
بل وصل الخداع اللاديمقراطي، إلى درجة إقامة وحدات قومية شكلية، ساهمت هي أيضا، في ابتذال المشروع القومي وتغييبه، في حين انطلق المشروع «الإخواني» و«الجهادي» المبرمج، لتصفية الشارع الناصري واليساري.
في تقواه وتقيته، انطلق النظام العربي في إشباع الإيمان الديني العميق في مجتمعات دولة الاستقلال، بشحنات «الأسلمة» المتدروشة غير القادرة على الاقتراب بالمؤمنين من العصر.
لست ضد الدين عندما أقول إنه لا يكفي وحده لبناء الدول وتطوير المجتمعات. التجربة التاريخية أثبتت ذلك. أخفقت الخلافة الإسلامية التاريخية. و«الخلافة» الشيعية الراهنة. و«الخلافة الفاتيكانية» المسيحية، في إقامة الإمبراطورية الدينية.
الدين قوة أخلاقية ضرورية ضرورة القانون لحماية الدولة من الفساد، والمجتمع من الانحلال. الدين قوة روحانية هائلة تضفي الطمأنينة والتفاؤل، على النفس المؤمنة بأن هناك قيامة بعد الوفاة. ووعدا بحياة أبدية أرغد، فيما قد تعتري اللامؤمن قتامة كئيبة، نتيجة الاعتقاد بعدمية الفناء الأبدي. وفي القرن العشرين، انتحر عدد كبير من الفلاسفة والروائيين الملاحدة.
لماذا لا يصلح الدين كأداة سياسية؟ لأن الدين مجموعة ثوابت أبدية مقدسة. لا تقبل جدلا. أو طعنا. أو نقدا لها، فيما لا قداسة للسياسة. فهي نهر التحولات المنسجمة مع الظروف المتقلبة. ولا قداسة لرجل دين يعمل في السياسة.
لا خوف على الإسلام من الحملات والهجمات الناقدة والمغرضة التي تشن عليه في الغرب. وراء هذه الحملات، تكمن دور نشر كبرى تملكها أسر ومؤسسات يهودية. وهدفها إثارة الشارع الإسلامي واستفزازه، للقيام باضطرابات وأعمال عنف ضد الأقليات، وضد الأمن العام، بحيث يجري تقديم الإسلام إلى الرأي العام العالمي كدين للعنف. ولكبت الحريات.
هذا عن دور السياسة. والطائفة. والأنظمة. والتنظيمات. والأحزاب في تهميش النسيج الاجتماعي. أيضا فمناهج التربية والتعليم العشوائية ساهمت أيضا في هذا التهميش. فأنتجت أجيالا عربية تجيد الحديث في كل شيء. ولا تستطيع إجادة الاختصاص التقني في أي شيء. دولة الاستقلال التي أخفقت في إنتاج دولة الوحدة السياسية، عاجزة أو غير راغبة في تنسيق وتوحيد مناهجها التربوية والتعليمية.
إذا انتشر كالفطر تأسيس الإمارات الدينية الداعشية، فستفاخر بإرسال المرأة من المدرسة إلى البيت. سوف تغلق مدارس الإناث، لتشل نصف المجتمع. وتعطل حقه في العمل والإنتاج. لست مع المحاصصة المهينة لكرامة المرأة التي يفرضها الاتجاه السائد اليوم لتخصيص نسبة محددة من المقاعد النيابية «للنسوان»!
على المرأة العربية أن تقنع الرجل بكفاءتها السياسية، ليصوّت لها. وأن تجعل النضال الاجتماعي خبزها اليومي، لإقناع بنات جنسها بالتصويت لها. المقعد النيابي ملك للمجتمع. وليس منّة حكومية مجانية تمنح لمرشحة يجرح مَرُّ النسيم خدها الناعم.
ضعفت مهمة الصحافة الوَرَقية في مساءلة الدولة. والنظام. والتنظيم، عن دورها في بعثرة الرأي، وتهميش النسيج السياسي والاجتماعي. مع ذلك، أعتذر بأدب عن عدم المشاركة في البرامج الحوارية التلفزيونية. يجمع مقدم البرنامج «الدبكة» المختلفة آيديولوجيًا، لتتقاتل على الشاشة. عندما يعلو الصراخ، يدق مقدم البرنامج على صدره مفاخرا بنجاح البرنامج في مضاعفة الانقسام في المجتمع.
باتت مواقع الاتصال الاجتماعي في الإنترنت تمارس دورا أكبر من دور التلفزيون «الفالت» والصحف الورقية الخاضعة للرقابة، في بعثرة الرأي العام. غدا الإنترنت مسرحا لأشباه الأميين، وأشباه المتعلمين، لتقديم أفكار وآراء معظمها سقيم. وغير ناضج. ووليد اللحظة. وليس وليد الدراسة الواعية. هؤلاء «المفكرون الجدد» هم كارثة حقيقية على شارع شعبي، لم يُتح له النظام الحرية لاستكمال وعيه. ونضجه. وموضوعيته.
لا أدعي أني أحطت تماما بموضوع انهيار النسيج الاجتماعي. فهو قضية واسعة. وإشكالية معقدة جدًا. ويجب أن تتاح الحرية المسؤولة للباحثين. والمفكرين الاجتماعيين، ليقولوا فيها أكثر مما قلت، في كتب. ودراسات. وتقارير، من المفروض أن يقرأها المسؤول وصاحب القرار، على مختلف المستويات، كي لا يذهب الجهد سدى.
ليتعلم النظام العربي كيف يقيم علاقة تواصل وحوار مع الصحافة. ومع الباحث الاجتماعي، ليكون عارفا بحد أدنى من ملابسات القرار. ولكي يشكل السياسي موقفه ورأيه استنادا إلى تحليل علمي أعمق من رأيه الشخصي وغرائزه السياسية
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.