بدعوة من مكتب الأُردنِ الإقليمي لرابطةِ الأدبِ الإسلامي العالمية ِأقيمت يوم أمس الأول في مقر الرابطة بعمان محاضرة للقاصة والروائية سناء العبداللات، محاضرة ثقافية بعنوان توظيف الإبداع في مجال أدب الأطفال، وأدارت اللقاء هيفاء علوان وبحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بالطفل والطفولة. وقد ناقشت العبداللات توظيف الإبداع في مجال أدب الطفل، ووضع الابداع في العالم العربي للطفل والطفولة والمشاكل والتحديات التي قد تعيق إبداع الطفل، وما هي المهددات التي علينا تجنبها في المستقبل، بالإضافة إلى التركيز في مؤلفاتنا على أهمية اللغة العربية الأصيلة، الحث على أهمية القراءة والمطالعة في أنشطتنا وحياتنا اليومية، لبناء سياج منيع وحصين من الفكر والأدب والعلم والمعرفة لأبنائنا، وإنّ التغييرات السريعة التي تشهدها المجتمعات المعاصرة يجعل الاهتمام بثقافة الطفل هدفًا استراتيجيًا وتنمويًا، فالأطفال هم مستقبل الأمة وحملة إرثها وهويتها كماهم حاضرها الذي يعكس درجة تقدمها ومكانتها بين الأمم، ولكن الاهتمام بثقافة الطفل لايعني فقط إحياء الماضي أواستشراف المستقبل، بل لابد أيضا أن ينبع من الحاضرويتعامل معه ومن هنا تظهرأهمية وضع تصورمتكامل لخطة إبداعية تربوية وتنموية للوصول الى أهداف سامية المبادئ والأفكار، من شأنها أن ترتقي بواقع الطفل وتخطط لمستقبله وتحيي تراثه، لايختلف اثنان على أن الأمة العربية تعيش مرحلة حاسمة من تاريخها، وهي بحاجة الى ساعد كل فرد فيها، بما في ذلك السواعد الصغيرة، ولابد من عمل مشترك وحاسم وجاد للعمل على إحداث تغييرات فعلية في ثقافة الطفل، استطاع أدب الأطفال أن يضع الخيالي مقابل التعليمي، أي أن يجمّل حياة الصغارويجعلها سعيدة، فأدب الطفل هو نوع من أنواع الفن الأدبي؛ إذ يشمل أساليب مختلفة من النثروالشعرالمؤلفة بشكل خاص للأطفال والأولاد دون عمرالمراهقة، بدأ تطورهذا النوع الأدبي في القرن السابع عشرفي أوروبا، وأخذ يزدهرفي منتصف القرن العشرين مع تحسين أنظمة التعليم في جميع أنحاءالعالم،مما زاد من طلب المؤلفات المخصصة للأطفال بلغات مختلفة، ومع ظهورأدباء يكرسون معظم وقتهم لكتابة مؤلفات للأطفال. واشارت العبداللات إلى أن الحكايا والقصص بدأت زمن "الأدب الجوال "، والذي كانوا يتناقلونه الجوالون من مكان لآخر، سواء في القرى أم المحافظات من قصص وحكايات بمساعدة الدمى المتحركة ، أو خيال الظل ، أو المسرح ، حيث كانت مقتصرة هذه القصص على الأدب الساكن في علاقته مع المكان والخيال ممزوج بالأهازيج والألعاب والشعر المبسط .وعلينا عند الكتابة للطفل في أي موضوع إبداعي نسج القصص بحبكةٍ عالية ضمن منظومة أخلاقية وتربوية ودينية واجتماعية على المجتمع تبنيها وتوارثها من جيل لآخر، لتوسع مداركه وتقربه من الطَّبيعة والبيئة المُحيطة به بطريقة سلسلة تحثُّه على ربط الفكرة بعد تحليلها لتشكل سلوكاًومنهجًا ونبراسًا في حياته، ولأن الطفل يضع نفسه في القصة مكان البطل، ويحلل الأحداث والطرق المناسبة من وجهة نظره ، فبطبيعته الفطرية يحب الاستكشاف ، ولا يحب المواعظ المباشرة ، هنا يكمن حرفية الكاتب وأسلوبه في نقل وتعزيز القيم والسلوكيات الإيجابية بطرق غير مباشرة، وهو فقط من يستشفها، من خلال سماعه أو قراءته لتلك القصة ويكون هناك صراع نفسي وفكري لتحديد الصواب من الخطأ، وعليه يجب أن تكون القصة موجزة بسردها لعرض الحدث والموقف بالرمز والتلميح والتجريب، وهنا لا بد أن نذكر معياري القصص وهما: المعيار الكمي وهو ما يحدد حجم القصة، ومعيار الكيفية وهي المقومات السردية كالأحداث والشخصيات والبنية الزمانية والحبكة وكل عناصر القصة بتوظيفها بشكل متكامل، وهنا جاءت القصة لتعالج مشكلة أو قضية ما ، تهم الطفل في حياته ومسيرته المستقبلية من خلال الثيم التي تعزز شخصيته ومسلكه وبالتالي يحيا المجتمع ككل بفكره وأدبه وعلمه، فهو رجل الغد وبُناة مستقبله، لتشكل له خط الدفاع عن كل ما يواجهه من مخاطر وأمور قد يتعرض لها. وختمت العبداللات محاضرتها بالتساؤل حول كيفية أن أعلم طفلي شغف القراءة والكتابة؟ فالطفل عالم جميل نحن من نتشارك في صنعه، ونحن من نجعله أجمل، ونجعلهُ فرداً ناجحاً، ورائداً من رواد المستقبل، ومن باب العولمة ما نراه من تغييرات ملموسة على العيان، قد أثار صخب الأهالي من تصرفات وسلوكيات أبنائهم لمجاراة التطور التكنولوجي بشكله السريع، مما أبعد الأهل عن أبنائهم وعن دينهم وعاداتهم وتقاليدهم المتعارف عليها ،لذلك فهي مسؤولية وطنية على الجميع تبنيها والتكاتف لتحقيقها، من أجل خلق جيل واعي، لتقليده في سلوكه عند مشاهدة النموذجالسليم أمامه، بالتعاون مع الأسر الأردنية بعيدا عن العنف المجتمعي المتداول حاليا ، وهنا سيكون نموذج الطفل العصري والمعاصر والبعيد عن التلقين ، ويكون له شخصية اعتبارية محورها وعتادها الحوار البناء والتحليل المدروس، سواء من المناهج التي يجب أن تعزز الفكر والحوار،ومن أساليب الحياة المبنية على التشاركية مع الاهل والمؤسسات بلغة تناسب القلوب والعقول لتصل للأفعال التي تميز الشباب بفكرها وعلمها الخلاق والهادف، فمفتاح الإبداع في مجال أدب الطفل ما تكتنزه الطاقات البنّاءة في رسم طريق النجاح أمامهم، وذلك يكمن في شخصية كل إنسان لما يتمتع به من العلم والمعرفة البناءة ، وعليه اكتشافها وتسليط الضوء عليها ، فربما يجد نفسه في اتِّجاه وهو يتميز باتجاه آخر ، لذا التركيز على البحث والتحري في ذاتك تماماً كالمحقق الذكي في اكتشاف قدراتك وميولك ، لتجد نفسك في الاتجاه الحقيقي والمميز، ولا يكون ذلك إلاّ بالقراءة والمشاركة المجتمعية في العمل التطوعي والعمل الجماعي، فهناك تجد نفسك في أعالي الجبال وعليك الصبر والتحمل لتكون المتألق والناجح ، فابحث في الكنز المدفون في نفسك.