هل سنتأثر بغياب المرأة لو لم تكن موجودة منذ النشأة في هذا الكون الرحيب؟! وهل سنكون نحن أصلاً موجودين لولاها! بعد إرادة الخالق عز وجل؟ هل يمكن لإنسان أن يتخيل طعم الحياة كيف سيكون من دونها؟ لقد عاشت الجاهلية الأولى أسفل مراتب الحقارة الإنسانية بوأدها الفتاة حيةً خشية الفقر أو لأي علة كانت! فجاء الإسلام فرفعها حتى جاوز قدرها الجوزاء تكريماً لها وتعظيماً لدورها ومكانتها في الأسرة المؤمنة.. الأسبوع الماضي قرأت كتاب تركي الدخيل عنوانه «الدنيا امرأة» قرأته مرتين لنفاسة طرحه، فقد خاطبها أمّاً.. وزوجةً.. وأختاً.. وابنةً.. وحبيبةً، لقد أنصفها في كل الزوايا التي تناولها، متحدثاً عن حقوقها ومدافعاً عن إنسانيتها.. منها زاوية تحمل عنوان: (دفاعاً عن الأنثى) يقول: رحم الله علي مروة لما قال «والأدب النسائي يثور على الرجل الذي ينظر إلى المرأة على أنها (أنثى) فقط، على أنها فاكهة يأكلها الرجل ويشبع، ويبحث عن أخرى أو لا يبحث عنها إلا إذا جاع.. والمرأة لأنها عاشت في مجتمع من صُنع الرجل فقد ظلّت حريصة ألوف السنين على إرضائه، على أن تكون أنثى، ولذلك اهتمت بجسدها أكثر مما اهتمت بعقلها، واهتمت بحيوانيتها أكثر من اهتمامها بإنسانيتها، فأضاعت وقتها في التجميل وفي الزينة وفي ارتداء الملابس أكثر من اهتمامها بثقافتها، وحتى عندما اهتمت بثقافتها أخفت في كل كتاب مشطاً وفي كل مجلة مرآة، لأن الرجل يريدها جسداً ويضيق بها عقلاً فضاقت هي بعقلها وجعلت جسدها هو مملكتها».. انتهى كلام مروة، فيقول تركي: إن مروة -رحمه الله- قد قسا على المرأة في توصيفه فحمّلها مسؤولية انصياعها لرغبة الرجل من جهة، وألبسها تهمة التجمّل لأجل إرضاء الذكور من جهة أخرى، وغاب عنه أن المرأة قد تسلك بتجمّلها منهج الفن.. انتهى. لماذا لا ننظر إلى أن فطرة المرأة وجبلّتها الأنثوية تقتضي التجمل ولا غرابة في ذلك، وتستطيع بعقلها الإنساني وثقافتها أن تمارس دورها في الحياة بتألق ودراية ونجاح، وهذا ما يشهده واقع المرأة السعودية المعاصر من تنمية رائعة وما تحاول جاهدة الوصول إليه من مراكز مرموقة لتضع مكانها على لوحة التنمية السعودية باقتدار، وما علينا سوى أن نعتذر عن تقصيرنا نحوها من خلال النظرة السلبية التي كنا ننظر بها إليها في السابق ونعي أنها موكول لها القيام بتبعة رسالة عظيمة يجب أن نحررها من قيود التكبيل السلبي نتيجة الأعراف والعادات المزعجة دون الإخلال بثوابتها الدينية ومكانتها المجتمعية. فعلاً تركي لو تأملنا هذه الدنيا وزينتها وجمالها المتناهي نجد أنّ الدنيا امرأة وليست وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة بل أمامه وحوله، وإننا ننادي بعدم اغتيال حقوقها بل برُقيِّها وإنصافها، وتلكم هي الحضارة التي لا تضاهى!