يصرّ تنظيم القاعدة على تقديم خدمات مجانية لنظام بشار الأسد على الرغم من أن القادة والمنسقين الميدانيين في سوريا يؤكدون على أن القاعدة ليس لها هذا الدور الذي يتحدث عنه النظام، وليس لها هذا الوجود القوي الذي يجعلها تفرض إرادتها على المجموعات الثورية المقاتلة ضد كتائب الأسد. أحدث هدايا القاعدة للأسد أتت من زعيم التنظيم، أيمن الظواهري، الذي أعلن أنه قرر قصر ما سمّاه ولاية الدولة الإسلامية في العراق والشام على العراق فقط وتسمية جبهة نصرة أهل الشام كفرع للقاعدة على الأرض السورية. وبهذا الإعلان يكون الظواهري منح نظام الأسد فرصة كي يدّعي أنه كان على حق حينما تحدث عن مواجهته عصابات إرهابية مسلحة تابعة للقاعدة لا مجموعات ثورية. وستتلقف ماكينة الأكاذيب التابعة للنظام هذه الهدية وستبدأ في تصديرها إلى الخارج لتقوية موقف الأسد قبل مؤتمر جنيف- 2. ويدرك المتابعون للصراع السوري أن وجود القاعدة أو عناصر تابعة لها داخل سوريا لم يحظ يوماً بتأييد قوى الثورة، ولا يخفى أن مجموعات القاعدة دخلت في معارك عنيفة في مواجهة الثوار وجماعات أخرى محلية كالأكراد، وقد ضاق السوريون ذرعاً بممارسات القاعديين وأبدوا رغبةً في إبعادهم عن بلدهم، لأنهم أضروا الثورة وأوجدوا صراعات مع الجميع، متبنّين أجندة مختلفة عن أجندة الثوار. وعلى الرغم من أنه لم يثبِّت أقدامه هناك، يخطط التنظيم الإرهابي لاستغلال حال الفراغ الأمني في سوريا لإيجاد نفوذ له فيها مستقبلاً، وهو نفس السيناريو الذي اتبعته القاعدة في اليمن عام 2011، حينما فرضت سيطرتها على مساحات شاسعة معتمدةً على انشغال السلطات اليمنية بمواجهة الاحتجاجات ضدها، غير أن احتمالات نجاح القاعدة في تكرار ما حدث في اليمن تبدو ضعيفة، لأن وجودها في الأراضي اليمنية كان سابقاً للاحتجاجات هناك، ما ساعدها في تنفيذ ما أرادت، وهو ما لا يتوفر في الحالة السورية.