وصف الإعلامي والباحث في تاريخ المدينةالمنورة عضو مجلس الشورى سابقاً الدكتور عايض الردادي تاريخ الأدب في المدينةالمنورة إبان القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، بالموصوم بالانحطاط والجمود الأدبي والفكري، مرجعا ذلك للأعجمية التي سادت عهدين متتابعين هما المملوكي (المماليك) (648ه) والعثماني (922)، معتبراً أن عوامل انحدار الأدب في تلك الحقبة بلغت قمتها وانحصر الأدباء فيها داخل محيط الحرم النبوي. وقال خلال الندوة الثقافية التي نظمها نادي المدينة الأدبي مساء الثلاثاء الماضي تحت عنوان «الأدب في المدينةالمنورة خلال القرنين (11- 12) الهجريين» شاركه فيها الأكاديمي محمد راضي الشريف أن أسباب ركود الأدب في المدينةالمنورة في تلك الحقبة يعود لسيادة (غلبة) اللسان الأعجمي في العهد العثماني، معتبراً أنه صورة مكررة للعهد المملوكي في الإضرار بالأدب العربي. وعدد الردادي بعض الأسر في المدينةالمنورة في تلك الحقبة الأدبية، معتبرا أنهم رواد الأدب في ذلك العصر من بينهم أسرة آل معصوم، وآل شدقم، والخياري، وأسرة إلياس، تتابعوا لحفظ المخزون الثقافي المديني وموثقين في قصائدهم الحوادث المهمة في ذلك العهد. هذا وجاءت ورقة الأكاديمي والباحث في تاريخ المدينة الأدبي الدكتور محمد الشريف موافقاً لما ذهب إليه الردادي، وقال «سيطرت العجمة على المدينة إبان القرن الثاني عشر الهجري حتى أن القاضي الشرعي كان يفصل بين منازعات أهالي المدينة مستعيناً بمترجم عربي». وشهدت الندوة مداخلة معارضة كانت بدايتها مع أستاذ الأدب في جامعة طيبة سابقاً وخبير اللغة العربية الدكتور شكري سمارة وقال معارضاً أن وصم تاريخ الأدب في المدينةالمنورة إبان القرنين الحادى عشر والثاني عشر الهجريين بعصر الانحطاط والانحدار والجمود، هي تسمية جائرة يدحضها ما نجده من مؤلّفات تعود لتلك الفترة من هذا العصر الزاخر في شتى المجالات، وإن كان هناك بعض ركاكة وسخف في مجال الشعر والنثر بسبب غلبة العجمة عليه وكثرة الفتن فيه، فهذه التسميات مهما تعددت فهي لن تغير من حقيقة وجوهر ذلك الأدب شيئا لمن عرفه على حقيقته ووضعه في إطاره التاريخي الصحيح، وقال: يشترك الحجاز مع المناطق المجاورة في الجزيرة العربية في كونها جميعا موطن حضارة ضاربة في أعماق التاريخ غير أن هذه التسمية ألقت بثقل ظلّها على هذا العصر، فأعرض عنه الباحثون وقفزتها مقررات التعليم الجامعي، ومن المفترض علينا أن نعي هذا العصر وعيا صحيحا، وأن ندرسه درسا منهجيّا أکاديميا، ولنناقش عناصره ولندرس مؤثراتها الإيجابية والسلبية.