صحيح أن موسكو لا تقع وسط روسيا، لكنها عاصمة القرار أيام الاتحاد السوفييتي واليوم ومن قبل، فما هي علاقة الوسط والمركز والمركزية في الموضوع؟ فلنتعرف على موسكو المركبة على قاعدة الدوائر والمركز، بشوارعها وخطوط سككها الحديد تحت الأرض، ولنتعرف أين تقع نقطة المركز وماذا تعني وكيف هي في القرارين العمراني والسياسي. عندما زرت موسكو لأول مرة، اصطحبني الأصدقاء إلى الساحة الحمراء، وهي وسط العاصمة. ووسط هذه الساحة الفسيحة دائرة صغيرة بقطر مترين، وفي مركزها بقعة من النحاس بقطر عشرة سنتمترات، طلبوا مني أن أقف عليها ليلتقطوا لي صورة شأن الكثيرين هناك الذين ينتظرون دورهم بالقرب من الدائرة. وعندما نظرت إلى خارطة المدينة، أذهلتني المفارقة، وهي أن موسكو كلها مركبة على أساس هذه النقطة المركزية النحاسية. شارع عريض يلتف حول الساحة الحمراء، وهو الدائري الأول كما يسمى هنا،، وعلى بعد عدة كيلومترات يلتف الدائري الثاني، وهو شارع عريض يسمى سادوفي، وبعده بعدة كيلومترات الدائري الثالث، إلى أن نصل إلى الدائري الطويل العريض الذي يحيط بكل المدينة الواسعة المنبسطة. أمّا المترو فهو كذلك تحت الأرض، إذا لا بد أن تقطع العربات كلها نقطة المركز، وتمر قاطعة الخط الدائري البني الذي يشكل حلقة في الوسط تربط كل الخطوط بعضها ببعض. وحتى المدن المحيطة بالعاصمة الروسية فهي تتوزع بشكل دائري أيضاً، وتسمى الطوق الذهبي. أما العقل الروسي كما يقول العارفون فهو مباشر كأنه خط مستقيم، حتى في التفافه الدائري، إذ يُخيّل للمستخدمين أن الطريق مستقيم على الدوائر الكبيرة. والمكان الوحيد الذي يمكنك أن تشعر فيه بالالتفاف، في موسكو، هو الدائرة النحاسية في الساحة الحمراء التي تقع في محيطها كل الدوائر الحكومية ومراكز اتخاذ القرار.