اليوم الوطني .. هو احتفال سنوي بالوطن، احتفاء بأبنائه ومؤسساته ورجاله، المشكلة إذا تم ذلك شكلياً بدون تطبيقات على أرض الواقع، آنذاك تتبين حقيقة محبة بعضنا للوطن، فإذا هي دجل وكذب وزيف. فهل نصدّق مظاهر الاحتفال التي تحتفل بها الجهات الحكومية، ومظاهر الاحتفاء التي يتنافس عليها كثير من المواطنين، أم نصدق الواقع الذي نعيشه كل يوم على أرض الواقع؟ هنا بعض أمثلة لبعض الواقع الذي أعنيه على أرض الحقيقة: رشوة يدفعها مواطن ويستقبلها مواطن آخر في منصب وظيفي آخر.. موظف لا يبدأ دوامه إلا وفقاً لمزاجه، وآخر اهتمامه معاملات المراجعين.. تاجر يحتكر السلعة ويبالغ في سعر بيعها.. إعلامي ينتقي الأخبار، ويطبل ويزمر للمسؤول تقرباً أو نفاقاً.. شركة تتهرب من الزكاة، ودفعها للمستحقين، فضلاً عن تحمل مسؤوليتها الاجتماعية.. رجل مرور ترتكب المخالفة أمامه ويتكاسل حتى عن تعقب فاعلها.. مواطن يحصل على منحة أرض يعرف تماماً أنه لم يستحقها.. موظف يمرر قراراً يعرف هو قبل غيره أن فيه ظلماً لمواطن آخر.. مستشار يعطي المشورة الخطأ لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة.. مسؤول لا يراقب الله في عمله، وهمه الأكبر البقاء على كرسيه.. موظف يطبل للمسؤول، نفاقاً وتجميلاً لتلميع صورته أمامه.. تاجر يغش في سلعته أو خدمته التي يقدمها للجمهور.. معلم لا يهتم بالتربية ولا يخاف الله في جيل تحمّل أمانتهم.. سفير لا يهتم بالمواطنين، وجُل همه خدمة كبار الشخصيات.. كاتب صحفي يمدح ويمدح ويمدح، لخدمة مصالحه الشخصية.. شاب يفحط ويغتال الأرواح والأخلاق، يدعمه في ذلك جمهور طائش مثله.. شاب آخر يتوشح بشال الوطن ويتسكع في الأسواق يتحرش ببنات الوطن.. شركات تبيع مواد منتهية الصلاحية، ومطاعم تفتقد أدنى درجات النظافة.. مستشفى همه الأكبر ليس العلاج، بل مص دماء المراجعين.. مواطن يرمي مخلفاته وقاذوراته في الشارع والمكتب والمنزل.. هذا غيض من فيض، إذا تذكرت بعضاً من ذلك أشعر بغصة وألم وانقباض، وتأكدت أن البون شاسع بين فهم بعضنا حقيقة المواطنة وترجمتها على أرض الواقع. المواطنة تبدأ من الداخل، من أنفسنا وأسرنا وأعمالنا.. وبالتالي سينعكس أثرها على المجتمع بأسره، بعد ذلك يحق لكل منّا الاحتفاء بوطن أسهم في إصلاحه وبنائه…