سمو ولي العهد يستقبل سمو نائب حاكم أبوظبي مستشار الأمن الوطني الإماراتي    وفد وزارة الرياضة يختتم مشاركته في منتدى "مراكش عاصمة شباب العالم الإسلامي 2025"    الاتفاق يبيع عقد غراي    الإسباني ألجواسيل مدربُا للشباب    إحباط محاولة تهريب 646 ألف حبة من مادة "الإمفيتامين" المخدر مُخبأة في إرسالية    فراس آل الشيخ، المدير الإقليمي لشركة ريد هات في المملكة: بناء المستقبل الرقمي للمملكة.. دور "ريد هات" في تمكين الابتكار والأمن السيبراني    القيادة تهنئ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى استقلال بلاده    قتيلة في جنوب روسيا    استمرار الرياح النشطة على معظم مناطق المملكة    الدولار يتماسك أمام اليورو والين    الهلال يواجه فلومينينسي البرازيلي    جمعية الكشافة تختتم مُشاركتها في ملتقى القطاع غير الربحي في التعليم والتدريب    أمين منطقة القصيم يتفقد مشروعي امتداد طريق الأمير محمد بن سلمان وطريق الملك سعود بمدينة بريدة    بلدية عنيزة تُطلق مهرجانيّ «كرنفال السعادة» و«صيف عنيزة» بالتعاون مع القطاع الخاص بمتوسط حضور يومي يتجاوز 8000 زائر    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران تطلق فعاليات برنامج أولمبياد أبطالنا 2025    الهلال الأحمر بنجران يكشف إحصائيات شهر يونيو 2025    بلدية محافظة الأسياح تنفذ 4793 جولة رقابية في النصف الأول لعام2025م.    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل "اليوم العالمي للبهاق" و "اليوم العالمي لإضطراب مابعد الصدمة"    الإسباني"إيمانويل ألغواسيل"مدرباً للشباب    الزمالك المصري يحجب رقم 10 الموسم المقبل بعد اعتزال شيكابالا    ترمب: اتصالي مع بوتين لم يحقق تقدمًا وأريد أن أرى أهل غزة آمنين    مجلس شؤون الأسرة يرأس وفد المملكة المشارك في الاجتماع التشاوري الثالث لمجموعة عمل تمكين المرأة    رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن إتمام مشروع سد النهضة    إحباط تهريب (3000) قرص "إمفيتامين" في الشرقية    نادي الصقور السعودي يعلن عن فعالياته لعام 2025    دروس قيادية من يوشع عليه السلام    محمد بن عبدالرحمن يُشرّف حفل سفارة الفلبين لدى المملكة    نائب أمير منطقة الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة أبناء عبدالعزيز السالم    إنقاذ طفل ابتلع حبة بقوليات استقرت في مجرى التنفس 9 أيام    فرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية ينظم ندوة للتوعية بخطر المخدرات    "ملتقى خريجي الجامعات السعودية يجسّد جسور التواصل العلمي والثقافي مع دول البلقان"    تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس التعاون.. قريباً    رئيس جمهورية إندونيسيا يغادر جدة    عقب تصريحات وزير العدل الإسرائيلي بأهمية ضم «الضفة».. تحذيرات أممية من مشروع «استيطاني استعماري»    أنغام: لست مسؤولة عما يحدث للفنانة شيرين عبد الوهاب    وسط توترات إقليمية متصاعدة.. إيران تعلق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية    استعرض التعاون البرلماني مع كمبوديا.. رئيس الشورى: توجيهات القيادة أسهمت في إنجاز مستهدفات رؤية 2030    49.4 مليار ريال إنفاق الزوار في الربع الأول    دعم النمو وجودة الحياة.. الرياض تستضيف"سيتي سكيب"    غندورة يحتفل بقران «حسام» و«حنين»    جامعة الملك سعود تحذر من خدمات القبول المزيفة    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    «الكتابات العربية القديمة».. أحدث إصدارات مركز الملك فيصل    اللقاءات الثقافية في المملكة.. جسور وعيٍ مستدام    الإنجاز والمشككون فيه    الجامعات السعودية تنظم ملتقى خريجيها من البلقان    «تسكيائي» اليابانية.. وحوار الأجيال    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    الأمير ناصر بن محمد يستقبل رئيس غرفة جازان    ترامب يهدد بترحيل ماسك إلى جنوب إفريقيا    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    بلدية المذنب تطلق مهرجان صيف المذنب 1447ه بفعاليات متنوعة في منتزه خرطم    انطلاق النسخة الثامنة لتأهيل الشباب للتواصل الحضاري.. تعزيز تطلعات السعودية لبناء جسور مع العالم والشعوب    تأهيل الطلاب السعوديين لأولمبياد المواصفات    العثمان.. الرحيل المر..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الشخصية العربية (2)
نشر في الشرق يوم 09 - 09 - 2012

لقد حاولت في حديثي السابق التقديم والتحضير لنقاش يتمحور حول شخصيتنا العربية تحديداً. شخصيتنا نحن بطريقة تفكيرها ورؤيتها للأمور، وفي تعاطيها مع المواقف اليومية المعيشة، وفي ممارساتها الحياتية اليومية وفي ردود أفعالها أمام المواقف والأفكار وكيفية تعاملها معها. ففي كل مجتمع بشري هناك نوع من السلوك وطريقة التفكير وفي التعامل مع أمور الحياة الذي يكاد يكون متشابهاً تماماً ما بين الأفراد الذين يتشكل منهم هذا المجتمع، ولو نظرنا لأنفسنا ولغيرنا من الناس المحيطين بنا والذين يعيشون ويفكرون بشكل أو بآخر بذات الطريقة التي نعيش ونفكر بها؛ لوجدنا وبشكل مباشر أن غالبية مشكلاتنا وصراعاتنا الشخصية مع الآخرين ومع الحياة ومع أنفسنا هي في الغالب إشكالية ثقافة مجتمع (أي طريقة معيشة وتفكير المجموعة وهم الغالبية العظمى من الناس في مكان ما) أكثر منها إشكاليات فردية.
بهذه الكيفية من التعميم لشخصية الكائن البشري، يرى ويقيّم وينظّر علماء الاجتماع والمختصون بعلم الإنسان طريقة تعاطينا مع الأمور الحياتية اليومية التي لا نستشعرها، وهكذا أفترض أنا شخصياً. فإن سلّمنا جدلا بإمكانية اعتماد هذا التعميم كمرجعية ورؤية، فغالب ما يميز طريقة تفكير فرد ما في الهيئة التي تمكّننا من تعميمها كطريقة تفكير أو طريقة حياة كشكل سائد في مجتمع ما، هو الخطوط العامة لهذه الشخصية ومدى طريقة تقييمها للأمور وردة فعلها غير الواعية (أي انفعالها) تجاه موقف ما، سواء كان هذا الموقف فكرياً كوجهة نظر أو مادياً كموقف حياتي ملموس. من جانب آخر، يعتقد علماء الإنسان أن سيادة شخصية ما كصفة غالبة لمجتمع ما هي مسألة نسبية أيضا تختلف نسبتها من مجتمع إلى آخر، في المقابل يعتقدون أنه ليس من الصعب إدراك مدى مقادير ونسب وأحجام ما يسمى بالذات الجماعية والذات الفردية، (أي مدى سيادة القدرة على التفكير بصفة فردية خالصة ترتكز على التباين في القدرات والمنطلقات ما بين الأفراد أو سيادة تفكير الجماعة بشكل قد يكون ديكتاتورياً في بعض جوانبه)، في هذه الثقافة من ناحية، ومدى تنظيمها ووضوحها من الناحية الأخرى. فعلى سبيل المثال تعد الذات في الشرق الأقصى هي ذات جماعية أكثر منها فردية سواء في طريقة تفكيرها وتقييمها للأمور، أو في ردات فعلها وتعاطيها المباشر معها وفي علاقتها مع الآخرين ومع ذاتها (أي تقييم الذات)، ولكن هذه الجماعية في التفكير وفي التعامل تأخذ شكلاً منظماً من السهل فيه فصل هذه الذات الجماعية عن الذات الفردية بعكس المجتمعات الشرقية (العربية والشرق أوسطية عامة) التي توجد فيها الذات الجماعية والذات الفردية متداخلة وهلامية بشكل مفرط من الصعب تحديد المعالم أو الأولويات فيها. في المقابل هناك في مجتمعات أخرى ذات فردية أحادية تتمحور فيها جميع جوانب الحياة حول الفرد ومن ثم تغرق الشخصية الإنسانية في فرديتها ووحدتها أيضا كما هو الحال في المجتمعات الغربية المعاصرة، التي تبقى فيها الذات البشرية على فرديتها الموحشة أكثر تنظيما ووضوحا من الذات الشرقية (العربية) المتداخلة بشكل مفرط ما بين فرديتها وجماعيتها.
برأيي أن الانتقال السريع الذي حدث للمجتمعات العربية وتحولها من مجتمعات بسيطة تغلب فيها حياة الجماعة على حياة الفرد الشخصية وخصوصيتها، إلى مجتمعات كبيرة ومعقدة سواء في طرائق المعيشة ومتطلبات الحياة اليومية أو حتى على مستوى تنوع مصادر المعلومات والأفكار بالشكل الذي يخلق معه وبشكل طبيعي تبايناً كبيراً في الشخصيات والرغبات والرؤى وطرائق التفكير. هذا الانتقال السريع على مستوى المعيشة وشكل المجتمع الخارجي لم يوجد معه وبشكل متوازٍ انتقال على مستوى العلاقات ما بين الأفراد ومدى سلطوية المجتمع وطريقة تفكيره العامة على الفرد، وقدرته على التماهي مع أفكاره ورغباته ورؤاه الشخصية وتطبيقها على الأرض كطريقة حياة بدون ضغوط مباشرة من المجموعة المحيطة به التي قد تؤدي في أعلى مراحلها إلى نبذ وتحييد هذا الفرد لمجرد محاولته العيش بطريقة قد تكون مختلفة قليلاً أو كثيراً عنها. هذا التباين برأيي ما بين رؤى ورغبات وطريقة تفكير الفرد من ناحية، والمجموعة المحيطة به من ناحية أخرى، وفي ظل عدم قدرة هذا الفرد على التعبير عن قناعاته ورؤاه الشخصية، ومن ثم العيش من خلالها بسبب الضغوط المحيطة به، خلق شخصية معقدة ومركبة ومتداخلة تحمل في جنباتها منظومة مشاعر ورغبات ودوافع متناقضة حتى على الإنسان العربي الذي لا يستطيع حتى هو تحديد ملامح شخصيته في ظل هذه التنازعات التي تتجاذبها. وسأحاول من خلال طرحي القادم محاولة تسليط الضوء على بعض هذه الملامح المتداخلة والمتناقضة في شخصيتنا العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.