المانجو في جازان.. ثروة اقتصادية تنمو بالبحث والتطوير    المملكة الأولى في مؤشر الخدمات الحكومية الإلكترونية وفق مؤشر (الإسكوا) للمرة الثالثة على التوالي    منظمة التعاون الإسلامي تُدين الاعتداء على المرافق الحيوية والبنية التحتية في بورتسودان وكسلا بالسودان    القيادة تهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    مختص ل"الرياض": 85% من الوظائف المستقبلية ستكون قائمة على المهارات الاتصالية والتقنية    عبد الله الفارس رئيسا لمجلس إدارة "زين السعودية" وبدر الخرافي نائباَ لرئيس مجلس الإدارة    قوّات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم    تجمع الأحساء الصحي ينظم ورشة عمل الرعاية التلطيفية    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    هيئة فنون العمارة والتصميم تختتم المنتدى الأكاديمي للعمارة والتصميم بنسخته الثالثة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    مستشفى النعيرية العام يحتفي باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    طبيبة من أصل عربي لمنصب الجراح العام في امريكا    أسعار النفط تنخفض بأكثر من دولارين للبرميل        محافظ الدرعية يرعى حفل تخريج طلاب جامعة المعرفة    عادة يومية ترفع معدل الوفاة بسرطان القولون    قبل أن أعرفك أفروديت    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    سعد البريك    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    الداخلية: 100 ألف ريال غرامة لمن يؤوي حاملي تأشيرات الزيارة    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    خطة لتوزيع المساعدات تُشرعن التجويع والحصار .. إسرائيل تدير الموت في غزة بغطاء إنساني زائف    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    خلف كل بساطة عمق عظيم    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    اللقب الأغلى في تاريخ قلعة الكؤوس.. عاد الأهلي.. فأرعب القارة الآسيوية    التقى أمير المدينة والأهالي وأشاد بالتطور المتسارع للمنطقة.. وزير الداخلية يوجه بمضاعفة الجهود لراحة قاصدي المسجد النبوي    أمير الشرقية يعزي المهندس أمين الناصر في وفاة والدته    برعاية خوجة وحضور كبير.. تدشين كتاب «صفحات من حياة كامل بن أحمد أزهر»    انطلاق المعرض العائم اليوم في جدة.. 60 مليار ريال سوق «الفرنشايز» في السعودية    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    الملك يتلقى دعوة من رئيس العراق لحضور القمة العربية    منجزات رياضية    ضمن فعاليات "موسم الرياض" لاس فيغاس تحتضن نزال القرن بين كانيلو وكراوفورد سبتمبر المقبل    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    «البرلماني العربي» يدعم القضية الفلسطينية ويرفض التهجير    أمير جازان يلتقي مدير فرع "العدل"    أمير الرياض يطّلع على جهود وأعمال الدفاع المدني    تنفيذ 15 مشروعاً بيئياً في جدة بأكثر من 2.3 مليار ريال    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    اختتام بطولة المنطقة الوسطى المفتوحة للملاكمة    المملكة تتقدم 28 مرتبة بتقرير مخزون البيانات المفتوحة    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    إقبال كبير على معرض المملكة «جسور» في كوسوفو    رئيس إندونيسيا يشيد بجهود المملكة في "مبادرة طريق مكة"    بيئة المملكة خضراء متطورة    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة السياسية.. مبادئها وأبعادها
نشر في الشرق يوم 24 - 08 - 2012

من نحن؟ إن السؤال الذي يطرحه العالم السياسي الشهير صاحب نظرية «صراع الحضارات» صموئيل هنتجتون، تكمن إجابته في هوية الدولة، حيث تعكس ثقافة المجتمع الذي يحوي بين جنباته مفهوم الثقافة السياسية. فما هي الثقافة السياسية؟ للإجابة على هذا السؤال، وجب التفريق بين مفهوم الثقافة ومفهوم السياسة في محاولة لتوضيح المبادىء العامة للثقافة السياسية وأبعادها.
كل ثقافة خلفها فكر، والفكر يعني العقل، هكذا بدأ المفهوم يظهر حينما بدأ الإنسان بعمارة الأرض. ولهذا يقال: إن الثقافة تنتهي فقط بانتهاء الإنسانية. والثقافة بهذا التصور تعني المخزون المعرفي لمجتمع ما، مخزون معرفي ليس جامدا بل مرن يستوعب كل ما هو جديد ليمزجه بالمخزون القديم منتجا مخزونا معرفيا جديدا ليستمر التطور الثقافي لمجتمع ما. ويظهر أكثر ما يظهر تطبيق مفهوم الثقافة في الحياة في مفهوم الحضارة، التي تعني السلوك الذي ينتهجه مجتمع ما. ولهذا يقول الرئيس البوسني الأسبق على عزت بيجوفيتش – رحمه الله – « حامل الثقافة الإنسان، وحامل الحضارة المجتمع». ولهذا، أيضا يقال: إن « الحضارة تعلّم، أما الثقافة فتنور، لذلك تحتاج الأولى إلى التعلم، وتحتاج الأخرى إلى التأمل». وإذا كان هذا هو مفهوم الثقافة، فماذا تعني السياسة؟. للحديث عن السياسة لنا وقفة مع نشأة هذا العلم. نشأت العلوم الإنسانية – الاجتماعية من رحم الفلسفة، التي تعتبر بحق أم المعرفة العلمية الإنسانية – الاجتماعية. وسرعان ما استطاعت تلك العلوم من فك الارتباط الأسري بشكل كبير، والاستقلال بشكل أكبر لتكّون مبادئها وقوانينها ومناهجها العلمية الخاصة بها، المعبرة عن ظواهرها وموادها العلمية. ولكن علم السياسة تأخر عن فك الارتباط، ليحظى برعاية ووصاية أخوية – إن جاز هذا التعبير – من قبل بعض هذه العلوم. حرم علم السياسة لسنوات طويلة من الشخصية المعبرة عنه بسبب سيطرة قوانين ومبادئ ومناهج البحث في تلك العلوم مما جعله رهينة لتطورها. حيث إن نظام الوصاية من قبل تلك العلوم لم يأت ِ بخير كثير منتظر لعلم السياسة الوليد ومنهجيته. فيشكك بعض العلماء مثل ديفرجيه وجورج لافو وأندريه لاتراي بعلمية السياسة وإمكانية استقلاله، وأنه سيظل في مرحلة الطفولة العلمية. وإذا كان هؤلاء العلماء قاسين بهذا الوصف على علمية علم السياسة، فإن بعض العلماء الآخرين لم يكونوا أحسن حالا من حيث بسط المنهج السلوكي – الكمي على علم السياسة مثل: روبرت داهل، وآرثر بنتلي، وتشارلز مارييام .حيث توجد المعادلات الإحصائية التي أثقلت كاهل رواد علم السياسية، وأحبطت من حماسهم نحو إيجاد صيغة مناسبة لضبط العلم الوليد. استطاع علماء السياسة بعد جهد من البدء في عملية تكوين الشخصية المعبرة عنه من خلال التركيز على جوهر ظاهرة علم السياسة ألا وهو « السلطة» أو الصراع من أجلها أو التوزيع السلطوي القيمي لها. إن هذا التركيز جلب لعلم السياسة مواضيعه العلمية، مميزا إياه عن العلوم الأخرى، حيث تركزت مواضيعه في الأساس على: النظرية السياسة، والعلاقات الدولية، والأحزاب والكتل السياسية، والنظم السياسية.
وإذا أرجعنا مفهوم الثقافة السياسية لموقعه ضمن مواضيع علم السياسة وفق التصنيفات السابقة، فإنه يقع في نطاق النظم السياسية التي تهتم بشكل نظام الحكم، وآليات اتخاذ القرار السياسي من عملية المدخلات والمخرجات والتغذية العاكسة، التي أجاد في طرح فكرها كلٌ من إيستون، في طرحه مفهوم النظام السياسي، وألموند في طرحه فكرة الثقافة السياسية، كلٌ على حسب تصوره لآلية عملية اتخاذ القرارات السياسية. عليه، فإنه يمكن تعريف الثقافة السياسية بأنها المخزون المعرفي الفرعي لمجتمع ما، المتعلق بشؤون السلطة والمفردات السياسية اللغوية المستخدمة في مجتمع ما في فترة زمنية ما تجاه السلطة. وتقوم مبادىء الثقافة السياسية على عدة مبادئ منها المرجعية، التي تعني المصادر المعرفية التي يستند إليها النظام السياسي للدولة. ويدعو المبدأ الثاني إلى العمل الجماعي وليس الفردي في كافة قضايا المجتمع، والعمل وفق المسؤولية الاجتماعية. ويتعلق المبدأ الثالث بالإطار العام للعمل السياسي، وكيفية الفصل بين النطاق الخاص والعام ليحدد لنا شروط المشاركة السياسية في التنمية السياسية مثل السن والأهلية القانونية …إلخ. وأخير، فإن الحس والولاء الوطني كمبدأ يساعد الأنظمة السياسية وقت الأزمات التي قد تتعرض لها. والثقافة السياسية لا تنتهي بمبادئها، بل تتوسع لتكون لها أبعاد. ويمكن تقسيم أبعادها إلى محلية ودولية. البعد المحلي، يمكن أن ترى أبعاد الثقافة السياسية المحلية في زيادة المشاركة السياسية سواء عن طريق المجالس البلدية، أو الانتخابات التشريعية، أو في استخدام مفردات سياسية، واستحداث مفردات. وهي عملية مستمرة في الخطاب السياسي للدولة أو في البعد الإعلامي أو في البعد الاجتماعي والاقتصادي. أما البعد الدولي فتجده في الاقتصاد والاستثمار والسياسة الدولية. أما اقتصاديا، فتجده مثلا في فكرة إنشاء البنك الدولي إبان الحرب العالمية الثانية. أما في الاستثمار الدولي، فتجده في مواضيع مثل صرامة تطبيق القوانين الاستثمارية والاستقرار السياسي في دولة ما. أما في مجال السياسة الدولية، فإن العالم صموئيل هنتجتون، قد جعل مفهوم الثقافة السياسية سياسة دولية من خلال كتابه «صراع الحضارات»، واعتبرت ثقافة سياسية سلبية، ويبدو أنها زائلة بموت الرجل نفسه. ولكن، توجد ثقافة سياسية دولية موجبة، ويمكن اعتبار مبادرة الملك عبدالله للتعايش الحضاري السلمي بين الأديان والأمم اتجاها إيجابيا للثقافة السياسية.
وفي الختام أحب أن أختم بهذه الفلسفة التي جاءت وليدة لهذا المقال. ووراء كل دولة ثقافة سياسية، ووراء كل ثقافة سياسية نظرية، ووراء كل نظرية مفهوم، ووراء كل مفهوم فكر، فلا شك إذا أن الثقافة السياسية هي الفكر الأهم في المجتمع لأنها تحدد ملامح وصفات الدولة من خلال السؤال: من نحن؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.