ستخرج من هذا المقال مُودّعا الأرض إرهاقا من مقالاتٍ ثلاث متتالية.. كلها لوحات إرشادية، ومخارج ونشرات داخلية، ودلائل مُحزنة وأخرى مُضحكة! ستفارق المعمورة ومن يسكنها طمعاً في ارتقاء فكرك، مُسلِّماً للسماء رقبتك، مُطلِقاً العنان وليس لك إلا أن تشْهد لوحاتٍ إعلانية كبرى متأمّلا فيها لتغيّبك عن الواقع أكثر! توقّف أحدهم عند لوحة كُتب فيها: “أثر للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم” فقال: “لعلّه لم يثبُت” فأمر بطمسه، وحين أكّدوا عليه ثبوته، قال: “لا بأس إن ثبت” ولكن أغلقوه “درعا” عن المفاسد -تعبير السحيمي- و”شَداً للذرائع” -تعبير إيمان الأمير- وخشية أن يتبرّك به الجُهّال والمبتدعون من عبدة الشّجر والحجر والمتعلّقون بكلّ أثر! في الوقت الذي تتسابق فيه كبرى الدول في جذب السياح بحملات تسويقية بمبالغ ضخمة يجنون أضعافها، يتضجّر البعض من زوار البلد -هنا- وبقرار شعبي “من داخل الحي” يُغلقون معلما سياحيا وأثرا نبويا (مُختَلفا عليه)! في البلد علماء شريعة ومؤرّخون وخبراء آثار.. ولا مجال للاجتهاد والحماس، وما أنا إلا مطّلع على اللّوحات -إن وُجِدت- باحثٌ عن مضامينها متأمّل، فلا تسألني هل ثبت أم لا؟ وإن خرجتَ مثلي مندهشا فلا تنس في حال تعلّقك بالأعلى -دوما- أن تطلب الهداية والثّبات ممّن خلق اللوح في السماء: فيا ربّ أرنا الحق حقّا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبسا علينا فنضِلّ! بالمناسبة: يُذكر أن في نفس المنطقة مسجدا يقال له “الفسح” نزلت فيه آية: “يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم” وهو ثابت في السيرة النبويّة تُهتُ حتى اهتديت لموقعه، وهو بقايا مسجدٍ يُلاصقه “كراج” سيارة لأحد الجيران أنفُسهم الذين تضرّروا من الزوّار.. والمكان يملؤه روث الغنم -أُكرِمتُم-..! فأيّهما المتضرّر؟! المجالس بالغنا في فسحها وبقيت العقول! أعرف أنّك اعتدتَ الحيرة في لوحاتٍ بشواهدها ومضامينها، فما رأيك في مضمون عظيم وبلا لوحة؟!