يصدف أن يكون الرقيب الاجتماعي أو صاحب الفضيلة مهووساً بقضية قيم معينة تخصه هو ولكن الظروف قد تساعده على فرضها قسراً على الناس وهذا ما حدث مع السيد آنثوني كومستوك. مع نهاية الحرب الأهلية الأمريكية 1865 وصل كومستوك الشاب الفقير إلى نيويورك قادماً من مدينته بولاية كونكتيتكت وفي جيبه أربعة دولارات فقط، عمل في البدء بائعا في بقالة وتزوج من فتاة لأحد رجال الدين البروتستانتيين ومن هنا نمت ثروته وعرف من أين تؤكل الكتف وأشياء أخرى، في لحظة ما في شبابه اعترف لأحد أصدقائه أنه تعرض للغواية وفسدت أخلاقه بسبب قراءته أحد الكتب لذلك عزم على تحويل تجربته الخاصة إلى منهج عام للبشر، فبدعم من اتحاد الشبيبة المسيحي حصل على 8500 دولار لتأسيس «جمعية مكافحة الرذيلة» وخصوصاً رذيلة الكتب غير الأخلاقية، هذه الجمعية دانت بحسب قول مؤسسها قبل وفاته وخلال نصف قرن 4000 شخص من القراء والناشرين وباعة الكتب وتسببت في انتحار 15 شخصا من القهر ونُشرت عشرات القوائم السوداء التي تضم أسماء عريقة في الأدب أمثال بلزاك وبرنارد شو وتولستوي على اعتبار أن أدبهم رخيص ومبتذل ويدعو للفتنة، المفارقة أن كومستوك لم يكن يقرأ الكتب التي يمزقها فهو يسترجع مقولة أوسكار وايلد «بعدم قراءة الكتب كي لا نقع في فخ التحيز».تُطرح حكاية السيد كومستوك الآن فيمن يستغل قيم الفضيلة السامية في الفتك بالآخرين، صديقنا كومستوك مات بعد عراك طويل من الصحافة الحرة ولكن عوالم معاصرة مازالت تعيش ذات الأفكار والصراع والله المستعان.