راهنت السعودية على إعمار لبنان، وراهنت إيران على تسليح حزب الله، وفي النهاية انتصر السلاح. بعد سنين من المليارات السعودية لتنمية لبنان وتطوير بنيته التحتية وإعادة تأهيلة – ليصبح كما كان قبل الحرب الأهلية – قبلة السياح؛ أتت ميلشيا حزب إيران لتبتلع كل ما تم من إنجازات، في عام 2005 اغتيل رفيق الحريري، وفي عام 2006 اجتاح حزب إيران بآلياته وجنوده بيروت بعد غضب الحزب من تفكيك شبكة اتصالات تجسسية له. من بعد هاتين الحادثتين، تحولت إيران من دولة نامية إلى جمهورية خوف، يتحدث فيها السياسيون والإعلاميون وأعينهم تنظر بخوف إلى بنادق منصوبة فوق رؤوسهم، لذلك ليس غريبا تنكّر خائفين فيه لمن ساهم في إعمار بلدهم. لم تعد لبنان دولة، فمن أركان الدولة السيادة، والحكومة لا تملك السيادة والسلطة على أرضها ولا قراراتها، فالجيش أضعف بكثير من ميليشات الحزب. وهذا ديدن إيران مع كل الدول التي تحتلها سياسيا، تُضعِف جيشها وتستبدله بقوة أكبر تابعة لها، كما في العراق والحشد الشعبي، وسوريا وحزب الله والميليشيات العراقيةوالإيرانية، وكما كان مخططا لعمله في اليمن بجعل الحوثيين أقوى من الجيش الوطني. لبنان لا يحتاج دعماً يتسرب إلى أعدائه، بل يحتاج وقفة دولية لجعله دولة أولا، عبر مساعدته على استعادة السيادة على أرضه بطرد الاحتلال الإيراني كما طُرد الاحتلال السوري والإسرائيلي.