المأساة في غزة تتفاقم... الخيام تغرق والنازحين معرضين للخطر    القادسية يختتم معسكره في الإمارات بالفوز على الظفرة    مدرب الجزائر: محبطون للخروج من كأس العرب.. خسرنا بركلات الحظ    أمسية شعرية وطنية في معرض جدة للكتاب 2025    الاتحاد الأوروبي يوافق على تجميد أصول روسيا إلى أجل غير مسمى    الأردني يزن النعيمات يصاب بقطع في الرباط الصليبي    القادسية يختتم معسكره الخارجي في دبي بالفوز على الظفرة ويغادر إلى المملكة    تراجع طفيف في أسعار النفط    الفتح يخسر ودياً أمام الاتفاق بثلاثية    إحباط تهريب (114,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    أول فعالية بولو على كورنيش الدوحة تدشن انطلاقتها بمنافسات عالمية وظهور تاريخي لأول لاعبي بولو قطريين    الاتحاد السعودي للتسلق والهايكنج ينفّذ فعالية هايكنج اليوم الدولي للجبال بالباحة    أمير حائل ونائبه يعزيان أسرة آل عاطف في وفاة "أبو مرداع"    الأردن يكسب العراق ويواجه الأخضر السعودي في نصف نهائي كأس العرب    ورشة عمل في كتاب جدة حول فلسفة التربية    تأجيل مباريات الجولة العاشرة من دوري روشن    نائب وزير «البيئة» يؤكد أهمية التعاون الدولي في تبنّي نهجٍ تكاملي    تصوير الحوادث ظاهرة سلبية ومخالفة تستوجب الغرامة 1000 ريال    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    تعليم جازان يشارك في فعاليات اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2025 بركن توعوي في الراشد    آل ناشع يرعى فعاليات اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    السلامة الرقمية في غرف الأخبار بفرع هيئة الصحفيين بالمدينة    جلسة حوارية حول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة نظمتها جمعية سنابل الخير والعطاء بعسير    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    "الداخلية" تستحضر قيمة المكان والذاكرة الوطنية عبر "قصر سلوى"    الجوازات تستعرض إصدارات وثائق السفر التاريخية في واحة الأمن بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل ال (10)    الصعيدي يفتح دفاتر الإذاعة في أمسية بقصيرية الكتاب    إمام الحرم: بعض أدوات التواصل الاجتماعي تُغرق في السطحيات وتُفسد الذوق    إمام وخطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر    تألق كبير لثنائية كنو والدوسري في كأس العرب    امطار وضباب على اجزاء من منطقة الرياض والشرقية والشمالية    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    المملكة ترتقي بجهود التنمية المستدامة عبر 45 اتفاقية ومذكرة تفاهم    ترامب: سنشارك في اجتماع أوكرانيا بشرط وجود فرصة جيدة لإحراز تقدم    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    أسبوع الفرص والمخاطر للسوق السعودي    المرونة والثقة تحرك القطاع الخاص خلال 10 سنوات    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    زواج يوسف    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    استئصال البروستاتا بتقنية الهوليب لمريض سبعيني في الخبر دون شق جراحي    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب عاقون للغتهم
نشر في الشرق يوم 21 - 12 - 2015

ليسَ من قبيل الهجاءِ لذواتنا وإنما بتحريضٍ من الحقيقة أستطيع القول:
ما عقّ أهلُ لغةٍ كما عقّ العربُ – المتأخرون – لغتَهم. مع أنّي أتحفظ كثيراً على القولِ بوجودِ أمّةٍ أخرى قد عقّت لغتها باستثناء ما نجترحه (نحن العرب) في حقّ لُغتنا!!
وما اللسان المستعار الذي أحللناه مكان اللسان الأصلي إلا صورة تتأكد فيها كل معاني العقوق للغتنا، إذ هي خيانةٌ للسان الأصلي ذلك وأنّ من استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فقد رضي أن يكون مع الخوالف ممن يشغبون على: «هويّتهم» بما يستوردونه من خطابٍ ينكث غزل انتمائهم من بعد قوةٍ أنكاثا، ما يجعل ثقافة المُستَعير – وخطاب هويّته – ماضياً بالاتجاه الذي ينتهي بهما – الثقافة والخطاب – إلى التآكل فالانقراض!
وإذا ما أردت أن تستبين سبيل فكر (أمة) وأسلوب حياتها، فانظر إلى مدى النكوص الذي تعيشه أجيالها وهي لا تحفل بلسانها، في حين تشقى في سبيل التوافر على لسانٍ قومٍ – آخرين – وإجادته وتلك حالة من شأنها أن تكون عاملاً رئيساً لتصدّع جُدُر حصون «فكر الأمة» ما تلبث بعده أن تسقط تلك الجدر، وحين تكون هذه: «الواقعة» فهي الخافضة ل: «فكر الأمة» في وادٍ سحيقٍ لا يُكترث له.
وليس بخافٍ أنّ من يجتلب لساناً غير لسانه فهو بالضرورة سيجد نفسه ذات يومٍ في ضائقةٍ (وجوديّةٍ)، بحيثُ لا يسعه أن يُعمل فكره إلا في إطار تلك اللغة التي كان حفيّاً بلسانها، غير أن تكوينه يأبى عليها أن يضاهي أهل ذلك اللسان – اللغة الأخرى – فيستحيلُ: «مسخاً» ومذبذباً لا طعم له ولا لون يُمكن أن يُستدلّ بهما على وجوده في الشهود الحضاري.
لغتنا العربية ليست بكبير حاجةٍ إلى مزيدٍ من التغنّي بمآثرها أو تدبيج قصائد تُتلى في مدحها ذلك أنّ مثل هذا الصنيع لا يعدو أن يكون حدثاً لحظيّاً تنتهي آثاره بانتهاء احتفاليّةٍ كانت ظنينةً على: «العربية» بيومٍ واحدٍ، يعود العرب من بعد هذا اليوم «العالمي» الذي يشي بدلالات القطعية إلى ما كانوا عليه قبلاً، من غيّهم القديم في الحطّ من شأنِ لغتهم وهجرانها على أعلى مستويات مقاعد الدراسة والتعلم، وآية ذلك يتجلّى في الغياب الفاحش ل: «اللغة العربية» في جامعتنا، فيما الحضور كان طاغياً ل: «الإنجليزية» حتى لتخال نفسك في: «لندن» ولست في مهبط الوحي وموئل: «العربية»، ما حدا بكثيرين أن يجدوا أنفسهم في مواقف حرجة طالما شعروا معها بالدون بحسبانهم لا يعرفون إلا: «العربية»!
إنّ حالة التخلّف: «اللغوي» والركود الحضاري ل: «لغتنا»، سيمضي بنا إلى ما هو أبعد من ذلك إذا ما بقيت مناهجنا على ما هي عليه من هذا الترهل المُقنّع، وبقي تعليمنا – عربياً – على ما هو عليه من الرداءة المتولدة من: «العقل» التعليمي الذي نرزح تحت نيره حقباً! ذلك أنّه من المحال بالمرّة إمكانيّة تغيّر الواقع الرديء إذا لم تتغيّر أدواته ووسائله وشروط المعرفة فيه وأنماط تفكيره على النحو الذي يحفظ ل: «العربية» قيمتها وقدرها المنوط حفظه ب: «القرآن» بحسبانه كتاباً خالداً، وإنّ من أبسط معاني: «الخلود» القدرة وبكفاءةٍ مهنيّةٍ – علميّةٍ – على الإنتاج جِدّةً وتقديم الحلول لأي معضلةٍ تنشأ عن أسئلة الإنسان في كلّ زمان.. غير أنّ هذا لن يتحقق إذا ما بقينا نلتف على ذات الوسائل والأدوات ونمنحها القدسيّة ونحسب تالياً أن: «الجمود» عليها ضرب من الاستقامة، بينما الحقيقة تؤكد لنا – دون أن تحابي أحداً – تؤكد لنا بأنّنا إذا ما ظللنا عالةً على أدوات من سبق وارتجاع وسائلهم التي أنتجها زمانهم وفق مقتضيات الحاجة «المعرفية» يومهم ذاك؛ فإننا سنكرّس الإخفاقات وسنفيق ذات يوم لنجد أنفسنا بذات المكان – المتخلف -، لم نبرحه إذ لم نقطع أيّ مسافةٍ باتجاه استعادة الريادة لصناعة مستقبلٍ لغويّ آمن.. وسنبقى إذا ما كنا في وضعيّةٍ هزيلةٍ خبرةً وإمكاناتٍ تعجز أن تؤهلنا على الصبر على التحديات، فإننا والحالة هذه ستبقى ما بين المراوحة في ذات المكان وبين الوهم بأننا قد أحسنا صُنعا.
وفي الجملة: فإنه ليس ممكناً – مهما كان الاحتفال بيوم اللغة باذخاً – أن تعود ل: «العربية» حقوقها، فيبرُّها أبناؤها ما لم تكن ثمة سياسة «لغوية» يسبقها تخطيط لغويٌّ يمارس من قِبل أعلى هرم في الحكومات العربية، يُدشن اشتغاله لصالح «العربية» بتخطيطٍ يجعل من أولى مهامه أولوية الدراسات التي يُطلب منها أن تُنجز جرداً لحقائق المجتمع ووقائعه إزاء «العربية»، ابتغاء وضع استراتيجية للسياسية اللغوية يتأتى ذلك من منطلق الوعي المبني على تصورٍ عالٍ بقيمة: «العربية»، بوصفها الهوية التي من شأنها أن تنأى بنا عن الاستسلام لأي هيمنةٍ أو أن نُستلب بطريقةٍ أو بأخرى.
ويبقى القول:
إنّ الحافظ على هويتنا، يبدأ من التخطيط اللغوي لاستراتيجية تضمن لنا: «الأمن اللغوي»، أولى الخطوات في الطريق، لاستعادة عافية: «العربية» وتشافي العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.