البطالة في أدنى مستوياتها    تعزيز الأمن وبناء الاقتصاد.. مستقبل منطقة الخليج    خيال يا هلال    الهلال الشجاع    رئيس الاتحاد الآسيوي: الهلال شرّف الكرة الآسيوية    بوتين يحمّل الغرب مسؤولية النزاع في أوكرانيا    غزة: المساعدات «حقل للموت»    متحف «تيم لاب بلا حدود» يحتفي بعامه الأول في جدة    صناع السينما والنقد في ليلة «السينمائيُّون الجدد»    "عسل جازان" يحقق ميدالية بلاتينية في مسابقة لندن الدولية 2025    أمير جازان في زيارة تفقدية لمحافظة ابو عريش والوقوف على مجرى السيول بوادي عز الدين    بيكهام: سان جيرمان الأفضل في العالم    "الإحصاء" تُكرِّم الإدارات التعليمة الفائزة في مسابقة المعرفة الإحصائية    1612 عملية قلب مفتوح وقسطرة قلبية بتجمع جازان الصحي    المملكة تُعلن استضافتها المؤتمر العام ال21 لمنظمة unido    "دلّه الصحية" تفتتح عيادة جديدة في حي السلام بالرياض    فيصل بن مشعل يطّلع على تقرير غرفة القصيم لعام 2024م    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير نادي منسوبي وزارة الداخلية بمناسبة تعيينه    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيم حفل "فرحة نجاح" احتفاءً بنجاح نزيلات مؤسسة رعاية الفتيات    رياضي / الهلال السعودي يتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية بالفوز على مانشستر سيتي الإنجليزي (4 – 3)    لودي: نأخذ المال ونهزمهم أيضًا    هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح    القيادة تعزّي أمير الكويت في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر    العثمان.. الرحيل المر..!!    فلومينينسي يعبر إنتر ميلان إلى ربع نهائي مونديال الأندية    شراحيلي اتحادي حتى 2028    تصر على استبعاد الجولان من أي مفاوضات.. تل أبيب مستعدة للتقارب مع دمشق وبيروت    مركز الملك سلمان ينفذ مشروع جراحة المخ بعدن    المملكة ممثلة بوزارة الداخلية تُسهم في إحباط تهريب أكثر من (5,000,000) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بالتنسيق مع "الجمارك اللبنانية"    صالح السلوك يكرم شركاء النجاح والمتطوعين    في ذمة الله.. صالح الموسى    شرف الدين وباهرمز يزفان فيصل وبدور    بسبب سيطرة المليشيات.. غضب شعبي في مصراتة الليبية    18 % نسبة الارتفاع.. 4.32 تريليون ريال أصول صندوق الاستثمارات    أبحاث التخرج المتكررة والبحث عن النجاح بدون مجهود    بناء نظام وطني لدعم التدريب والتعلم الرقمي    أحمد السقا يخرج بكفالة بعد اتهامه بالتعدي على طليقته    أصداء    "الاتصالات والفضاء" تطلق النسخة الثانية من " المبادرة".. تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري بتدوير الأجهزة الإلكترونية    بدء التقديم في برنامج "قياديات القطاع الصحي"    إلزام المطاعم بالإفصاح عن المكونات الغذائية    الجراحات النسائية التجميلية (2)    قائدٌ يرسم ملامح وطن    توثيق الدروب القديمة بين السراة وتهامة بمنطقة الباحة    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يطلع على استعدادات المنطقة خلال موسم الصيف    مبادرة توعوية لتنظيف شاطئ العيقة    "الدهمشي" يطّلع على جهود فرع الصحة بجازان ويشيد بدوره في متابعة كفاءة الخدمات الصحية    رئيس مجلس الشورى يصل إلى مملكة كمبوديا في مستهل زيارة رسمية    حملة توعوية وتثقيفية على مغاسل الملابس بالظهران    غرفة الشرقية تناقش دور القطاع الخاص في البرنامج الوطني للتشجير    أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لإدارة مرور المنطقة    "الشمري": يزور مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    أمير جازان يستقبل قائد قوة الطوارئ الخاصة بالمنطقة    البيعة الثامنة لولي العهد بلغة الثقافة والفنون    أكد أهمية مناهج التعليم الديني.. العيسى يشدد: تحصين الشباب المسلم من الأفكار الدخيلة على "الاعتدال"    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقه الكراهية!
نشر في الشرق يوم 17 - 01 - 2014

الشعور بالكراهية والعداوة شعور سلبي تراود صاحبه الأفكار السيئة التي توقد في نفسه نار الحقد وتؤجج الغضب لتثير في داخله نزعات عنفية، وقد تتطور إلى نزعات جنونية تقود إلى العدوانية والخراب، وهذا الإحساس السلبي المتوتر دائماً والقلق يفسد الأنفس ويلوث القلوب ويهدم الجمال فيها؛ بل قد يقوضها ذاتها ويدمرها، ناهيك عن رغبتها بتدمير المكروه وهي تسعى لذلك. إنه ذلك الإحساس المرضي الانتقامي البشع الذي يُحرق ذاته لكي يرى خصمه محترقا.
أتعجب كثيرا لكثيرين ممن يدعون الإسلام، وخاصة أولئك الذين يقفون على منابره وينشرون سمومهم بمختلف الوسائل، وأصواتهم تصدح ببث الكراهية والحقد، غير آبهة باستخدام الكذب وتزوير الحقائق لتشويه سمعة مجموعة ما أو مجتمع ما تختلف معها فكرياً أو عقائدياً أو مذهبياً أو عرقياً أو مصالحياً؛ بل تحرض على التخلص من هذه المجموعة أو المجتمعات، وقد أصبح ذلك علنا في الآونة الأخيرة، حيث يتم التحريض التعبوي للجماهير على كراهية المختلف لأسباب واهية ومغلوطة، قد يعرف دعاتها ذلك لكنهم ولمصالحهم يعبئون الرأي العام ويسعون إلى غسيل مخ مدروس للسذج.
أنا لا أتعجب من هؤلاء لأنهم حمقى، لكن العجب كل العجب لمن يفسح لهم مجالات في منابر الدعوة للكراهية والانتقام ويملأون محطات الإعلام الساذج مثلهم صراخاً وضجيجاً، مدعين خوفهم على الأوطان وحرصهم على الأمة وغيرتهم على الدين، وهم من يقوضون أركان كل ذلك بحقدهم المريض الذي يستعدي كل مختلف عدا فئته «المصطفاة» ويلوث صورة البلاد والعباد بقذارة أفكاره.
وهناك من يبث سموم كراهيته وحقده من خلف الحدود، معطين أنفسهم الحق في الفتوى والتشريع والحكم لاستباحة من يقف أمام مشروعهم الجنوني؛ بل يرون أن مثل هذه الأفكار عمل مشروع مقدس يجب العمل على تنفيذه. «الحقيقة لا أريد أن أذكر بعض هؤلاء أو المجموعة التي ينتمون إليها هذه المرة، لسببين: الأول كي لا نسلك ذات الطريق، وإن كان التعريف بمثل هؤلاء أمر ضروري أحيانا لاتخاذ إجراءات الوقاية منهم، إلا أنه في هذه الحالة الكل مكشوف للكل، والسبب الثاني: أن الظاهرة لا تخلو منها مجموعة وإن كانت النسب متفاوتة وكذلك الأهداف».
يقف هؤلاء المرضى الحاقدون مستبيحين المنابر بأشكالها التي وفرت لهم ليملأوها جعجعة بنفث سموم أفكارهم الجنونية والعمل على تشويه الآخر، فينشرون الفيديوهات ويملأون وسائل التواصل الاجتماعي حقدا مقيتا؛ ليؤدي إلى تشويه سلوك متطرف عدواني عنيف يستدعي بالضرورة تشكيل فكر وسلوك عدواني مضاد.
يستدعي هؤلاء التاريخ بكل تزييفه ويعدون العدة وينظمون المليشيات ويجيشون الجيوش لغزو الآخر واستباحته وقتله وتدميره بل واستئصاله تماما، بعد أن شبعوا وأُشُبعوا من فقه الكراهية، وذلك لأن قلوبهم سكنها الحقد والبغضاء والكراهية وحتى الجنون.. فلا عجب ما نراه من قتل وإجرام وبؤس باسم العقيدة والدين أو مصالح الأمة وكل ذلك منهم براء.
أتساءل: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصيح بمثل هذه الأصوات النكرة التي تصم الآذان بكل هذا الكم الهائل من الأحاسيس العدوانية والدعوات التدميرية للآخر المختلف وهو رسول المحبة والسلام؟! لا ليس كذلك، لأن الأمر و»وجادلهم بالتي هي أحسن» وكذلك «وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا»، لم يقل كارها وباغضا وحاقدا ومحاربا.
لو عرف هؤلاء البائسون أن الحقد والكراهية مكلفين جدا، فهما يستهلكان القلوب ويستنفدان طاقات العقول وينهكان الجسوم، لأنهما يقاومان عكس التيار الطبيعي للحياة، لدربوا أنفسهم على حب الخير للآخرين وطهروا قلوبهم من الكراهية، فذلك أريح لعقولهم وأجمل لقلوبهم. نسى هؤلاء أن الاختلاف سنة الحياة بل وجمالها وإرادة الخالق، وأن الجمال إنما هو بالتنوع لا للون الواحد، فقال سبحانه وتعالى «وخلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، لا لتتعانفوا وتتعاركوا.
لا شك أن بيننا وبين كثير من الآخرين اختلافا كبيرا وجوهريا، عقائديا كان أو مصالحيا أو غيرهما، وتعليق الإخفاقات والتخلف والضياع على رقبة الآخر أو من يختلف وإلباسه بالدعوة الضالة والافتراء المزيف هو حجة الفاشلين نتيجة ضيق الأفق وقلة العلم وغلبة الهوى وانعدام المبادئ التي نتيجتها فقر فكري وتهور عقائدي أو اجتماعي.
لكنني أتمنى على مجموعتي التي أنتمي إليها أن تصفي نفسها هي أيضا وتنخل بعض المرضى النفسيين من صفوتها؛ لتعيدهم إلى المصحات المختصة ولعلاج مطول لترويضها فكريا وعقليا، وأهيب ببعض أعضائها الذين يسلكون طريقا مشابها بوعي وإدراك ألا تسلك هذا المسلك المخزي والمشين الذي لا يليق بالإنسان المسلم أولاَ ثم الحضاري ثانيا، وأن يتم تعريف الكل بضرر أي دعوة لكراهية الآخر وبخطورة ذلك، وينبغي تدريب أصحاب المنابر، أيا كانت مكانتهم، وبشكل دوري، على الدعوة للمحبة والسلام والجمال في المعرفة والوعي وتهذيب الأنفس.
إن الدفاع عن البلاد والعباد له أوجه أخرى كثيرة، منها تصفية صورة المجتمعات بممثليها الواعين المخلصين الذين يحملون رسائل المحبة والسلام، وينشرون النور من حولهم أينما حلوا، ثم إن أي خطر خارجي يصد لتدريب الجيوش المتطورة التي ينبغي أن تقوم بدورها عند الحاجة، وعلى الساسة العمل لخدمة مصالح الأمة التي أخذوها على عاتقهم.
من الجميل جداً العمل على تنمية القيم الوجدانية الإيجابية واللطيفة عند النشء، خاصة للتعامل مع الآخر المختلف، وذلك بتنمية الإحساس بالانتماء للآخرين والتعريف بأن آفة كل مجتمع هو بعض رجالاته، فيجب أن يستبعد ملوثي القلوب مهترئي العقول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.