إصدار أول علامة جودة للخرسانة المعالجة بثاني أكسيد الكربون    2 % تراجع أسعار النفط وانخفاض قيمة العقود الآجلة للبرنت    منصة "مُعين" الرقمية تشهد أكثر من 23 مليون زيارة و1.3 مليون جلسة قضائية رقمية    "إثراء" يطلق فعاليات "موسم الشتاء" بأكثر من 130 برنامجًا ثقافيًا    وزير الخارجية يُجري اتصالًا هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    "التخصصي" ينجح في استئصال ورم دماغي باستخدام الروبوت لأول مرة في العالم    نائب أمير حائل يطلع على خطط مركز إتمام    ترتيب الدوري السعودي بعد نهاية الجولة الخامسة    جمعية شفيعًا تنظم رحلة تكريمية لطلاب الحلقات الحافظين لكتاب الله من ذوي الإعاقة للمدينة المنورة ومكة المكرمة    «التعاون الإسلامي» تُرحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    تخصصي الملك فهد بالدمام يطلق مؤتمر "الابتكارات المتقدمة في الطب المخبري"    إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال مدينة القدس    فريق جراحة مستشفى صبيا ينقذ شابًا من تمزق خطير في الكبد    انطلاق المؤتمر العالمي لإنترنت الأشياء 2025 في الرياض    بلدية الخفجي تطرح 36 فرصة استثمارية متنوعة للمستثمرين ورواد الأعمال    سيرة من ذاكرة جازان    بدء التشغيل التجريبي لمبادرة إلغاء إشارة الكربوس بجازان    مدرب نيوم : كنا نعلم ان المباراة ستكون صعبة    شموخ وطن يكرم الدكتور أحمد حمود الغامدي    سماء السعودية تشهد زخة شهب الجباريات من 2 أكتوبر حتى 7 نوفمبر    تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة    تكريم الكلية التقنية للبنات بشرورة لمشاركتها في اليوم الوطني 95    جمعية رعاية الأيتام بنجران تواصل ‏برامجها ‏التوعوية    اللجنة الإعلامية ترفع جاهزيتها لانطلاق فعالية البلوت بنجران    نائب أمير مكة يترأس اجتماع محافظي المنطقة لمتابعة مشاريع التنمية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030    بالتعاون مع الشريك الأدبي نادي ثقات الثقافي يُفعل الثقافة الأدبية في مدارس القلعة الحجازية    ميسي يتوج بالحذاء الذهبي    8.8 تريليونات دولار أصول الصناديق السيادية بالشرق الأوسط في 2030    سعود بن بندر يستقبل مشرف البعثة التعليمية في البحرين ومدير تعليم الشرقية    نائب أمير نجران يُدشِّن أسبوع مكافحة العدوى    من «النساج» إلى «الوروار».. الطيور تبهر زوار المدينة    51 قتيلاً و150 مصاباً منذ إعلان وقف الحرب    سعود بن نايف يشدد على التعاون لخفض الحوادث المرورية    عُقل الزلفي.. الأطلال والذكريات    «المساحة» : زلزال الخليج العربي بعيد عن أراضي السعودية    ترمب يهدد بنزع سلاح حماس    العليمي: الانتهاكات تهدد الإغاثة وتعمّق معاناة اليمنيين.. الحوثيون يقتحمون مجمعاً أممياً بصنعاء مجدداً    محافظ الأحساء يستقبل مساعد قائد قوة أمن المنشآت في الشرقية    طالبات جامعة نورة يتألقن في مسابقة الترجمة الصينية    الأزياء الجازانية.. هوية تنسجها الأصالة وتطرّزها الذاكرة    حين تسرق الثمرة.. ويبقى الجذر صامداً    دعوة إلى استعادة نعمة الملل في زمن الضجيج    مهرجان البحر الأحمر يكشف أفلام دورته الخامسة    ولي العهد يعزّي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    بهدف تعزيز الشفافية والحوكمة في جمع التبرعات.. لائحة جديدة لتنظيم إنشاء وتمويل الأوقاف    ولي العهد يعزي رئيس وزراء اليابان في وفاة توميتشي موراياما    شراكة مع الخزانة الأمريكية وصندوق أوبك لإعادة البناء.. سوريا تعزز التعاون مع واشنطن والمجتمع الدولي    المنتخب السعودي.. من «منتخب النتائج» إلى «منتخب المنهج»    «كينونيس» يقود القادسية لعبور نيوم واستعادة وصافة روشن    بطاقة الأولوية لم تعد أولوية !!    الرياض تحتضن ختام مؤتمر رؤساء وأمناء الاتحادات الآسيوية لكرة القدم 2025    أفغانستان وباكستان : ملتزمون بوقف النيران    رئيس الشورى يرأس الاجتماع التنسيقي العربي    نائب أمير جازان يزور الأديب إبراهيم مفتاح للاطمئنان على صحته    لا مال بعد الموت    «911» يتلقى 83 ألف مكالمة في يوم واحد    «ابن صالح» إمام المسجد النبوي ومربي الأجيال.. توازن بين العلم والعمل    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة صياغة الحياة من الذاكرة: الفنان محمد ظاظا
نشر في الرياض يوم 18 - 04 - 2014

إن المتناقضات التي يختبرها الفنان في حياته اليومية تصنع لديه عالماً فنياً مثيراً فهكذا عرفنا هذا الفنان الذي بدأ بالرسم لتسجيل حياته اليومية على جدار الكهوف في العصر الحجري القديم وصولاً إلى الفنان المعاصر الذي يبذل شتى جهده من أجل إثراء طرق ادائه الفني بأساليب مختلفة وغير تقليدية، ولم تتمثل قدراته هذه فقط في طرق ادائه أو إبراز ما لديه من مخزون يتعلق بمهاراته الفنية من خط ولون أو إبهار المتلقي بتقنيات معقدة ومختلفة بقدر أن أهم قدرة لدى الفنان تتمثل حقيقة في التعبير الذي يعد من أساسيات العملية الإبداعية فلا يختلف الفنان البدائي عن الفنان المعاصر في الدافع الحقيقي الذي شكلته النظرة الإنسانية المتقاربة بينهما لإنتاج رسومات فنية تطرح مضموناً فكرياً أو فلسفياً يعكس فكرة واضحة عن مستواهما الحضاري ومدى ما وصلا إليه من خبرات وتجارب في شتى جوانب حياتهما مما يدل على أن ما يدفع إنسان كل عصر وكل زمان لإنتاج لوحات أو أعمال فنية هو الحدس وإدراك الجمال كما يؤيده كثير من فلاسفة علم الجمال أصحاب النظرة الحدسية بأن الجمال ينبع من الوجدان والقلب.
فإذا حاولنا تحليل هذه العملية الإبداعية الحدسية نجد أنها تختلف في الطرح من فنان لآخر وقد تتفاوت إلى ظروف تتصل بالتطور الطبيعي والتاريخ الثقافي، والمظاهر الحضارية الحديثة التي تصنع مثالية خاصة لكل منهما. ولنقرب هذا المفهوم تعالوا معاً نستعرض تجربة فنية للفنان السوري "محمد ظاظا" التي استضافت معرضه مؤخراً بالرياض قاعة "نايلا" للفنون بشارع التخصصي فقد عرض الفنان عدداً من اللوحات الفنية تستحق الإشارة لكونها تجربة خيالية إبداعية متميزة فرغم حداثة تجربة الفنان ظاظا الذي ولد بمدينة الرياض عام 1987 وتخرج من كلية الفنون الجميلة والتطبيقية بمدينة حلب عام 2010م وعين معيداً في نفس عام تخرجه بالجامعة إلا أن المشاهد للوحاته الذي نفذها بأحجام كبيرة يستطيع أن يدرك جمال التجربة الحدسية التي تمثلت في مجموعات من الأعمال بعضها حمل عنوان "ليست صدفة" وهذه المجموعة عبارة عن ثماني لوحات بالحجم الكبير عبر من خلالها ظاظا عن حالات الإنسان المتغيرة والمتقلبة فنجده في لوحة "إنسان" قد اهتم بإبراز ملامح المرأة وتجريده لملامح الرجل وربط بينهما في الوسط عناصر تدل على أجزاء من التكوين البشري للإنسان ولم يهتم عن عمد بالنسب التشريحية ليترك للمشاهد مساحة للتفكير الفسيولوجي الذي يجعل البشر في حالة دائمة التغيير وكأنه يؤكد على نظرية الفيلسوف "هرقليطس" في أن كل شيء في الحياة في حالة صيرورة دائمة. وقد نلمس هذه النظرة الفسيولوجية في أغلب هذه المجموعة من الأعمال كتركيزه على مساحة بؤرة العين في عمل يدعى "فجوة" لعله قصد إبراز النظرة التي يتغير معها الإنسان في شتى مراحل حياته العمرية تجاه الآخرين.
«صبح».. من أعمال الفنان
وفي مجموعة أخرى من أعمال الفنان محمد حملت عنوان "فكرة" نجد أن اهتمامه قد أبرز عقل الإنسان بحكم أنه احتل الجزء الأكبر من مساحة اللوحة كما يلاحظ أفكارا عديدة تتطاير من هذا العقل، وفي لوحة أخرى حملت اسم "تحليق" وضع عدد من الأربطة لعل المراد التعبير عنها بأنه مهما حلق الإنسان فهو مقيد وقد اهتم الفنان بإبراز عقل الإنسان وما يحتويه من خلال وجهة نظر ظاظا من أفكار بعضها مثلت "مايسترو الوقت" بعدة أياد شكلت لتوحي بالشر أو الإنجاز فالوقت سلاح ذو حدين إما أن تقتله بما يفيد أو يقتلك ولن تنجز شيئاً. أما مجموعة "السؤال الأول" فقد تضمنت ست لوحات اعتمد فيها ظاظا على المنظور الهندسي الدقيق الذي لم يخل من هندسية أخرى متقنة وهي هندسية اللون بجانب التعبير الفلسفي الذي بعد كثيراً عن التفكير أو التصورات الواقعية أو العقلانية وبرهنت على تفسير مظهر من مظاهر السلوك الإنساني الذي يشير إلى الغموض ويحيطه الإبهام الذي لم نلمسهما في هذه المجموعة فقط ولكننا نلمسهما أيضاً في خمس لوحات أخرى حملت عنوان "صبح" وما يحتويه العقل في كل صباح من أفكار وضوء مثله ظاظا في لوحة تحمل نفس المعنى "ضوء" بنزعة رومانتيكية تعبيرية.
قد نستدل مما سبق ذكره أن الفنان محمد ظاظا لم يعرض مجموعة لوحات ملونة ومتقنة فنياً تجذب النظر بقدر أن هذا الفنان قد مر بظروف كونت لديه مؤثرا شعوريا أو لا شعوري ترجمه إلى تعبير فني، هي ظروف تؤثر في تشكيل الفنان ومن ثم تتحول إلى حقيقة نلمسها في لوحاته، ونستطيع من خلالها أن ندرك الإبداع الأصيل الذي تطرحه، ففي حقيقة الأمر إذا عزلنا اللوحة الفنية عن كونها عملا جيدا وأصيلا ولم نشعر بمعانيها أو بمعنى آخر لم تحتو على الحس الفني التعبيري فإن اللوحة مهما كانت متقنة بنسب فنية وتقنية جيدة لن تستطيع أن تعكس لنا التجربة الخيالية التي تعد كياناً فنياً قائما على فلسفة، وإحساس، وإعادة صياغة ما هو مرئي إلى خيال وهذا الكيان بطرحه ومفهومه يمثل ذات الفنان ويميزه عن الآخرين بفعل جهده التعبيري الذي لم يغفل الجانب الشخصي أو النزعة الغريزية التي عبرت عن الرغبة الملحة بطرح أفكاره ومشاعره وانفعاله وعاطفته بأسلوب دل على وجود خبرة جمالية تحمل مضمونا إبداعيا قيما سواء في الأداء أو طرق الطرح التي تضمنت عدة جوانب عملت على تنظيم أو تنسيق عملية الدافع الإنساني الذي انعكس على أغلب أعمال الفنان محمد ظاظا تاركة بذلك أثرا نفسيا عميقا في ذاكرة كل مشاهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.