"سعد ومساعد" أخوة، هُم في واقع الأمر اشقياء، بينهما مودة وحب لبعضهما، ربما لعمرهما المتقارب، لذا هم يختلفون عن اخيهم الأكبر محمد. والدهم برجس دائماً ما يغّضب عليهم ويردد كلمته الشهيرة: "نعنبو بليسكم.. ما طلعتو على محيميد قبله راكد"!، اما والدتهم فهي كالعادة منّذ الصباح تحمل - بقشتها - وتسرح في الحارة تدخل البيوت لتبيع لهم اقمشه او دراريع جاهزة وسجادات وغيرها"، لا تفكر فيما يفعل ابنائها في فوضى في الحي، أو ايذاء الآخرين. في نهاية كل عام دراسي يأتيان بشهادتيهما مملوءتين "بالدوواير الحمراء"، وهي اشارة على عدم اجتيازهما الامتحان. برجس ممدداً رجليه في "بطن الحوي - ساحة المنزل" يحتسى فنجانا من القهوة تعدها زوجته قبل أن تاخذ جولتها اليومية، يدخلان عليه: "مسيك بالخير يبه!"، هاه بشرو والا راسبين زي كل مره؟ سعد الأكبر يقول: "والله كله من الاستاذ قبله حالً فينا.. ما يبي ينجحنا زي المصارية"، برجس ومعه خيزران لا والله الا كله مني يوم احطكم في ذا المدرسة.. فشلتوني معهم، كل ما شافوني قالوا ترى عيالك ان ما عقلوا بنطقهم فلكه". لكن هين.؟!، يفكر كثيراً إلى حين عودة زوجته ليستشيرها في نقلهم عند جدهم في القرية، علهم يفيدونه ويستفيدون من جلوسهم هناك للتعليم وخدمته. توافق زوجته"هيلة" على هذه الخطة. يسحبان اوراقهما من المدرسة وياخذان الولدين عند جدهم "كبير بالسن كريم العين.. لكنه نشيط"، في فجر كل يوم يذهبان معه للصلاة ثم يعودان للإفطار والذهاب إلى المدرسة، وبعدها ياخذهما إلى القيصرية في محل صغير له. جدولهما مملوء بالعمل لكنهم مازالوا اشقياء، بينما هم في عهدة جدهما وفي رمضان والحر شديد، طال الوقت عليهم داهمهم الجوع، فكروا كثيراً؟!، قبل أذان المغرب بنصف ساعة، ذهب مساعد لسطح المسجد القريب، وأذن. وإذا بجدهم يسمي ويفطر وتفطر البيوت المجاورة للمسجد، يعود مساعد ليفتح "قارورة الشطة - أم ديك" ويستمتعان بالطعام. جدهم ذهب إلى المسجد، ولايوجد أحد، صلى تحية المسجد وقراء القراءن وبعد فترة زمنية، اذا بالمؤذن ياتي، الجد:" الله يهديك..الحين تذّن وتروح لحويكم.؟"، المؤذن:" الا أنت من قلَّ نظرك وانت منتبَ صَّري.. تو الناس على الأذان الله يحييك". فهم الجد أن هؤلاء الأولاد قد حملوه يوماً من الشهر المبارك، قال حينها: "هين ياعيال برجس.. والله ان ما تمرحون عندي". يدخل عليهم ممسكاً "عصى غليظة" ويضربهما ضرباً مبرحاً، لتتدخل الجدة الكبيرة "خلاص تراك اوجعتهم.. ذا المره علشاني". يصرخ عليها: "أنت بس ضفي خلاقينهم لابارك الله فيهم ولا في ابوهم". يجرهم إلى موقف السيارات المتجهة إلى الرياض، ويجد أحد معارفة هناك معه سيارة "بيجو" يسمونها "الدرج".. "تكفى اقضبهم وحطهم في موترك ولا يحولون منه الا عند ابوهم.. حسبى الله عليه". هؤلاء الصبية الأشقياء.. الآن هم جنود لحماية الوطن.