كتبه/ عبيد البرغش في يوم الجمعة الفضيل ٦ / ٧ / ١٤٤٧ه المرافق 26 ديسمبر 2025م فقدنا إنسان الفضيلة، الذي كان يحمل روح العطاء في كف، والوفاء في الأخرى. لقد فقدت منطقة عسير، وبالتحديد محافظة خميس مشيط – حي الوقبة التاريخي، سعادة الشيخ الوجيه / سعيد بن علي آل قزعة الشهراني (أبو جمال) رحمه الله. المحب لوطنه، والغيور على فضيلة المجتمع وكرامته. رحل إنسان لم يكن عابرًا في حياة من عرفوه، بل كان مدرسة في الأخلاق، ورسالة في التسامح، ونهجًا راسخًا في الإصلاح. رحل رجل آمن أن بناء الإنسان هو أعظم إنجاز، وأن الكلمة الصادقة قد تُصلح ما لا تُصلحه المواجهات الحادة. كان إنسان التسامح قريبًا من القلوب، واسع الصدر، يسمع أكثر مما يتكلم، ويُصلح أكثر مما يُدين. لم يُعرف عنه التشدد ولا الإقصاء، بل كان يرى الاختلاف سنة من سنن الحياة، ومدخلًا للفهم لا سببًا للفرقة. إذا اختلف الناس جمعهم، وإذا تعاظم الخلاف هدّأه بالحكمة، مستلهمًا قول الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. أما الإصلاح عنده، فلم يكن شعارًا يُرفع ولا حديثًا يُقال، بل ممارسة يومية تبدأ من احترام الإنسان، وصون كرامته، والبحث عن الحل لا عن المخطئ. كان يؤمن أن الإصلاح الحقيقي لا يهدم بل يبني، ولا يجرح بل يُداوي، ولا يُقصي بل يحتوي. عاش مصلحًا في صمت، يعمل دون ضجيج، ويترك أثره في النفوس قبل العناوين. لم يسعَ للثناء، بل سعى للأثر، ولم ينتظر الشكر، بل احتسب عمله عند الله، مؤمنًا بأن خير الناس أنفعهم للناس. برحيله خسرنا جسدًا، لكننا لم نفقد القيم التي زرعها، ولا المبادئ التي دعا إليها. بقي التسامح الذي علّمنا إياه حيًا في المواقف، وبقي الإصلاح الذي نادى به مسؤولية في أعناق من تتلمذوا على يديه. رحم الله أبا جمال، إنسان التسامح ورجل الإصلاح، وعزاؤنا لأسرته الكريمة، وأبنائه البررة، ولكل محبيه الأوفياء. فكم ألهمنا أن نواصل الطريق بذات الروح: روح الحكمة، والعدل، والمحبة، والإصلاح. بقلم / عبيد بن عبدالله البرغش – حرر يوم الأحد ١٤٤٧/٧/٨ه 28 ديسمبر 2025