كان السؤال الذي يدور في ذهني أثناء المؤتمر الصحفي لسمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز والسيد كوهين وزير الدفاع الأمريكي والذي كنت أرغب أن أوجهه للوزير الأمريكي.. هو.. أعرف أن علاقة من الصداقة الوثيقة تربط بين المملكة وأمريكا لكن هذا هو شأن كثير من العلاقات بيننا من جهة ودول أخرى وبين أمريكا أيضا ودول أخرى, فمتى يصح أن نقول بوجود علاقة ارتباط استراتيجية بين الدولتين.. انتهى السؤال. ربما تكون العبارة الأخيرة مثيرة قبل زمن ليس بالقصير عندما كانت وسيلة جزيرة صغيرة في المحيط الهادىء أو الهندي أن تعلن عن عنفوان عنادها بالتقزز من أي ارتباط مع واشنطن ومثل ذلك يقال عن الصداقة في حين أنها خانعة مغلوبة لضغوط جزر حولها.. الآن في هذا الصدد بات واضحا اننا كنا الأذكى والأكثر تعاملا مع المستقبل عندما اخذنا بأولوية التعامل الاقتصادي النفطي مع أمريكا ثم بعد ذلك تحملنا ضغوط اليسار والعسكرتاريا العربية في الستينات التي أرادت أن تأخذنا إلى مهب الريح الذي سارت فيه ولم نفعل.. خلال كل ذلك لم نصبح الدولة الضعيفة التي تحتاج معونة أمريكا ولكن بقيت المصالح المشتركة.. أي توازن الاحتياجات هو الذي يوجه العلاقات.. وحيث الآن لا يسار ولا عسكرتاريا وإنما خطط سياسات استراتيجية اقتصادية وعلمية تعيد تنظيم أهميات مواقع الجغرافيا, فإنه من المناسب جدا التطلع إلى ارتباط علاقات استراتيجية تختص بالمستقبل فتفتح آفاق تطور وعمل مشتركة تجيزها وتبررها بل تفرضها تلك العلاقة التاريخية الآنفة الذكر.. فيما كنت استعد لطرح ذلك السؤال فوجئت بمدير الحوار الأمريكي ينهيه معطيا لصحفي أمريكي فرصة السؤال الأخير الذي بعده حين هم الجميع بالنهوض أشار الأمير سلطان باعطائي فرصة المشاركة.. لحظتها في ثوان عدلت في الصيغة فقط عند توجيهه إلى الطرف السعودي حين سألت الأمير سلطان بما معناه ما إذا كانت المشاورات المستمرة مع أمريكا عبر اللقاءات وكذا توالي الاجراءات الاقتصادية المتلاحقة تستهدف وتكون قد نجحت في ذلك الوصول إلى تفاهم مصالح اقتصادية وعلمية تترجمها الاستثمارات المبكرة.. في الحقيقة ان الأمير سلطان الذي كان متمكنا من الاستحواذ على روح النقاش واستقبال أهم مناحيه السعودية بما في ذلك زمن الحوار هو أيضا لماح وذكي في إعطاء اجابة توضح أن الحكومة السعودية توالي فعلا فتح أبواب صداقاتها وتثمن بتقدير بالغ كل تجاوب أمريكي ولا تتعامل في علاقاتها أو أفكارها بالاقتصار على ظرف قائم ولكنها ومنذ بكر الملك عبدالعزيز رحمه الله في تنويع العلاقات الدولية وتنشيط فعاليتها نتعامل باستقلالية التنويع وفي نفس الوقت نحفظ للأصدقاء في قدراتهم العلمية والاقتصادية والسياسية كفاءة التعاون الاستراتيجي البعيد المدى.. قبل أن أنهي مضمون هذه الاجابة سوف أورد ملاحظة اعتراضية من سؤال لزميل آخر عما إذا كانت هناك محادثات حصول على أسلحة جديدة حيث قال سموه: إن الجديد يتم كل شهر وربما أقل ومن الصعب أن يكون ذلك هدفا ولكننا نتعامل مع سياسات محددة واحتياجات متكاملة.. هذا الرأي أتى ردا على سؤال فيه فرصة تهويل لمن لا يتعامل مع الاستراتيجيات والسياسات المتكاملة وهو ما يعود بنا إلى استكمال مضمون اجابة السؤال الأول, حيث أوضح سمو الأمير سلطان أن الترحيب بتكاثر الاستثمارات والتعاون العلمي والاقتصادي لا يتوقف عند حدود محادثات حكومية أو دوافع مغريات خاصة متبادلة ولكنه يقوم على تفهم موضوعي ومنطقي من شأنه أن يفرض القناعات, وبلادنا مليئة بكل ما من شأنه أن يكاثر تلك القناعات ولكن بجهود متعددة ومتنوعة, فمثلا في الوقت الذي يسعدنا تطور العمل الصحفي السعودي أجد أنه سوف يسعدنا أيضا لو مارست الصحافة السعودية من خلال العلاقات الشخصية للعاملين بها دور تعريف عبر زيارات وحوار بثوابت تلك القناعات.. الأمير سلطان مع رجال الأعمال قال كلاما مماثلا .. وهذا وبشكله المعلن.. يوضح عمليا أن الدولة لا ترود دربا مجهولا ولا تتعامل مع أي نتائج سارة بالمفاجآت ولكنها ومن خلال تحريك قوى المجتمع كامله تفرض عمليا الدخول مع مسار مصالح الاستراتيجيات وعلاقاتها.. وفي نفس الوقت ان الأمير سلطان يطرح عمليا ثقة الدولة في كفاءة قوى المجتمع كي تبقى هذه البلاد في موقعها المتميز الذي هو باستمرار تميزه يغري بزمالات الأقوياء..