يلح على المسؤولين في تايوان شعور دائم في نشاطات مسؤولياتهم من أن عليهم ضرورة الإعلان عن أنفسهم عبر إعلام نشط وذكي وثيق الصلات في عدد كبير من الدول مع الهيئات ذات التأثير على الرأي العام, ونحن نعرف أن تايوان ليس لها أي تماس مع مشاكل للديانة البوذية مثلا أو المسيحية حيث هما الديانتان السائدتان هناك, وليسوا مستهدفين أو مجاورين لنشاطات التخريب السري الذي يأخذ تسميات مختلفة مثلما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط.. إن مشكلتهم تكاد تنحصر بعلاقتهم مع الأرض الأم.. مع بكين التي تعلن عن ذاتها بنجاح كقوة حضور دولية.. ومن بين مسؤولي تايوان النشطين إعلاميا يحيى موسى وهذا هو اسمه الإسلامي حيث يغرم التايوانيون بحمل اسمين.. صيني لاستعمالات الداخل وغربي لاستعمالات الخارج بالنسبة للمسيحيين.. يحيى موسى كان مسؤولا إعلاميا لتايبيه في الرياض لبضع سنوات تعرف خلالها على جميع مسؤولي الصحف وأبرز المثقفين والناشرين ومؤسسات السياحة, وعندما تم نقله الى باريس توغل بسرعة عجيبة في المجتمع هناك ومؤسساته ذات العلاقة بالإعلام والثقافة, وقد التقيته مؤخرا في باريس وأذهلني أنه يقود فريقا من ستة إعلاميين صينيين مهمتهم التعريف بتايوان. نحن بلد كبير له أهميات كثيرة وحوله أيضا أهميات كثيرة.. ما هو له يتعلق بالمكانة العربية والمكانة الإسلامية وتأثيره على أهم مصادر تغذية الصناعة والاقتصاد.. البترول.. ويدير اقتصادا شابا يتجه الى التنوع وتعددية الانتاج لتعديل كفتي الميزان التجاري مع الدول الأخرى.. أما ما هو حوله من أهميات فيبدو صارخا في حقائق أن المملكة تعيش وضعا اجتماعيا مستقرا داخل منطقة جغرافية تفتقر للاستقرار في معظم أجزائها وتتداخل فيها العداوات والخصومات, كما تتحرك بين ثنايا هذه العداوات الكثير من تحركات نشاطات التخريب, وتتواجد بالمنطقة بعض مراكز نشطة وهامدة من تكوينات التطرف ولها اتصال بما يماثلها من مواقع ساخنة في وسط آسيا وأوروبا مما يجعلنا الأحوج إلى إيضاح ما نحن عليه من إسلام معتدل وما نرفضه من إسلام مسي س متطرف.. اضافة الى أن ثقافتنا وصحافتنا وفنوننا في حاجة الى تعريف دولي واسع, فهل وفرنا استجابة لهذه الدوافع حضورا إعلاميا فاعلا في الخارج..؟ كم عدد تمثيلنا الإعلامي في الخارج..؟ ما نوعية من يعملون في هذا التمثيل..؟ ما مدى اطلاعهم على ثقافات الدول التي يعملون بها وإجادتهم للغاتها..؟ الجواب في معظمه لن يكون ايجابيا ..! أو على الأقل لن يكون منسجما مع ضخامة الأهميات التي نمثلها أو ضخامة الأهميات سلبا وإيجابا التي تحيط بنا..؟.. لقد أثار استغرابي أن يقال لي عن أمسية في الشعر النبطي إنها أهم نشاطات الصيف المنصرم في لندن .. وهل حدث ذلك من أجل الترفيه على بعض المصطافين السعوديين ممن يتذوقون هذا الشعر, وكأن المسؤولية الإعلامية هناك لا علاقة لها بالبريطانيين.. إنني لا أعرف شيئا عن الشاعر الشاب الذي لا أستبعد أن يكون شاعرا جيدا موهوبا لكن أتصور أن الترحيب بموهبته سيكون في موقع جغرافي يتم فيه فهم مفردات شعره.. أليس هذا هو الصحيح؟.. ترى كم مثقفا أو صحفيا أو متذوقا فنيا بريطانيا استهدف من خلال تنفيذ هذا العمل..؟.. إن ما حدث هو نموذج لكثير من جهود كبيرة تبذل في مواقع خاطئة.. وهو في نفس الوقت يوضح مدى حجم الفهم الخاطئ للمسؤولية الإعلامية التي نمارسها في كثير من وسائل عرضها وهي موجهة إلينا قبل غيرنا, بما في ذلك ما تحمله معظم صفحات صحفنا من مواد العمل الصحفي الذي لم ينجح بعد في توسيع دائرة من يعجبون به فيلتفون حوله.. لقد نشر كاتب ساخر قبل سبعة وعشرين عاما طرفة داعب بها المطرب الشعبي عبدالعزيز الراشد الذي سافر وقتها سائحا الى لبنان بأن قال عنه إنه مازال يوالي نجاحه في منتديات لبنان الغنائية حيث يستعيد الجمهور اللبناني أغنيته التي مطلعها.. "يا ذيب ياللي هاضني بعواه" وآنذاك لم نكن نتصور ماذا سيحدث في لندن مستقبلا .