لو سألت اليوم شاباً ممن هم في الأربعين من العمر فما فوق أن يجلوا عليك صورة من الحياة التي كان يعيشها الآباء ما قبل أربعين عاماً فماذا عساه أن يقول؟.. لن يقول شيئاً لأنه لا يكاد يعرف شيئاً منها فما بالك بما كانت عليه الحال قبلها بعشر أو عشرين عاماً.. مما صار من تغير شامل لنواحي الحياة مما لا يمكن حصره، وحسب أحدنا أن يلتفت بالذاكرة إلى تلك المراحل التي خلت ليجد الفرق الشاسع ما بين ما كان وما صارت إليه الحال اليوم.. بعد أن تغيرت سريعاً في شتى أمور حياتنا.. فالناس غير الناس حتى في الآداب والأخلاق وأساليب اللبس والطعام والأفراح والمآتم وسائر أسبابنا فلم يبق ثابتاً فينا إلا القليل ولا شك أن ذلك في مجمله من أسباب التطور وإن بدا فيه مما له علاقة بالمغالاة والمباهاة مما لا لزوم له، ولعل ما صار يلفت النظر ويشد الانتباه من ذلك السلوك غير المحمود في اعتماد الكثيرين على تناول وجبات الطعام السريعة والعزوف عما يتم تحضيره في المنازل برغم فارق الجودة بين هذا وذاك وما يتميز به الطعام المحضر في المنازل من أمان.. مما أصاب الكثيرين لا سيما الشباب من مظاهر السمنة المهددة للصحة جراء تناول مثل تلك الأطعمة سريعة التحضير والتي لم يعد أحد يتحرز من تناولها.. وكأن الجميع في كامل الثقة بمكوناتها وطرق تحضيرها.. ومما صار من المتغيرات غير المحمودة ما صار من المبالغة والمباهاة في إقامة حفلات الزواج برغم كلفتها العالية.. مثلما تحويل المآتم إلى ما يشبه مناسبات الأفراح من تسابق في إقامة الولائم كالمباهاة في المعزين طمعاً في الوجاهة.. الخ. مما لا أساس له ولا أصل في قيم ديننا الإسلامي الحنيف والذي لا يخفى الجميع ما حث عليه حين حالات الوفيات من اقتصار تقديم الطعام لذوي المتوفى تمشياً مع ما جاء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد جاءهم ما يشغلهم (مثلما الكره للاجتماع) كما يراه بعض العلماء نسأل الله أن يتولى الجميع بهدايته إنه على كل شيء قدير.