نصار عائداً من رحلة طويلة على ظهر جمل يسميه"الأطخم"، يشتد عليه البرد وصقيع الصحراء وخلوا معدته من الأكل، بعد أن انتهى الزاد منه. كل الحيل والأفكار قد لآتعطي فائدة لنصار، لكنه يقول في نفسه:"خلني أتذرى عن هبوب الشمال، تحت ذا الطلحة، وأعقل"الأطخم"..وفي الصباح رباح". بعد أن"نوّخ"الجمّل، لف شماعة على وجهه ووضع رأسه على فّخذ بعيره لينعم بدفئه ويكون حصناً عن الريح، ولم يكن يعلم بان أحلامه لن تتحقق ولن يعود إلى أهله وزوجته التي تنتظره، تلك الشجرة شهدت وفاة نصار في مجرى سَيَّلِ- شعيب - مات نصار ولم يعلم عنه أحد.!. هيلة زوجة نصار كعادتها تجلس أمام منزلها في شمس الضحى، تفاجأ بقدوم الجمل"الأضخم" وهو"يرغي"، تذهبت لجارها مبارك، تطرق عليه الباب، وهو الذي يعرف بالجمال والجمالين، تقول:"وين نصار يامبارك..البعير بلحالة"تبكي تبكي. مبارك يهديء من روعها ويدخلها إلى البيت عند زوجته، ويطلب مبارك من الجيران أن يذهب أحدهم إلى إخوة نصار ليبلغهم بالأمر. عرف الجميع أن نصار"توفي"..لكن أين وكيف؟، لايعلم بها الا الله سبحانه. بعد أيام يأتي أحدهم من البادية، ضّل يسأل حتى تعرف على بيت نصار، هو يعرف نصار من خلال مرور الجمالين في"شعيب المهبولة"يتزودون من عنده بالماء واللبن. وغالباً يتسامرون على الأحاديث عن المدينة والبادية ويتناقلون القصائد. ذهب له مبارك وهو يعدل من شماغة:"من أنت كني مشبه عليك"، يرد عليه غلفص"البدوي":"لأوالله لا تعرفني ولا أعرفك، أنا ما اعرف منكم إلا الرجال نصار..وتراه توفي من البرد والجوع، ولقيناه تحت طلحة ميت ودفناه حولنا، وجبت لكم العلم". أعلن الحداد حينها في منزل أرملة نصار، ليتقبل العزاء في الحي. بينما إبراهيم لم يدّم على حاله..بعد علمه بوفاة جاره نصار.! والذي يمتلك منزلاً في مقدمته"دهليز – مُجَببَ"ممرٌّ في مقدمة المنزل, دائما ما يجلس فيه النساء للاطلاع على الحي وأكل ما لذ وطاب من بيوتهن والحديث فيما بينهن. إبراهيم يعرف تفاصيل منزل نصار، والذي يوجد في مؤخرته"بئر ماء"كبير وعميق، لم يعد يستخدم منّذ زمن، إلا أن إبراهيم كان يأمل أن يدخل إلى هذا البئر بعد وفاة نصار، لكنه لا يستطيع دخول منزل أرملة نصار إلا بآمرين الأول:"الزواج منها بعد انتهاء العدة"أو"انتظار خلو المنزل للقفز عليه.وهذه ليست العادة في إيمان بان للجار حق كبير. إبراهيم يخطط على دخول البئر، السبب .؟، أنه حلُم في ليلة هادئة بأن في البئر مال كبير، دُفن في جداره - وقيل له أثناء المنام"أذهب لوحدك!. بعد أشهر وهو يخطط وبعد انتهاء عدة زوجة نصار، يفاجأ بان اخوة نصار قد دفنوا البئر، وأعادوا بناء البيت أمام مرأى من عينه. يجلس على عتبة منزله المهدمة واضعاً شماغة على كتفيه تتدلى على صدره، يرى –الاستاد- مقاول البناء- والعمال، يقول في نفسه: "الظاهر أن هالقليب مافيها شيء.. وحلومنا طلعت سواليف ليل".. هكذا نحن نعيش"حلوم ليّل إلى الآن".!