اليوم الوطني : ملحمة حب ووفاء    6.3 ملايين حاوية بالموانئ وينبع أولا    624 طلبا معالجا للإعفاء الجمركي    6 مجالات في ملتقى رواد الشباب العربي    أمانة حائل تضيء أرجاء المدينة بلوحات بصرية متناسقة ومظاهر حضارية مميزة    دب يتسوق في دولار جنرال    شبكة عنكبوت على المريخ    روبوت علاجي يدخل الجسم    المزاج الدولي وإسرائيل.. من التعاطف إلى الإدانة    الباطن يقصي الاتفاق.. الأخدود يتجاوز الرائد.. التعاون يتغلب على الفيصلي    في الشباك    الأهلي لا يعرف المستحيل    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    جازان تطلق فعاليات وطن رياضي    رعاية الأيتام بنجران تواصل تقديم برامجها للمستفيدين    السكن الجماعي تحت المجهر    «البحر الأحمر السينمائي» تكشف عن فائزي تحدّي «صناعة الأفلام»    «40» فعالية ضمن احتفالات اليوم الوطني في «إثراء»    اليوم الوطني ال95.. تجديد للفخر بالوطن والقيادة ورؤية المستقبل    الهلال نظامي    اختتام الدراسات الأولية للشارة الخشبية لقائدات وحدات فتيات الكشافة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية لإمدادات الحبوب "سابل"    نائب أمير منطقة تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية باليوم الوطني ال95 للمملكة    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن أعمال الهيئة الصحة العامة بالمنطقة    جمعية كرم الأهلية تغرس 95 شجرة احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال95    عبد الإله العمري يرد على صافرات استهجان جماهير النصر    مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق معرض "الموحّد" في اليوم الوطني 95    القبض على (7) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (105) كيلوجرامات من "القات"    بريطانيا تعلن اعترافها بدولة فلسطين    هيئة الهلال الأحمر السعودي فرع الشرقية يُفعّل اليوم العالمي للإسعافات الأولية بمبادرة توعوية    أمير الرياض يطلع على التقرير السنوي لهيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    مستشفى الدرعية ينجح في إجراء عملية معقدة لتصحيح العمود الفقري    مطلع أكتوبر: انطلاق مزاد نادي الصقور السعودي 2025    جمعية تحفيظ القرآن بطريب" تعقد اجتماعها الدوري وتصدر قرارات لتطوير أعمالها    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة أمنية    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    آي سي يو    الأمن العام: ضوابط مشددة لصون مكانة العلم السعودي    الذهب يحقق مكاسبه الأسبوعية الخامسة عقب أول خفض لسعر الفائدة    زيلينسكي يطالب بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي.. هجوم روسي واسع على أوكرانيا    ولي العهد.. نجم السعد    "الرياض" تستكشف التجارب العالمية لتنظيم المطورين العقاريين    مي كساب:«اللعبة 5» موسم مختلف    حلمي يستضيف صوالين جدة    بحضور أمراء ورجال أعمال .. بن داوود والعبدلي يحتفلان بعقد قران عبدالعزيز    16 مليون شخص يتابعون « الشمس المكسوفة»    395 مليون ريال لتنفيذ مشروعات تطويرية لمساجد المدينة المنورة    ولي العهد يهنئ إيدي راما بأدائه اليمين رئيساً لوزراء ألبانيا    برونزيتان لأخضر البادل في الخليجية    بتوجيه من الملك وبناء على ما رفعه ولي العهد.. 1.3 مليار ريال دعماً لليمن    الصحة: 96% من مرضى العناية لم يتلقوا «اللقاح»    فعاليات في جامعة الملك خالد عن سلامة المرضى    المملكة تُخفّف معاناة المحتاجين    اليوم الوطني المجيد والمرونة التي تحفظ الوطن وتعزز أمنه    نائب أمير منطقة القصيم يستقبل محافظ الأسياح وفريق أبا الورود التطوعي    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    إمام المسجد النبوي: من أراد الهداية فعليه بالقرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الحوار
نشر في الرياض يوم 13 - 09 - 2011

ثمة مقولات وأيدلوجيات ونظريات فكرية وسياسية في المنطقة العربية ، تعاملتْ مع المجتمعات العربية بوصفها سديما بشريا خاليا من كل معنى تاريخي أو روحي أو فكري ، وتم استخدام آليات قسرية وقهرية لدحر كل الخصوصيات الثقافية والأثنية لصالح الفكرة الشوفينية ..
وتم التعامل وفق هذا التصور الأيدلوجي الموغل في الشوفينية ، مع المجتمعات العربية بوصفها الكيانات الإنسانية التي تحمل الرأي الواحد والفكر الواحد والزعيم الواحد .. فتم اختزال واختصار هذه المجتمعات بكل حيويتها التاريخية وفعاليتها الراهنة وديناميتها في الحياة في رأي واحد وفكرة واحدة وزعيم واحد .. وكل من يرفض هذا التصور السطحي لحياة وحركة المجتمعات العربية فإن مآله القمع والقهر والاستئصال ..
الحوار هو الاستماع الواعي والحقيقي للأقوال والآراء والأفكار ، وعقد العزم على اتباع الأحسن : قال تعالى ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ).. بينما الجدال هجوم ودفاع ، إفحام ومماحكة ، والحوار فهم وتفاهم ، تعارف وتواصل ، اشتراك مستديم في صنع الحقيقة والرأي المشترك ..
وبفعل هذه العملية القسرية ، دخلت بعض المجتمعات العربية في أتون تصحير حياتها الإنسانية، وإفقار وجودها التاريخي والحضاري فتحولت هذه المجتمعات بفعل الخيارات الأيدلوجية والسياسية النمطية والشوفينية ، إلى مجتمعات بدون روح وبدون حيوية ثقافية وحضارية ..
ومن جراء هذه الممارسة التي لا تنتمي إلى أي نسق حضاري ، برزت على السطح في العديد من مجتمعاتنا العربية والإسلامية مشكلة التعددية الدينية والمذهبية والعرقية والقومية في المنطقة العربية ..
ولكن من الضروري في هذا السياق ، أن نوضح ، أن المشكلة في جذورها ومسبباتها المباشرة وغير المباشرة ليست وليدة التعددية وحقائقها أو التمايز الديني والمذهبي ومدارسه واجتهاداته المتنوعة ، وإنما هي وليدة السياسات والأيدلوجيات والنظريات والمقولات التي تعمل وفق أجندة قهرية وقسرية على تعميم نفسها، وعدم السماح لكل المقولات والنظريات والاجتهادات الأخرى من البروز أو التعريف بذاتها وخياراتها ..
فالتعددية بكل مستوياتها هي حقيقة ثابتة في كل الوجود الإنساني ، وإن كل جهد أيدلوجي أو سياسي أو ما أشبه يستهدف محاربة أو معاندة هذه الحقيقة الإنسانية ، فإنه يؤسس بطريقة أو بأخرى لمشكلة وأزمة في طبيعة العلاقة وأنماط التواصل والتلاقي والتفاهم بين كل الأطياف التي تنتمي إلى مدارس واجتهادات متنوعة ..
فمن حق الإنسان أي إنسان أن يعتز برؤيته ومدرسته الأيدلوجية والفكرية ، ولكي ليس من حقه استخدام وسائل قسرية لتعميم رؤيته أو نظريته أو مقولاته على بقية أبناء المجتمع..
وإن الحقيقة الشاخصة أمامنا في هذا السياق هي: أن أغلب المشكلات والأزمات والتوترات التي تعانيها بعض مجتمعاتنا العربية في طبيعة العلاقة بين مكوناتها الدينية وتعبيراتها المذهبية وأطيافها الأثنية والقومية ، يعود إلى سعي طرف يمتلك القدرة والسلطة لتعميم مقولاته واستخدام وسائل قهرية في هذا السياق ، ما يدفع الأطراف والأطياف الأخرى للدفاع عن مقولاتها ونظرياتها .. فتفضي هذه العملية لتمترس وتخندق كل طيف للدفاع عن مقولاته وأيدلوجياته ، فيتحول المجتمع الواحد إلى مجتمعات ، والسقف الواحد إلى سقوف متعددة ، فتبرز على السطح كل التوترات وأشكال التنافس والتدافع والصراع بين كل المجموعات البشرية ..
من هنا فإننا نعتقد أن جذر المشكلة ، ليس في وجود حقائق للتعددية والتنوع في مجتمعاتنا ، وإنما في طبيعة التعامل والإدارة لهذه الحقائق .. فالإدارة العنفية والقهرية لهذه الحقائق ، تفضي إلى بروز كل أنواع التوترات بين أهل هذه الحقائق ، أما الإدارة المرنة والاستيعابية ، والتي تحترم خصوصيات كل الأطراف ، وتؤسس لعلاقة حوارية مستديمة بين جميع المكونات ، فإن حقائق التعددية ، تتحول إلى مصدر للثراء المعرفي الاجتماعي والإنساني..
لهذا فإننا ندعو ونحث باستمرار على تبني خيار الحوار ، وجعله من الثوابت الوطنية والاجتماعية .. لأنه هو الخيار الأمثل لتجسير العلاقة يبن أطياف المجتمع ، وبناء معرفة متبادلة بينهما ، وتحول دون انتشار حالة سوء الظن أو الانخراط في صراعات وسجالات لا تؤدي إلا إلى المزيد من تنمية الأحقاد والضغائن..
فالمطلوب هو أن نتحاور مع بعضنا البعض ونستمر في الحوار دون كلل أو ملل ، حتى نخرج جميعا من سجوننا الوهمية..
والسؤال الذي يمكن أن يبرز في هذا السياق هو : كيف نعزز قيمة الحوار في مجتمعاتنا؟
1- من الضروري في هذا الإطار أن نفرق بين مفهوم الحوار، ومفهوم الجدال .. إذ إن الأخير لا يتعدى العمل على إثبات تفوق الذات على الآخر ، بينما الحوار يتجه إلى تفكيك واقع سيئ وضاغط على الجميع ، وهو استمرار حالة القطيعة أو الجفاء بين تعبيرات المجتمع والوطن الواحد..
فالحوار هو الاستماع الواعي والحقيقي للأقوال والآراء والأفكار ، وعقد العزم على اتباع الأحسن : قال تعالى ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه )..
بينما الجدال هجوم ودفاع ، إفحام ومماحكة ، والحوار فهم وتفاهم ، تعارف وتواصل ، اشتراك مستديم في صنع الحقيقة والرأي المشترك ..
وعليه فإن الحوار لا يستهدف إقناع الآخرين بقناعات الذات ، وإنما تعريفها على نحو حقيقي ، لأن الحوار هو سبيل التواصل والتعايش ..
2- ضرورة تطوير سياسات الاعتراف بالآخر المختلف والمغاير .. فلا يمكن في أي مجتمع أن تتعزز قيمة الحوار ، بدون تطوير سياسات ومناهج الاعتراف بالآخر وجودا ورأيا وحقوقا ..
ونحن على هذا الصعيد بحاجة إلى مبادرات ومشروعات وطنية متكاملة ، تستهدف دعم وإسناد عملية الحوار الوطني ، بسياسات ومشروعات تعرّف الأطياف ببعضها البعض ، دون أن نسقط في عملية التعارف والاعتراف مشكلات التاريخ ومآزقه المتعددة ..
فالاختلافات المعرفية والفقهية والتاريخية والاجتماعية والسياسية ، من الضروري أن لا تدفعنا إلى الجفاء والقطيعة واصطناع الحواجز التي تحول دون التواصل والتعاون والحوار .. وذلك لأن الوحدة الداخلية للعرب والمسلمين ، بحاجة دائما إلى منهجية حضارية في التعامل مع الاختلافات والتنوعات ، حتى يؤتي هذا التنوع ثماره على مستوى التعاون والتعاضد والوحدة .. والمنهجية الأخلاقية والحضارية الناظمة والضابطة للاختلافات والتباينات الداخلية ، قوامها الحوار والتسامح وتنمية المشتركات وحسن الظن والإعذار، والاحترام المتبادل ومساواة الآخر بالذات..
3- من الضروري لنا مسلمين وعرباً جميعا أن نخرج من سجن الماضي المليء بالشكوك والفتن والحروب ، والتركيز الراهن على ثقافة الوحدة بكل صورها ومستوياتها ، القائمة على قاعدة احترام تنوعات المجتمع ، واختلافاته الطبيعية المثرية لمسيرة المجتمع في كل الجوانب والمجالات.. والاقتناع الشديد والعميق ومن جميع الفرقاء والأطياف أن ثقافة الفتنة والعنف والإقصاء ، لا تنتج إلا الدمار والحروب والموت .. أما ثقافة الحوار والسلم والتسامح والعفو فتبني، وتحررنا جميعا من هواجسنا وعُقدنا ، وتعمق في نفوسنا وعقولنا الشوق إلى الكرامة والوحدة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.