يتنقل سائح المملكة اليوم في رحلة مذهلة بين أرجائها، فها هي العُلا قد عكست في مرآتها آثار الحضارات القديمة في هدوء مهيب، واختلط فيها عبق التاريخ برائحة القهوة السعودية. ثم يسير السائح تجاه الشمال نحو شواطئ نيوم مدينة المستقبل التي تجمع بين التكنولوجيا والطبيعة في انسجام بديع. ولربما يحط السائح رحاله وسط صحراء المملكة الدافئة، حيث تمتد الرمال الذهبية كبحر لا نهاية له في أجواء صافية مشمسة تهب عليه الرياح من كل مكان، ليستظل بعدها تحت نخيل الأحساء ويتذوق تمورها وسط رائحة العود التي تملأ المكان، ويتجول في أسواقها الشعبية ليستمع لهمسات المارة وأصوات التجار. أو ربما تسير الرحلة إلى أبها وجبالها التي تزينت بأثواب خضراء زاهية يغطيها الضباب الناعم، وتعطرت برائحة الريحان كلوحة فنية لا تُنسى. هكذا هي السعودية متنوعة بشكل فريد، تجمع بين التاريخ والمستقبل، وبين الأصالة والتطور، وبين الصحراء والبحر، وبين الشتاء والصيف. ولتنوع مصائف المملكة وتفردها، توسعت السعودية توسعًا ضخمًا في قطاع السياحة، ووجهت جهودها التسويقية عالميًا لجذب السياح عبر إبراز ما تملكه من تنوع ثقافي وحضاري. فنرى لافتات وزارة السياحة في مختلف الدول، تتجلى فيها ملامح العُلا وآثارها وصحراء نجد ونخيلها وجبال عسير وشواطئ نيوم تجذب السياح من كل مكان للقدوم والسياحة في المملكة. فترسم الحملة الإعلانية صورة ذهنية عن المملكة وتنوع بيئاتها وتاريخها والآثار الموجودة فيها، بجانب التطور العمراني والتكنولوجي المذهل وكأنها تسابق الزمن، لتستقطب السائحين وتحفّزهم على استكشاف هذه الوجهة ليس فقط كزوار، بل أيضاً كباحثين وطلاب، جمعهم حب الاستكشاف، وأثارت الحملات الإعلانية لديهم الفضول لمعرفة المزيد عن المملكة. ومن أجل تعزيز الصورة الذهنية التي رسمتها وزارة السياحة عن المملكة، والاستفادة منها لاستقطاب أكبر للطلاب الدوليين للدراسة في المملكة، من الضروري إثراء التخصصات السياحية التي اشتهرت عن المملكة في الجامعات والمعاهد السعودية كتخصص السياحة والآثار واستكشاف الصحراء والمعادن وأثر الحياة الفطرية في الربع الخالي، والزراعة والتخصصات الجيولوجية والمناخية، بالإضافة إلى تخصص الفندقة والضيافة والإرشاد السياحي، وتقديم برامج دبلوم وبكالوريوس ودراسات عليا، بل وأيضًا شهادات احترافية، لتكن المملكة الوجهة الأولى لهذه التخصصات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تقدم المؤسسات التعليمية في العُلا برامج في السياحة والآثار، وفي الأحساء تقدم التخصصات الزراعية التي تُعنى بزراعة النخيل وإنتاج وحفظ التمور، أما الرياض فتقدم برامج استكشاف الصحراء والتنقيب عن المعادن، وتقدم في جدة برامج الفندقة والإرشاد السياحي، كما يمكن أن تقدم في أبها التخصصات الجيولوجية والمناخية، وهكذا. فالهدف هنا هو توحيد جهود التعليم مع السياحة يدًا بيد، يشد كُل منهما الآخر، فيعزز التعليم مستقبل السياحة لدينا ويقدم برامج تربوية في التخصصات السياحية، وفي المقابل تسوّق السياحة للتعليم في المملكة وتبرز ما تملكه من تنوع ثقافي وحضاري، بهدف تشجيع وجذب الطلاب الدوليين على اختيار السعودية كوجهة تعليمية مميزة، تستند إلى بنية تحتية تعليمية متقدمة وبيئة آمنة مستقرة وجودة حياة مرتفعة.