فيلم Gaddama أو خدامة هو فيلم هندي يحكي عن معاناة المغتربين الهنود في دول الخليج من خلال شخصية خادمة هندية تتعرض لسوء المعاملة والتعذيب من قبل مخدوميها في إحدى دول الخليج. وتحكي الممثلة التي قامت بهذا الدور كيف أنها تأثرت كثيرا أثناء تمثيلها لهذه الشخصية، بل وأصيبت بالاكتئاب جراء ذلك. وقبل أن نسارع بالدفاع عن عدالتنا وإنسانيتنا في التعامل مع الخدم، أو نعزو الفيلم الى خطة مدبرة لتشويه صورتنا، أرجو التريث قليلا والتمعن في واقع الخدم لدينا. لا أدافع هنا عن الفيلم ولكن يبدو أننا نحتاج أن نرى واقع الخدم ليس من خلال منظورنا نحن بل من خللا منظور الخدم أنفسهم. وما الفيلم في النهاية إلا تجسيد لواقع وحالة إنسانية تقع في مجتمعاتنا الخليجية وغيرها من المجتمعات. أعلم أن قضايا الخادمات تثير جدلا كبيرا في مجتمعنا، ولعل هذا الجدل مردّه الى غياب الضوابط التي تحكم العلاقة بين الخادمة والكفيل ناهيك عن توفر آلية تطبيقها!، والأمر متروك على ما يبدو للنوايا الحسنة أو السيئة!. وفي هذا ظلم وإجحاف لحقوق الطرفين، ومن ناحية أخرى، يبدو أن قضايا وشؤون الخدم كجزء من واقع الحياة المعاش تحولت الى موضوع للسينما كما في الفيلم الهندي، وأيضا إلى موضوع للأدب والرواية كما فاجأنا الإعلامي اللبناني موسى إبراهيم (مقدم نشرات الأخبار في إحدى القنوات اللبنانية) بإنتاجه الروائي الأول والذي حمل عنوان"سيرلنكيتي الفلبينية" والذي يحكي عن واقع الخدم في لبنان، والى أي درجة ساعدت الأسر اللبنانية هؤلاء على الاحتفاظ بآدميتهم! وهل تم الاعتراف بإنسانيتهم قبل ذلك!!. يقول موسى إن ما دفعه الى كتابة الرواية هو حادثة انتحار أو قتل إحدى الخادمات السريلانكيات والتي قفزت من النافذة أو ألقي بها لتلاقي حتفها، وما تتعرض له الخادمات في لبنان من تحرش جنسي وسوء معاملة وحرمان من الراتب والطعام ..الخ. ويطرح موسى في روايته السؤال المهم والذي ينطبق على جميع المجتمعات العربية وهو: (لماذا يتعاطى اللبناني مع الخادمات على أساس أنهن آلات منزلية دون الالتفات إلى مشاعرهن، أحاسيسهن، والمشكلات التي يعانين منها في أوطانهن؟!). ويبدو أن مشكلات الخادمات لدينا تبدأ من هكذا سؤال والذي لا تبرره أي إجابة مهما كان نوعها!!. وأيضا تتطرق رواية أخرى لموضوع الخادمات ولكن من تأليف خادمتين هذه المرة. وهي رواية (كارينا سينغا باهينيا) ويشير عنوان الرواية الى الاسم المركب للكاتبتين واللتين قامتا بجمع ثلاث عشرة قصة تدور حول معاناة بني جلدتهما والمآسي التي تقع لهن. في النهاية يبدو أن الإنتاج السينمائي والروائي لقضايا الخادمات يأتي من باب أنه اذا ما أردنا لموضوع أو قضية أن تصل فلابد من خلق نص جيد أو صورة جيدة لكي تصل للمتلقي.. وأقول قبل هذا وذاك فيما يخص الخادمات أن نستشعر أنفسنا، أو من نحب ، مكانهن ولو للحظة.. فقد يُحدِث ذلك لدينا ولديهن فرقاً كبيراً!.