قاعات الزفاف أو ما يطلق عليها قصور الأفراح التي تبنى وتقام لهذا الغرض نشأت في الواقع محلياً بمدن المملكة بعيد سنوات الطفرة الأولى ، نتيجة التحسن في دخل الأسر، وازدياد الحاجة لهذا العنصر من الخدمات التي لم تستطع الدور الكبيرة والقصور القديمة التي نزح عنها سكانها وأمست تؤجر لهذا الغرض تفي بالمطلوب ، وقصور الأفراح تلك التي تمثل ظاهرة لا نراها تقريباً إلا في مجتمعنا المحلي ، يعتبرها البعض عنصراً غير حضاري ، وربما عدها آخرون مؤشر تخلف ، لمبررات كثيرة ، لعل من أبرزها أن هذا العنصر الخدمي الكبير في مساحته وحجم منشأته ، والذي تبلغ أعداده في مناطق المملكة بالمئات إن لم تك بالآلاف ، يقتصر على نشاط الأعراس فقط ، لذا يظل معطلاً طيلة العام ما عدا منتصف ونهاية الأسبوع في الغالب ، مع ازدياد وتيرة نشاطه في إجازة الصيف ، الجانب الثاني هو أنه بسبب محدودية التشغيل لهذا العنصر الخدمي ترتفع أسعار استئجاره ليصل إجمالي ما ينفق على ذلك في المملكة وفق ما ينسب للمستثمرين في هذا المجال نحو خمسة مليارات ريال سنوياً ، تستنزف من دخول الأسر التي تضطر لاستئجار تلك القاعات لإقامة مناسبات الزفاف لديها ، الجانب الثالث والأهم في هذا الأمر هو أن ذلك الحجم من الانفاق لا يصرف في قنوات استثمار توفر فرص عمل للمواطنين ، وإنما لملاك تلك القاعات ، ولفئة محدودة من العاملين بها والذين جلهم من الوافدين . إن وجود قصور الأفراح هذه وتنامي أعدادها بمعدل سنوي يبلغ نحو 8 % ، ودورها في اقتطاع جزء جوهري من دخولنا ، وضرورة جعلها عنصراً انتاجياً في سوقنا المحلي سواء في توفير فرص العمل أو رفع كفاءة الخدمات التي تقدمها لجدير منا بوقفة مراجعة لهذا الدور وتقييمه وإعادة النظر في كيفية الترخيص لهذا العنصر والأنشطة التي تمارس داخل منشأته ، وكذلك الانتشار والتوزيع المكاني له داخل مدننا . إن قاعات الأعراس تلك هي كما نعلم عنصر خدمات يوفر حيزاً لممارسة نشاط اجتماعي يمثل أحد أوجه ثقافة المجتمع المحلي في الاحتفال بمناسبات الزفاف في مختلف مناطق المملكة ذات التنوع في العادات والتقاليد بما يتخللها من ثراء في ألوان التعبير عن الفرح بتلك المناسبة ، من ثم و الأمر كذلك تبرز وجهة نظر تدعو إلى إعادة التفكير في قاعات الأعراس تلك ، سواء القائمة منها أو التي ستنشأ في المستقبل لتتحول من قصور زفاف فقط إلى دور أو قصور ثقافة ، وأن تعاد هيكلة دورها لتكون مراكز استقطاب لكافة الأنشطة الثقافية على مستوى الأحياء ، وليس كما نراها اليوم ومن منطلق عامل الازدحام المروري البحت تقام على مسافة محددة بين كل منها والآخر على امتداد محاور الحركة الرئيسية في المدينة . إن تلك الدور أو المراكز الثقافية لنسمها ما شئنا سوف يستمر في تطويرها القطاع الخاص المستثمر بلا شك، فهو القادر والمتطلع إلى ذلك ، إنما يتم نسجها على نحو يجعلها تتألف من عدة عناصر متجانسة تتكامل مع بعضها الآخر في تلبية الاحتياج الثقافي المحلي للأحياء السكنية مثل المكتبة العامة وما شابهها ، ومن بين تلك العناصر قاعة المناسبات التي تكون على قدر من المرونة لإقامة كافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية بها بما في ذلك حفلات الزفاف لسكان الحي ، وذلك لكي تكون تلك الدور أو المراكز الثقافية متاحة لإقامة أنشطة متعددة مثل المحاضرات العامة والتقاء سكان الحي بأعضاء المجلس البلدي ، والاحتفال بالأعياد والمناسبات السنوية مثل اليوم الوطني ، والمعارض الثقافية ، والحملات الارشادية والتوعوية ، وربما كذلك المناسبات الاجتماعية الخاصة ومن ثم تصبح نشطة على مدار العام ، فنقلل من التكاليف على المستفيدين من خدماتها وتمسي عنصراً حضارياً خلاف ما هو جار الآن يحتضن الانشطة الثقافية للمجتمع ويعبر عنها وتكون في ذات الوقت عنصراً منتجاً يوفر مئات من فرص العمل للمواطنين رجالاً كانوا أو نساءً . * أكاديمي