مستشفى الأقصى.. «أيامنا معدودة»    مقتل أربعة من طاقم سفينة يونانية في هجوم حوثي    السعودية تحصد ثمار رؤيتها الشاملة    جامعة نورة تحتضن تدريبات الهلال    "الثقافة" تنظّم الأسبوع الثقافي السعودي في أوساكا    بأمر الملك.. الفياض مستشار بالديوان الملكي    الراجحي: برنامج كفالة الفئات الأكثر احتياجًا يجسد حرص القيادة لتعزيز الشمول المالي    وزير البيئة يشكر القيادة على التنظيم الجديد لمؤسسة الري    القيادة تهنئ رئيس الأرجنتين بذكرى بلاده    «الشورى» يقر دراسة إنشاء سوق لتداول أدوات الدين والتوسع بالإدراج المزدوج    أمير تبوك يطلع على تقرير عن البرامج والفعاليات التعليمية    «الديوان الملكي»: وفاة بزه بنت سعود..ووالدة عبدالله بن سعود بن سعد    300 طالب في «موهبة الإثرائي» بالقصيم    "القصيم الصحي" يكرم المتميزين في مبادرة "إنسانيون الصحة"    ضبط 4 باكستانيين في المدينة المنورة لترويجهم (1.7) كجم (شبو)    محضر «الاحتياطي الفيدرالي» يظهر تأييداً محدوداً لخفض الفائدة في هذا الشهر    النصر والهلال يتصدّران نتائج تقييم الحوكمة للأندية الرياضية    أبها تستضيف كأس الخليج للشباب بدلاً من الطائف    وزير الدفاع يستقبل وزير دفاع المجر    الربّاع يوسف المدرهم يتوّج بالميدالية الفضية في بطولة آسيا لرفع الأثقال    بدعم من إحسان أجهزة تنقية المياه في منازل مستفيد روافد النسائية بالعيص    معالي الوزير الحقيل يبحث تحديات القطاع البلدي مع رجال الأعمال في الاحساء    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    نائب أمير منطقة مكة يستقبل معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء في ديوان الامارة    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالمدينة المنورة ينظم ورشة " الأخبار العاجلة بين السبق والمصداقية"    معالي أمين الشرقية يزور معرض سكني بالخبر    د.الجوهرة آل سعود: أكدت أن التوازن بين العمل والأسرة يجود الحياة ويزيد الرضا الوظيفي والعائلي    نائب أمير جازان يستقبل مدير فرع بنك التنمية الاجتماعية بالمنطقة    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير منطقة جازان يرعى حفل افتتاح ملتقى "جسور التواصل 2025"    سمو نائب أمير منطقة عسير يدشّن حملة "صيّف بصحة"    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    روسيا تشن هجوما جديدا بالصواريخ والمسيرات على أوكرانيا    السعودية تحلق عالمياً    إسرائيل تواصل غاراتها رغم وقف النار.. اغتيال قيادي في «قوة الرضوان» جنوب لبنان    عباقرة سعوديون ينافسون 90 دولة في أولمبياد الكيمياء    القراءة والغرور    فن الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية    وسط صمت دولي وتمسك الدبيبة بالسلطة.. تحركات لتشكيل حكومة ليبية جديدة    نفت طلب لقاء مع واشنطن.. طهران تربط استئناف المفاوضات النووية ب«استعادة الثقة»    "الضمان": مراجعة طبية مجانية للمستفيد خلال 14 يوماً    11 مليون"تبليغ" إلكتروني لأطراف القضايا في 2025    في ثاني مواجهات نصف نهائي كأس العالم للأندية.. قمة مرتقبة تجمع ريال مدريد مع باريس سان جيرمان    تغطية إعلامية غير مسبوقة من قلب الرياض| كأس العالم للرياضات الإلكترونية يبث إلى 140 دولة حول العالم    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    «الريزن».. حرفة تحاكي حائل ومعالمها    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    بلدية محافظة أبانات توقع عقدًا لصيانة الإسفلت بأكثر من 3 ملايين ريال    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات غذائية في 3 دول.. تنفيذ مشروع زراعة القوقعة في الريحانية بتركيا    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجديد الخطاب الإسلامي
نشر في الرياض يوم 08 - 10 - 2010

إن أولى أولويات الخطاب الإسلامي اليوم تتمثل في تأكيد مبدأ الوسطية والاعتدال، على النحو الذي جاء به الإسلام الحنيف وحث عليه. وخاصة أن غلو البعض بات ذريعة تستغل كل يوم للإساءة للأمة، وقضم حقوقها.
بدايةً يمكن القول إننا بصدد مصطلح إشكالي، يثير قدراً متزايداً من التحديات المنهجية.إذ ما المقصود بالخطاب، ومن هو المخوّل بتمثيله، ليغدو إسلامياً.
على نحو فوري، يجب الفصل، على صعيد المصطلحات، بين "النص الإسلامي" و"الخطاب الإسلامي"، فالأول يشير إلى نصوص الشريعة السمحة، الواردة في الكتاب والسنة. وهذه النصوص هي التي تشكل منهاج المسلمين في حياتهم الخاصة والعامة، وتحدد بوصلة سلوكهم وخياراتهم.إنها الدين الحق، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فهو صراط الله المستقيم.
في المقابل، يشير مصطلح "الخطاب الإسلامي" إلى رؤية المسلمين للحياة العامة والخاصة، وتحليلهم للتجربة التاريخية، وموقفهم من القضايا المثارة، على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية.
هذا الخطاب يستند بالضرورة إلى الدين، ويرتكز إلى أصوله ومداركه، لكنه ليس تعبيراً رديفاً للدين ذاته.
إن الخطاب الإسلامي لدى الفرد أو المجموعة هو نتاج تفاعلي لمركب العناصر التالية:المعرفة الدينية، الموروث التاريخي، الأعراف الاجتماعية، البيئة الاقتصادية والمعيشية، الواقع السياسي، والنضج المدني والحضاري العام.
وحيث إن هذه العناصر متفاوتة في طبيعتها بين المناطق والدول الإسلامية، فإن الخطاب الإسلامي يبقى بالضرورة متفاوتاً، ومنساباً في اتجاهات متعددة، تجمعها القواسم الدينية المشتركة.وهذا تحديداً هو مبدأ التنوّع في إطار الوحدة. تنوّع الخيارات الاجتماعية والسياسية، بفعل تباين التجربة التاريخية، ودرجة التطوّر الحضاري، وتفاوت الخصوصيات العرقية والجغرافية، بل والإيكولوجية أيضاً.
إنه من المشروع تماماً أن يكون هناك خطاب إسلامي في المشرق العربي متباين، في خطوطه التفصيلية، عن ذلك السائد في المغرب العربي. وأن تتباين الخيارات المعتمدة في الخليج عن تلك القائمة في تونس. وهكذا.
إن الطليعة الإسلامية، أو لنقل القوى الطليعية في المجتمعات الإسلامية، هي من يبلور الخطاب الإسلامي، ويحدد خطوطه التفصيلية. هي من يُعبر عنه، ويجسده على أرض الواقع في الحركة الاجتماعية، بمفهومها العام والشامل.
والخطاب الإسلامي بهذا المعنى ليس هو ذاته العادات والتقاليد السائدة لدى عامة الناس، فهذه قد تكون متأثرة بالأعراف على نحو يصطدم، في بعض جوانبه، بالشريعة ومقاصدها.
وبالمعنى الذي تقدم، ليس ثمة حكمة في الدعوة إلى توحيد الخطاب الإسلامي على نحو مركزي ويعقوبي،لأن في ذلك اختزالاً لتنوّع ثري وجميل تزخر به هذه الأمة.إننا معنيون على نحو دائم بالتأكيد على التنوّع في إطار الوحدة.
وعلى الرغم من ذلك، نحن مطالبون ببلورة رؤية موحدة، أو لنقل بخطاب موحد، حيال القضايا الكبرى التي تواجه الأمة الإسلامية، والتي تدخل في سياق التحدي الحضاري والجيوسياسي.
إن أولى أولويات الخطاب الإسلامي اليوم تتمثل في تأكيد مبدأ الوسطية والاعتدال، على النحو الذي جاء به الإسلام الحنيف وحث عليه. وخاصة أن غلو البعض بات ذريعة تستغل كل يوم للإساءة للأمة، وقضم حقوقها.
نحن معنيون بتأكيد التعايش فيما بيننا كأمة. وبيننا وبين الآخر المتباين عنا دينياً، فهذا الدين دين سماحة ورحمة، لا إكراه فيه.
على صعيد آخر، تبرز قضية المرأة باعتبارها قضية سجالية ممتدة في الخطاب الإسلامي، منذ نحو قرن من الزمن.
لم يُحسم النقاش الخاص بالمرأة. وهو على الأرجح لن يُحسم في المدى المنظور. ومرد ذلك أن العرف، وليس الدين، هو الذي ظل مهيمناً على المقاربات السائدة، صراحة أو ضمناً.وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن أحداً لن يصل إلى نتيجة تذكر.
ليس المطلوب القفز على العرف، إلا أن الخضوع إليه على هذا النحو المستكين لا يبدو منطقياً بحال من الأحوال.
لقد هربنا من الحديث عن عصرنة المرأة إلى الحديث عن تعليمها وتطوير قدراتها المهنية. وحالنا في ذلك حال الحزب الشيوعي الصيني، الذي قال للصينيين استفيدوا من الانفتاح الاقتصادي ولا تسألوا عن الانفتاح السياسي.
هذه غواية ما كان يجدر بنا الوقوع فيها. وعلينا بلورة مقاربة ذات جدارة، قادرة على تسمية الأمور بأسمائها.
على صعيد ثالث، إن الخطاب الإسلامي مدعو اليوم للتأكيد على ضرورة ردم الفجوة الحضارية لدى الأمة. هذه الفجوة التي تكونت بفعل مسار تاريخي قاس وعصيب، هيمن فيه المستعمر على ثروات المسلمين ومقدراتهم، وفرض عليهم سياسات التجهيل القسري، كما الحرمان الاجتماعي بشتى صوره.
إن الحث على العلم، بشتى صنوفه، النظرية والتطبيقية والمهنية، يجب أن يغدو في مقدمة أولويات الخطاب الإسلامي. ويجب دعوة البلدان الإسلامية للاهتمام ببرامج البحث العلمي باعتبارها أقصر الطرق، وأكثرها ضمانة، لانجاز وعد التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وليس ثمة كثير جدوى في تخريج أفواج من طلبة الجامعات الذين لا يجدون مؤسسات بحث علمي يطورون من خلالها قدراتهم، لتغدو قادرة على التفاعل مع متطلبات التنمية بشتى صنوفها.
وربما تكون بعض دول العالم الإسلامي قد خطت اليوم بعض الخطوات في هذا الاتجاه، إلا أن الأمر يبقى محدوداً في كافة الأحوال.
على صعيد رابع، يبدو الخطاب الإسلامي معنياً بالتشجيع على سياسات التكامل الاقتصادي بين مناطق ودول العالم الإسلامي. وحيث تتوفر الكثير من المقومات الطبيعية والبشرية، على نحو قل نظيره.
إن دول العالم الإسلامي معنية بالدخول في مشاريع تكامل اقتصادي، إنتاجي وخدماتي، تستثمر رابطة العقيدة، ووحدة الانتماء، بين شعوبها.وتستثمر بموازاة ذلك تنوعها الطبيعي وتعدد خبراتها واتساع أسواقها.
لابد من التمسك بالدعوة للتكامل الاقتصادي وإقامة المؤسسات المشتركة، على نحو يُعبد الطريق أمام تحقيق الأمن الغذائي والاجتماعي عامة.
على صعيد خامس، يمكن القول إن الخطاب الإسلامي معني، في مقدمة عناوينه السياسية، بالتمسك بفلسطين كقضية مركزية للمسلمين. عليه التمسك بالقدس، حيث المسجد الأقصى، الذي باركه الله. أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وسلم).
لابد من التذكير على نحو دائم بأن فلسطين قضية أمة تمتد من المحيط إلى المحيط.لا تقبل لأحد أن يدنس مقدساتها، أو يجعلها في بازار المساومات. وليس هناك من مسلم لا يطمح في الصلاة يوماً في المسجد الأقصى المبارك.
وخلاصة القول، فإن قوة الخطاب الإسلامي تكمن في قدرته على تشخيص الأولويات، وتكييف أدواته وفقاً للمتغيّرات، وتأكيده على الثوابت الحضارية للأمة، وتجديد مضامينه السياسية والاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.