الأخضر تحت 17 لرفع الأثقال يشارك في بطولة العالم بالبيرو    مجلس تراحم الباحة يعقد اجتماعه الأول لعام 2024 .    برعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية للفرد الأساسي لمجندات الدفعة السادسة في معهد التدريب النسوي    أمير المدينة يستقبل المشايخ ومديري الإدارات الحكومية المدنية والعسكرية    قطاع الطيران في السعودية: 53 مليار دولار و958 ألف وظيفة    الرؤية والتحول التاريخي ( 3 – 4)    تطوير مناطق صناعية ولوجستية    "هدف": نعمل على تمكين استدامة التوظيف لفئات المستفيدين عالية المخاطر    استعرض جهود الإغاثة السعودية الجوية.. الربيعة يدعو لتأسيس «مجلس طيران إنساني عالمي»    دبابات الاحتلال تحاصر مستشفيات شمال غزة    السعودية.. إنجازات وطموحات رائدة نحو الفضاء    نائب أمير الرياض يرعى حفل التخرج بمدارس الملك فيصل    سيدات الشباب يتوجن بلقب بطولة الصالات في نسختها الثانية    نقل مباراة الهلال والطائي من ملعب المملكة أرينا إلى ملعب نادي الشباب    الرائد .. تذاكر مباراتنا أمام الأهلي متاحة الآن    عقد ضخم ينتظر حارس ليفربول والثقافة السعودية تحفز نجم ال" ميلان" للانتقال إلى روشن    الهلال يستعيد سالم قبل النهائي المرتقب    اطلع على برامج التدريب التقني.. أمير القصيم ينوه بدور«الشورى»    فرضية في طريق الهجرة استعداداً لموسم الحج    لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء.. ولي العهد يطمئن الجميع على صحة خادم الحرمين    ولي العهد‬⁩ يطمئن الجميع على صحة ⁧‫الملك سلمان    ترجمة الهوية    أنيس منصور الذي عاش في حياتنا 2-2    اطلاق برامج دعوية لخدمة ضيوف الرحمن    الدولة واهتمامها بخدمة ضيوف الرحمن    مذكرة تفاهم لتوفير مياه زمزم لحجاج الداخل    بتوجيه من أمير مكة.. الأمير سعود بن مشعل يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    هديتي تفاحة    لمرضى الروماتيزم في الحج .. مختص: تناولوا الأدوية في مواعيدها    نائب أمير المنطقة الشرقية يشهد حفل تخريج طلاب كليات الأصالة    أمير الحدود الشمالية يرعى حفل تخريج 1,444 متدرباً من منشآت التدريب التقني والمهني    «إغاثي الملك سلمان» يكرم «إنسان»    تكريم الفائزين والفائزات بجائزة الشيخ محمد بن صالح    أشيعوا بهجة الأمكنة    غرور الهلاليين وتواضع الأهلاويين    ماذا بعد وفاة الرئيس الإيراني ؟    أمير القصيم يدشن مبنى الكلية التقنية ببريدة    «تلبيس الطواقي»..!    أمير الرياض يستقبل ابن عياف وسفير كازاخستان    سالم يشارك بفاعلية في تدريبات الهلال استعداداً للقاء التتويج بلقب الدوري    الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 28 يونيو    «الذكاء الاصطناعي» الأوروبي.. إنفاذ القانون والتوظيف    إصدار 700 ألف صك عبر البورصة العقارية    إسرائيل تخشى أوامر الاعتقال وتستمر في الانتهاكات    IF يتصدر شباك التذاكر    من أعلام جازان .. الدكتور إبراهيم بن محمد أبوهادي النعمي    نائب وزير الخارجية يقدم واجب العزاء والمواساة في وفاة رئيس إيران    السعودية تحقق أكبر تحسن إقليمي في قطاع السياحة منذ 2019    أمير القصيم يستقبل ووفداً من أعضاء مجلس الشورى ونائب المحافظ لخدمات المساندة بالتدريب التقني    إطلاق "مانجا إنترناشونال" للأسواق الدولية    أكثر من 5.5 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» في أبريل الماضي    كفاءات سعودية تتحدث الإندونيسية بجاكرتا    حرس الحدود يحبط تهريب 295 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    5 فوائد للمشي اليومي    زلة الحبيب    علاقة معقدة بين ارتفاع ضغط الدم والصحة النفسية    الحامل و الركود الصفراوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقلت لشجرة اللوز حدثيني عن الله يا أخت.. فأزهرت شجرة اللوز
حكاية واخواتها
نشر في الرياض يوم 09 - 09 - 2010

قال، وكان في أواخر أيام مرضه، وبذلك العمق الداخلي الذي كان يعبر به عن تجربته الإنسانية الفياضة بقيم العدل والحرية، وبذلك الفيض الذي واجه به الكاتب اليوناني العظيم "كازنتزاكيس" ضعف الإنسان، ورغبته الدائمة في الصعود بحثا عن كمال مفتقد.
عندما داهمت أحوال "كازنتزاكيس" المرضية روحة قال يحادث زوجته: "أجمع أدواتي: النظر والشم واللمس والذوق والسمع والعقل .. خيم الظلام وقد انتهي عمل النهار.. أعود كالخلد، إلى بيتي الأرض.. ليس لأنني تعبت وعجزت عن العمل، فأنا لم أتعب، لكن غربت الشمس".
كان يتمني قبل رحيله أن يذهب حيث ناصية الشارع ويمد يده متسولا من العابرين ويرجوهم: زكاة يا أخوان.. ربع ساعة من كل منكم لأتم عملي ثم يأتي الموت.
كان يود كمحب أن ينتهي من مذكراته الشخصية "تقرير إلي جريكو"، وكان "نيكوس كازنتزاكيس" الاستثناء الوحيد بين كتاب العالم الكبار الذي جعل من المصير الإنساني، ومواجهة لقدره موضوعاً لابداعة.. كانت حياته عزيزة إلى الحد الذي بذلها ليعين الإنسان علي تحمل آلامه لقد كانت حياته مفعمة بالألم والفرح والعذاب، وأمضى عمره تساعده تلك اللحظات للصعود الدائم نحو الحرية وكان دائما ما يقول "لا تحكموا علي بإعمالي بل احكموا علي الهدف المختصر وراء أعمالي"
قرأته منذ الصبا فنبهني إلى أن الكتابة التي تبقى في ذاكرة الوقت هي تلك الكتابة التي يكون الإنسان وأحواله هما المادة الأولى لها لقد ظل هذا الكاتب العظيم يؤمن بأن عروقه يجري بها دم عربي.. انحدر أهل والده من قرية تدعي "بار بادي"، وحين استعاد الإمبراطور الروماني "تيسو فوروسر فوكاس" كريت من العرب وزعهم علي عدة قري.. وفي مثل هذه القرية عاشوا فخورين وعنيدين مثل أسلافهم سكان الصحراء كان "كازنتزاكيس" يخفق قلبه فرحاً عندما يصادف نخله، وكان يظن أنها تعود لمسقط رأس أجداده في تلك القرية البدوية التي يزينها النخيل والشمس الصاهلة، وفتوة الرجال، والعاطفة المتقدة التي يعقبها فجأة ضربة السيف فتسيل الدماء.. يذكر انه عندما دخل مرة إلي الصحراء العربية على ظهر جمل وتصفح امواج الرمال، صفراء وزهرية، وفي المساء بنفسجية عند ذلك زعق قلبه كأنثى الصقر، وشعر بأنه ينتمي لهذا المكان ظل طوال عمره يؤمن بأن العرب لم يصلوا إلى هذه الدرجة من البؤس إلا أنهم غادروا صهوات جيادهم .. كان هذا اليوناني يؤمن طوال عمره ويعيش تحت وطأة التيار المزدوج من الدم، اليوناني من جهة أمه، والعربي من جهة أبيه، حيث منحه هذا الدم القوة والغبطة والغنى على محبة الإنسان والحنو على لحظات ضعفه، ومحاولاته في صراعه مع وجوده وتجاوز انكساراته أمام قدره.
نيكوس كازنتزاكيس
في روايته الهامة "زوربا اليوناني" يأتي هذا الإنسان من المجهول، يفيض من بحر أيامه، يحمل قدره بين عينية محدقا في المغيب، يمتلك قيم الإرادة علي الفعل، وصدق ممارسته وجوده اليومي على الأرض ..يفيض قلبه بعشق الدنيا فينتصر مره، وينكسر مرات، لكنه ينهض من رماد الخسران مثل طائر "الفينيق و تتشح روحه بالفرح.. وتجد علاقاته في الرواية مع "بوبولينا" والأرملة المذبوحة.. ومع الكاتب نفسه، وصراعهما عند انهيار المنجم.. ومع انكساراته وهزائمه التي يواجهها بالرقص وسط الصحراء، وأمواج البحر تختلط رؤيا "زوربا" في الكتاب برؤيا الكاتب المبدع في الحياة.. ويساعد المتخيل صانع الأدب العظيم علي انجاز ابداعه.. يذكر "كازنتزاكيس" من أخذوا بيده، من أناروا طريقه بالمعرفة، يذكر "هوميروس" العين الاخاذة مثل قرص الشمس.. وبوذا عميق الغور.. وبرجسون الذي ساعده علي أن يتخلص من مشكلات الفلسفة.. ونيتشه الذي ساعده أن حول المرارة إلى كبرياء.. لكن زوربا من علمه محبة الحياة والإنسان.
لقد تعلم من خلال نظرته الأولى للوجود عشق العناصر: الماء والهواء والتراب والنار.. وكان ذلك قاعدته لاكتشاف الضعف الإنساني (جوهر الحياة).. وفي الرواية ذهب مشروع المنجم إلى الزوال لكنه ظل إذا ما سأل زوربا: لماذا كنا نحفر وما الأهداف؟.. كان زوربا يجيبه: أننا نحفر لنكتشف أعماقنا نحن.. وهكذا تعلم من خلال هذا الرجل كيف يتجاوز الضرورة إلى الحرية، وانه كم عرف قيمة ترابه الكريتي.
جاءته رسالة يوما، وعليها أشارة العزاء.. فهم أن زوربا قد رحل وأظلم العالم.. وتساءل كيف يغيض هذا النبع؟.. وما الذي يستطيعه ليطرد موته عنه؟.. كيف يستطيع أن يجمع زوربا من التراب والبحر؟
ثم كتب كازنتزاكيس روايته الخالدة فجمع أشلاءه في السطور، ونفذ بعبقريته إلى مطلق وجود الإنسان، فكان "زوربا" في الأدب مثالا لكل رجل جميل في الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.