دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    لماذا الشيخ صالح الفوزان    بشراكات استثمارية تجاوزت قيمتها 33 مليار دولار... ملتقى الصحة العالمي يواصل فعالياته    مواجهات قوية في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    25 فارس وفارسة في تصنيف (TOP 100) العالمي بالرياض    «سلمان للإغاثة» يوزّع مساعدات غذائية متنوعة في بعلبك والكورة بلبنان    إلزام المبتعثين بتدريس الصينية    الرئيس السوري: المملكة تشكل أهمية كبيرة وبوصلة اقتصادية في المنطقة    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمانة الشرقية تنظم ملتقى «الإعلام الإنمائي» الأحد المقبل    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    300 طالبٍ وطالبة موهوبين يشاركون في معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي في الدمام    جيروم باول: خفض الفائدة في ديسمبر ليس مؤكداً    "GFEX 2025" تستعرض أحدث تقنيات الطب الشرعي    السعودية ترحب بإعلان سوريا اعترافها بجمهورية كوسوفا    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    «هيئة الأوقاف» تنظم ندوة فقهية لمناقشة تحديات العمل بشروط الواقفين    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية بالمنطقة    سوريا تعلن الاعتراف بكوسوفو بعد اجتماع ثلاثي في الرياض    «إنفيديا» تتجاوز 5 تريليونات دولار بفضل الطلب على الذكاء الاصطناعي    الفالح ينوه بالخدمات المقدمة للشركات العائلية في المملكة    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    أمير منطقة الرياض يستقبل مدير عام قناة الإخبارية    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على مخالف لنظام أمن الحدود لتهريبه 84 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    أمير جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    المنكوتة والمعيني ينثران قصائدهم في سماء جدة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التركية بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    عطارد يزين الليلة سماء السعودية    العويران: نصف الرياضيين يعزفون عن الزواج.. "يبحثون عن الحرية بعيدًا عن المسؤوليات"    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    بإشراف وزارة الطاقة ..السعودية للكهرباء و إي دي إف باور سلوشنز تفوزان بمشروع صامطة للطاقة الشمسية    أوكرانيا تستهدف موسكو بمسيرات لليلة الثالثة    رئيس وزراء جمهورية باكستان الإسلامية يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    غضب من مقارنته بكونسيساو.. خيسوس: رحلة الهند سبب الخسارة    أشادت بدعم السعودية للبرنامج الإصلاحي.. فلسطين تطالب «حماس» بتوضيح موقفها من السلاح    مليشيا الحوثي تشن حملة داخل صفوفها    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    المناطيد تكشف أسرار العلا    "وثيقة تاريخية" تبرز اهتمام المملكة بالإرشاد التعليمي    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    منتديات نوعية ترسم ملامح مستقبل الصحة العالمية    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    زيارة استثمارية لوفد من غرفة جازان    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتباس والتضمين (التناصّ) في الشعر الشعبي والفصيح (2-2)
نشر في الرياض يوم 05 - 04 - 2010

ذكرنا في المقال الأول ان الاقتباس عند علماء البلاغة القدماء يكاد يكون مقصوراً على اقتباس الشاعر من القرآن الكريم أو الحديث الشريف..
وذكرنا أن أكثر العلماء لا يجيزون ذلك، وخاصة من القرآن، تنزيهاً لآي الذكر الحكيم، ومنهم من أجازه بشرط أن يكون المعنى شريفاً والغاية نبيلة..
أما التضمين فهو أن يدخل الشاعر في أبيانه بيتاً (أو أبياناً) مشهورة، وكأنه يستشهد بها، وعادة ما يضع ما ضمن بين قوسين، كما أنه قد يضمن شعره الأمثال أو الحكم السائرة ليعطيه رونقاً وقوة..
وفي النقد الحديث دخل مصطلحا (الاقتباس والتضمين) تحت مصطلح (التناص) عند أكثر النقاد، بمعنى دخول النصوص بعضها في بعض، سواء أكان ذلك عمداً وقصداً أم من فيض العقل الباطن، إذ يشبهون النص الأدبي (بالفسيفساء) التي تتكون من عدة أحجار وألوان بشكل منسق جميل يمنحها شخصية رائعة مستقلة ننسى فيها تفاصيل الأحجار والألوان، والتي يقابلها في الشعر الألفاظ والصور..
* من أمثلة التضمين في الشعر الشعبي قول محسن الهزاني من رباعية له:
وان زرفل المسيوق وارخو العنّه
والجيش هربد والرمك يشعفنّه
واهوى على ركن من الخيل كنّه:
(جلمود صخر حطّه السيل من عالِ)
* وقول ابن لعبون:
«ينشدني يوم انتوى الكل برحيل:
(هل عند رسم دارس من معول»؟
فضمن بيته نصف بيت لامرئ القيس.. وكذلك فعل ابن لعبون مع زهير بن أبي سلمى في قوله - ولكنه هذه المرة ضمن شعر زهير صدر البيت):
(تبصّر خليلي هل ترى من ظعاين)
تقازى بهم فوق الشفا من حزومها؟
«تقازى» تسير بهم مسرعة نوعاً معاً بما يشبه لفظة (المناقز وتناقز «والشفا» المرتفع من الحزوم جمع حزم وهو الهصبة.
* ويقول الشاعر (جري) من قصيدة بليغة:
«وترى روضة الجثجاث لوزان نبتها
مر ولو هو كل يوم يسيل
وعظم الندى يندى ولو كان بالي
يندى ولو هو بالمراح محيل
فان كان ما تعطي والايام عدله
فالايام لازم عدلهن يميل
والعوشزه ما ياقع الحرّ فوقها
لابها لسمحين الوجيه مقيل
وان كان ما نفع الفتى في حياته
ترى النفع من بعد الممات قليل
(ألا ما أكثر الخلان يوم نعدهم
كثير وعند الموجبات قليل)
فضمن البيت الفصيح - مع بعض التعديل -
(فما أكثر الإخوان حين تعدهم
ولكنهم في النائبات قليل)
* والشاعر فلاح القرقاح القحطاني كثيراً ما يضمن شعره الأمثال والحكم بشكل متلاحم لا تكلف فيه مثل قوله:
نقطة من حبر تكتبها تحل أكبر قضيّه
وانت حر صيرمي (والحر تكفيه الاشاره)
جابنا صدق الولا الموروث و(النيّه مطيه)
جعل بيت العز ما يهجر ولا يهدم جداره)
الله يسوّد وجيه اللي نواياهم رديه
ولَّعوا نار الفتن (والنار تالع من شراره)
اصبحوا بين الظهر والبطن (علّه باطنيه)
(والثعل يبقى ثعل) في حجر وإلا في مغاره
فضمن في شعره الجميل الكثير من الأمثال العربية والشعبية بشكل انسيابي يدخل في نسيج شعره.. كأنه ينسج سجادة أصيل..
* ومن الشعر الفصيح في التضمين قول صالح بن عبدالقدوس:
إذا ما وترت امرءاً فاحذر عواقبه
(من زرع الشوك لم يحصد به العنبا)
يريد المثل العربي (انك لا تجني من الشوك العنب)..
* وقول أبي تمام يعزي صديقاً له:
وقال عليُّ في التعازي لأشعث
وخاف عليه بعض تلك المآثم:
(أتصبر للبلوى عزاءً وحسنة
فتؤجر، أم تسلو سلو البهائم)
فنظم قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه حين قال يعزي أشعث بن قيس في ولد له: (إن صبرت صبر الأحرار) والا سلوت سلوَّ البهائم)..
* وقد يحل الناثر بيت شعر، قال الصولي «ما اتكلت قط في مكاتبتي إلا على ما يجيش به صدري أو يجلبه خاطري إلا قولي «فافبدلوه آجالا من آمال» فإني حللت فيه قول مسلم بن الوليد:
«موف على منهج في يوم ذي رهج
كأنه أجل يسعى إلى أمل»
والتضمين قد يكون تلميحاً وفيه بلاغة لأنه يحتاج إلى استنباط، كقول أبي تمام:
«لعمر مع الرمضاء والنار تلتظي
أرق واحفى منك في ساعة الكرب»
يلمح للبيت المشهور:
«والمستجير بعمرو عند كربته
كالمستجير من الرمضاء بالنار»
وفي علم البلاغة يفردون التضمين عن التلميح، والأخير أجمل إذا تساوت العناصر الأخرى.. وكلاهما من (فن البديع) في البلاغة..
*يقول الأخيطل:
ولقد سما للخرمي فلم يقل
يوم الوغى: (لكن تضايق مقدمي)
فضمن جزءاً من بيت عنترة:
«إذا يتقون بي الأسنة لم أخم
عنها ولكني تضايق مقدمي»
* ويقول ابن العميد - والبيت الأخير ضمنه من شعر أبي تمام):
وصاحب كنت مغبوطاً بصحبته
دهراً فغادرني فرداً بلا سكن
هبت له ريح اقبال فطار بها
نحو السرور والجاني إلى الحزن
كأنه كان مطوياً على أحن
ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني:
«إن الكرام إذا ما اسهلوا ذكروا
من كاد يعتادهم في المنزل الخشن»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.