يتوجه اليوم عشرات ملايين الأميركيين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس جديد وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وجميع أعضاء مجلس النواب فضلا عن عشرات المناصب الحكومية الأخرى بما فيها حكام الولايات ورؤساء البلديات ومناصب أخرى عديدة. وقد أظهرت استطلاعات الرأي حتى اللحظات الأخيرة من الحملة الانتخابية أن المرشح الديمقراطي باراك أوباما يتقدم على منافسه الجمهوري بنسب تتراوح بين 7وعشر نقاط مئوية في طول الولاياتالمتحدة وعرضها، كما يتقدم عليه بصورة كاسحة في أعداد الولايات التي يتوقع أن تصوت له حسب النظام الأميركي الانتخابي المعروف بنظام الهيئة الانتخابية. وتظهر آخر الاستطلاعات أن أوباما بات يتوقع له أن يفوز بعدد من الولايات الأميركية يضمن له الفوز بما يصل إلى أكثر من 330صوتا انتخابيا من أصل 538صوتا انتخابيا هو مجموع عدد أعضاء الهيئة الانتخابية. جدير بالذكر أن المرشح الرئاسي يحتاج إلى الفوز بما أقله 270صوتا للفوز بالرئاسة الأميركية. ماكين، في المقابل، تتوقع استطلاعات الرأي بصورة ثابتة تقريبا منذ أكثر من شهر بأنه سيفوز بما لا يزيد عن 157صوتا انتخابيا من أصوات الهيئة الانتخابية، فيما لا يزال عدد قليل من الولايات غير المحسومة حتى الآن لأي من المرشحين، مع أن المجموع الكلي لأعداد أصوات أعضاء الهيئة الانتخابية في هذه الولايات، وغالبيتها كان يفترض أن تكون محسومة لماكين إذ أن بوش فاز بها في انتخابات العامين 2000و 2008بسهولة وبفوارق كبيرة، هي أعداد غير كافية ليصل بها ماكين إلى خط النهاية بنجاح. وقد اندفع المرشحان الديمقراطي والجمهوري في اليومين الأخيرين من الحملة الانتخابية عبر خريطة ولايات أميركية تغيرت تماما في الشهرين الأخيرين من الحملة، وخصوصا منذ بداية الأزمة المالية الأميركية في منتصف الشهر الماضي. وأسفر هذا التغيير الهائل في صورة خريطة الولاياتالمتحدة السياسية عن تمكن أوباما من وضع ما لا يقل عن سبع ولايات كلها جمهورية وكلها كان قد فاز بها بوش في انتخابات 2000و 2004في خانة ما يسمى هنا بولايات "ساحات المعارك"، وهو ما يعني أن يضطر ماكين إلى التركيز عليها لمجرد الدفاع عنها وعدم الاقتراب من الولايات المحسومة لصالح الديمقراطيين تقليديا. وفي آخر تحرك من هذا القبيل، نقلت شبكة سي إن إن والكثير من مواقع الإنترنت التي تتابع أرقام استطلاعات الرأي في الولايات الحاسمة ولاية أيوا قبل ثلاثة أيام من الانتخابات من خانة الولايات المتنازع عليها إلى خانة الولايات التي تميل إلى أوباما ونقلت في اليومين الأخيرين ولاية مونتانا الجمهورية "الحمراء جدا" من خانة الولايات الميالة إلى ماكين إلى خانة الولايات المتنازع عليها بعد اقتراب أوباما في استطلاعات الرأي من ماكين فيها. بل إن هذه الشبكات نقلت ولاية أريزونا، وهي ولاية جمهورية تقليدية وموطن المرشح الجمهوري ماكين نفسه من خانة الولايات المحسومة لصالح ماكين إلى خانة الولايات المتنازع عليها، وذلك أيضا لاقتراب أوباما من ماكين في استطلاعات الرأي فيها ( 49بالمئة لصالح ماكين مقابل 44بالمئة لصالح أوباما). وعبر الولاياتالمتحدة، أظهرت الاستطلاعات أن مستوى الحماس للانتخابات قد يكون غير مسبوق في التاريخ، خصوصا مع حملات تسجيل الناخبين غير المسبوقة التي قامت بها الحملتان، وخصوصا حملة أوباما، لملايين الأميركيين الذين لم يشاركوا في الانتخابات في حياتهم، وفي ظل زيادة أعداد الأميركيين المسموح لهم بالتصويت المبكر. وأظهرت الاستطلاعات أن حوالي ثلث الأميركيين ربما صوتوا لصالح هذا المرشح أو ذاك قبل افتتاح صناديق الاقتراع اليوم. المتغير المهم الآخر الذي يعمل لصالح أوباما في هذه الانتخابات هو نسب التصويت لدى الأميركيين السود. فقد أظهر آخر استطلاعات الرأي في اليومين الماضيين أن نسبة الناخبين السود الذين سيشاركون في هذه الانتخابات ستقارب للمرة الأولى نسب البيض المشاركين في الانتخابات، وهو ما لم يحدث في التاريخ بسبب عدم اقتناع الأميركيين السود تاريخيا بأهمية الانتخابات لناحية تغيير أوضاعهم. ولكن استطلاعات الرأي تشير إلى تغير حاسم في هذه المواقف هذه المرة. وعدا عن الأميركيين السود، أظهر آخر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة زغبي إنترناشيونال أول من أمس (الأحد) أن أوباما يتفوق على ماكين بصورة ساحقة في جميع أوساط الناخبين الأميركيين تقريبا ما عدا المفرطين في محافظتهم. وأظهر استطلاع زغبي أن أوباما يتفوق على ماكين بفارق 10نقاط على المستوى القومي (%52-42%). وجاء في الاستطلاع أن أوباما يتفوق على ماكين في أوساط المستقلين بنسبة 10%، ويتفوق عليه بنسبة 38% في أوساط الأميركيين المتحدرين من الدول الناطقة بالإسبانية (الذين يمثلون الأقلية الثانية بعد السود في أميركا) ويتفوق عليه بين السود بنسبة تبلغ أكثر من 90% وبنسبة 8% بين النساء و3% بين الرجال. وكشف الاستطلاع أيضا أن أوباما يتمتع بتفوق يصل إلى 17بالمئة في أوساط الذين صوتوا في الانتخابات المبكرة ونسبة 22بالمئة في أوساط الذين تسجلوا للمشاركة في الانتخابات، ويتمتع بتفوق يبلغ نسبة 34% في أوساط المعتدلين وبفارق يبلغ 10% في أوساط الكاثوليك. بل إنه يتمتع بتأييد يصل إلى 21 بالمئة في أوساط المحافظين .