يتطلع مستثمرو النفط في افتتاح تداولات الأسبوع اليوم الاثنين لاستعادة المكاسب بعد خسائر أسبوعية متتالية ملحوظة إذ أنهى النفط تعاملات الأسبوع الماضي على نبرة سلبية، متأثرًا بتوقعات السوق بزيادة الإمدادات وضعف الطلب النسبي، وهو ما وضع الضغوط الرئيسة على الأسعار قبل نهاية 2025. أنهى سوق النفط الأسبوع الأخير من التداول في 2025 بأداء مختلط، مع ميل بسيط نحو الانخفاض في الأسعار عند الإغلاق، ما يعكس ضغوط العرض والتخمة في المعروض مقابل ضعف بيانات الطلب وتحسن احتمالات بعض العوامل الجيوسياسية وتراجع مخاطر الحرب، رغم بعض الارتفاعات المبكرة في الأسبوع. وقال محللو بنك إيه إن زد، شهدت أسعار النفط الأسبوع الماضي خسارة أسبوعية بعد تراجع الخام، على الرغم من ارتفاعات يومية في بعض الجلسات. لكن في الأيام التالية، بدأت الأسعار تعاود الارتفاع مرة أخرى بدعم عوامل جيوسياسية وغيرها من المتغيرات. وفي قراءة أداء الأسعار، أغلق خام برنت القياسي الجمعة عند حوالي 60.64 دولارًا للبرميل، منخفضًا بنحو 2.57 %، مع انخفاض إجمالي الأسبوع. كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط أيضًا إلى حوالي 56.74 دولارًا للبرميل في الإغلاق الأخير، مسجلاً تراجعًا أسبوعيًا مماثلًا. هذا الانخفاض جاء بعد ارتفاع الأسعار في بداية الأسبوع مدفوعًا بعوامل جيوسياسية، قبل أن تعاود الأسعار انخفاضها مع نهاية الأسبوع. في العوامل المؤثرة، تبرز تخمة محتملة في المعروض النفطي، حيث جرى تداول النفط تحت ضغط توقعات المستثمرين بأن الإنتاج العالمي المرتفع قد يتجاوز الطلب في الأشهر المقبلة، ما يقلص الضغوط الصعودية على الأسعار. كما تراجعت علاوة مخاطر الحرب، حيث قللت آمال التوصل لاتفاق سلام في أوكرانيا مع بداية هذا الأسبوع، من علاوة المخاطر السعرية المرتبطة بتوترات الإمداد. وبالرغم من خسارة نهاية الأسبوع، تحركت أسعار النفط في نطاق محدود خلال الأسبوع مع بعض الارتفاعات الأولية، ما يعكس تقلبات السوق قبل عطلة نهاية السنة. وعلى الرغم من أن اضطرابات الإمدادات ساهمت في انتعاش أسعار النفط خلال الجلسات الأخيرة من أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات تقريبًا في 16 ديسمبر، إلا أنها تتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي لها منذ عام 2020. فقد انخفض سعر خام برنت، وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 19 % و21 % على التوالي هذا العام، حيث أثار ارتفاع إنتاج النفط الخام مخاوف من فائض نفطي مع بداية العام المقبل. وقال محللو البنك الأسترالي النيوزلندي، تراجعت أسعار النفط في تداولات هادئة بعد عيد الميلاد، حيث قيّم المستثمرون تطورًا جديدًا في محادثات السلام الأوكرانية المتعثرة منذ فترة طويلة، والتي قد تُفضي إلى اتفاق يسمح بدخول المزيد من النفط الروسي إلى الأسواق العالمية التي تعاني من فائض في المعروض. انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 2.8 ٪ يوم الجمعة ليستقر قرب 57 دولارًا للبرميل، وهو أكبر انخفاض منذ منتصف نوفمبر، بينما أغلق خام برنت دون 61 دولارًا. قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يتوقع لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في فلوريدا يوم الأحد لبحث إنهاء الحرب مع روسيا، مضيفًا أن الاتفاق الإطاري بين بلاده والولاياتالمتحدة "جاهز تقريبًا" وأن توقيعه سيتوقف على نتائج هذا اللقاء. وقال ترمب، في إشارة إلى زيلينسكي: "ليس لديه أي شيء حتى أوافق عليه، لذا سنرى ما لديه". وكان ترمب قد صرّح في نوفمبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنه لن يلتقي زعيمي البلدين حتى يصل الاتفاق إلى مراحله النهائية على الأقل. مع ذلك، أثارت التصريحات الأخيرة من موسكو شكوكًا حول مدى قرب التوصل إلى اتفاق نهائي. فقد وصف نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف خطط كييف الأخيرة بأنها "مختلفة جذريًا" عن النقاط الرئيسية التي ناقشتها موسكو مع الولاياتالمتحدة، وفقًا لتقرير نشرته وسائل إعلام روسية. تقلبات سعرية حادة ومحا تطور الوضع في أوكرانيا المكاسب السابقة التي تحققت بفضل الحصار الأمريكي الجزئي على شحنات النفط الخام من فنزويلا والضربة العسكرية التي شنتها واشنطن ضد جماعة مسلحة في نيجيريا. كما تشهد أحجام التداول انخفاضًا ملحوظًا بعد عيد الميلاد، نظرًا لغياب العديد من المتداولين، ما أدى إلى تقلبات سعرية حادة. وأفادت مصادر، أن البيت الأبيض أصدر أوامر بالتركيز خلال الشهرين المقبلين على فرض حصار على النفط الفنزويلي. وأضاف المصدر أن القوات الأمريكية تركز بشكل شبه كامل على الحصار، بدلًا من الخيارات العسكرية. وفي الوقت نفسه، صرّح ترمب بأن الولاياتالمتحدة شنت "ضربة قوية وقاتلة" ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلامية في شمال غرب نيجيريا، وهدد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث بشن المزيد من الضربات. ووفقًا لبيانات منظمة أوبك، بلغ إنتاج نيجيريا، العضو في المنظمة، حوالي 1.5 مليون برميل يوميًا في نوفمبر. وقال كيريل باختين، كبير محللي النفط والغاز في مجموعة بي سي إس المالية بموسكو: "تلقت أسعار النفط دعمًا من البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية وعدم الاستقرار الجيوسياسي خلال الأسبوع الماضي. ونظرًا لعدم وجود بيانات أمريكية جديدة مقررة في الأيام المقبلة، نتوقع انخفاضًا طفيفًا في الأسعار مستقبلًا ما لم تستمر العوامل السياسية في التأثير". وأضاف، ورغم أن المخاطر الجيوسياسية تدعم الأسعار، إلا أن خام غرب تكساس الوسيط لا يزال متجهًا نحو تسجيل أكبر انخفاض سنوي له منذ عام 2020، بنسبة تقارب 21 %. يعود هذا الانخفاض إلى توقعات بفائض في المعروض، حيث يتوقع جميع تجار النفط الخام الرئيسيين في العالم تقريبًا وفرة عالمية في العام المقبل بعد أن زاد المنتجون داخل وخارج تحالف أوبك+ من إمداداتهم. كما تلقت السلع، بما فيها النفط الخام، دعمًا من ضعف الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل المواد الخام أرخص بالنسبة لمعظم المشترين. وقد انخفض مؤشر الدولار الفوري بنحو 0.8 % هذا الأسبوع. ويواصل المستثمرون ترقب أي مؤشرات على انقطاع الإمدادات من فنزويلا، في ظل تصعيد إدارة ترمب للضغوط على البلاد. لا تزال الولاياتالمتحدة تسعى لاستعادة ناقلة نفط ثالثة قبالة سواحل فنزويلا، على الرغم من مغادرة نحو ست ناقلات محملة بالنفط الخام سواحل الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية منذ أن كثفت واشنطن جهودها للحد من عائدات النفط التي تدعم نظام نيكولاس مادورو. وفي تطورات أسواق الطاقة، سجّلت صادرات روسيا من النفط الخام أعلى مستوياتها منذ أكثر من عامين ونصف العام، غير أن تأخّر تفريغ الشحنات أسفر عن قفزة جديدة في كميات النفط المخزّنة على متن الناقلات، مع تكدّس السفن الراسية قبالة سواحل الهند والصين. ورغم ارتفاع متوسط التدفقات على مدى أربعة أسابيع إلى أعلى مستوى منذ مايو 2023 خلال الفترة المنتهية في 21 ديسمبر، لا تزال عمليات تسليم الشحنات تواجه صعوبات، إذ قفزت كميات النفط الموجودة في البحر بنسبة 48 % منذ نهاية أغسطس. وتنتظر ما لا يقل عن 20 ناقلة محمّلة بالخام الروسي الحصول على تصاريح للرسو في موانئ صينية وهندية، بينما استغرق تسليم شحنات أخرى عدة أشهر. اتخذ متوسط الشحنات على مدى أربعة أسابيع مسارًا صعوديًا في ديسمبر، معوضة خسائر الشهر السابق، وسط تقلبات يُرجّح ارتباطها باضطرابات الأحوال الجوية. وجاء التراجع في الصادرات الذي لوحظ خلال نوفمبر عقب إدراج الولاياتالمتحدة أكبر شركتين روسيتين مُصدرتين، "روسنفت" و"لوك أويل" على القائمة السوداء. أدى الانخفاض الثاني عشر على التوالي في الأسعار إلى تهاوي قيمة الشحنات إلى أدنى مستوى لها خلال ثلاثة أعوام تقريبًا. وبحسب بيانات تتبّع السفن، شحنت موسكو 3.87 ملايين برميل يوميًا خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 21 ديسمبر. وهذا يمثل زيادة تقارب 200 ألف برميل يوميًا مقارنة بالفترة المنتهية في 14 ديسمبر، مدفوعة بانتعاش الشحنات الأسبوعية من ميناء بريمورسك على بحر البلطيق. يُرجّح أن يكون التراجع الحاد في عمليات المعالجة قد أتاح كميات إضافية من النفط الخام للتصدير. ولا تزال عمليات التكرير دون المتوسط الموسمي وسط هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية، بعدما تسبّبت إحدى الضربات في إلحاق أضرار بمصفاة ياروسلافل شمال موسكو، التي تبلغ طاقتها اليومية نحو 300 ألف برميل، ما يضعها ضمن أكبر عشر منشآت لإنتاج الوقود في روسيا.