لا بد من التفكير في حوكمة أداء المعلمين في المدارس العامة والخاصة معًا، بحيث يكون هناك حد أدنى للمعايير المفترض وجودها فيهم، بالإضافة لتدريب الطلبة على الأمور الضرورية بعد التخرج من المرحلة الثانوية، وبما يفيدهم في الجامعة، وفي تقدمهم الوظيفي مستقبلًا، كمهارات القيادة والعمل ضمن فريق، والانضباط الذاتي، وتعزيز قدرات التفكير النقدي.. المدارس الأهلية والعالمية في المملكة أصبحت مرغوبة عند الكثيرين، وحصتها الحالية من إجمالي الطلبة لا تتجاوز 16%، أو مليونا و100 ألف طالب وطالبة، من أصل ستة ملايين و816 ألفا، ويوجد في قطاع التعليم المحلي حوالي 32 ألف مدرسة، بينها سبعة آلاف للتعليم الخاص والعالمي، وأعداد المعلمين والمعلمات في المدارس بأنواعها يقدر بنحو 485 ألف معلم سعودي، و40 ألف معلم أجنبي يقومون بالتدريس ل282 ألف فصل مدرسي، وذلك استنادا لتقرير وزارة التعليم السعودية في العام الجاري، والمطلوب بحسب المستهدف في 2030 هو اقتطاع المدارس الخاصة والعالمية لحصة قدرها 25%، وهذا يعني وصول أعداد الطلاب والطالبات فيها لقرابة المليونين، وتوفير مقار جديدة لاستيعابهم. لمن لا يعرف؛ المقعد المدرسي الواحد في التعليم الحكومي كان يكلف الدولة قبل 15 عاما في حدود 48 ألف ريال، أو 12 ألفا و800 دولار سنوياً، وتراجع في هذا العام إلى 25 ألفا، أو ستة آلاف و667 دولار، وميزانية إدارات التعليم يتم تحديدها بناءً على المقاعد المشغولة في المدارس التي تشرف عليها، وفي المقابل التعليم الخاص والأهلي متوسط أسعاره لا يزيد على 22 ألف ريال، أو خمسة آلاف و867 دولارا، والدعم الحكومي الذي يحصل عليه يعادل 3% من إيراداته، وبحسب أرقام 2025، الرسوم السعودية للمدارس الخاصة أقل وبفارق واضح عند مقارنتها بسنغافورة التي تقدر رسومها ب31 ألفا و667 دولارا، ومعها بريطانيا ب25 ألفا و66 دولارا، وأميركا ب16 ألف دولار، واليابان ب10 آلاف و134 دولارا، ونسبة ال25% للمدارس الخاصة السعودية، إذا ما تم تحقيقها، ستزيد عن الموجود في أميركا وبريطانيا وغالبية دول أوروبا، وكلها لا تتجاوز 10%، وحتى في الدول الآسيوية نسبتها 20%، ما يعني أن المملكة ستكون متفوقة في مجال التعليم الخاص، وستأتي على رأس قائمته الدولية خلال أعوام قليلة. نسبة السعوديين في المدارس العالمية، التي تختلف عن المدارس الخاصة، في بيئتها التعليمية ومناهجها الدراسية وصلت إلى 35% من إجمالي الطلاب، وفي السابق كان السماح بدخولها للسعوديين لا يكون الا بموافقة من وزير التعليم نفسه، ووزارة التعليم تطالب هذه المدارس بتدريس السعوديين التربية الوطنية والمواد الأساسية كالدين واللغة العربية، بجانب منهجها الخاص، وهو إجراء لا يعمل مع المدارس الخاصة لأنها تأخذ بالمنهج السعودي، وتدرس مواده باللغة الانجليزية، باستثناء المقررات المتفق على تدريسها بالعربي، وتضيف عليه مواد إثرائية، وبرامج لا صفية، والمدارس العالمية تعتمد النموذج البريطاني أو الأميركي، ومناهجها باللغة الإنجليزية، ونسبة قبول طلابها السعوديين في جامعات العالم أكبر، وهذا النوع من المدارس ليس مطالباً بالتوطين، ويختلف عن مدارس الجاليات الأجنبية المهتمة بتدريس أبناء الجالية في الأراضي السعودية، والتي تدرس مناهج دولها وتخلو في العادة من الطلاب السعوديين. سوق التعليم الخاص والعالمي في المملكة، وفق الأرقام الأخيرة، تقدر قيمته ب50 مليار ريال، أو ثلاثة مليارات و750 مليون دولار، واللافت أن حصة أكبر خمس شركات تعليمية فيه لا تزيد على 15%، وبينهما شركتان مدرجتان في سوق الأسهم، والبقية أو 75% موزعة على المستثمرين الصغار، أو المؤسسات التعليمية الفردية، والمدارس محدودة الفروع، والأفضل، في رأيي، التفكير في الاستحواذات أو الاندماجات لتطوير قطاع التعليم، وتقديم خدمة أفضل وأكثر جودة، فالبيئة الاستثمارية في التعليم الخاص تحسنت، وأصبحت جاذبة وأكثر موثوقية وشفافية، وبالأخص بعد العقد الإلكتروني الموحد لتسجيل الطلاب في المدارس الخاصة، الذي أطلقته وزارة التعليم بالشراكة مع وزارة العدل، في نوفمبر من العام الحالي، وهو بمثابة سند تنفيذي واجب السداد، يضبط العلاقة ويحفظ الحقوق بين ملاك المدارس وأولياء الأمور، ولا يحرم الطالب من مواصلة تعليمه أو استلام شهادته. خصوصا أن المدارس الخاصة متفوقة في اختبارات القدرات والتحصيلي، على المدارس الحكومية، لأنها تجدول حصص لتدريسها والتدرب عليها، في المرحلتين المتوسطة والثانوية، والاختباران يمثلان ما نسبته 70% من الدرجة الموزونة لدخول الجامعة، والبقية أو 30% تعطى لمعدل الثانوية التراكمي من الأول إلى الثالث الثانوي، وفي 2024 حصلت 280 مدرسة في المملكة على جائزة التميز من هيئة تقويم التعليم، وكانت نسبة المدارس الخاصة 65%، من المجموع الكلي للمدارس، والتقييم يستند إلى مجموعة من المؤشرات، أبرزها: جودة المعلمين وأساليب التعليم والتواصل الفاعل مع عوائل الطلبة. زيادة على ذلك، لا بد من التفكير في حوكمة أداء المعلمين في المدارس العامة والخاصة معاً، بحيث يكون هناك حد أدنى للمعايير المفترض وجودها فيهم، بالإضافة لتدريب الطلبة على الأمور الضرورية بعد التخرج من المرحلة الثانوية، وبما يفيدهم في الجامعة، وفي تقدمهم الوظيفي مستقبلاً، كمهارات القيادة والعمل ضمن فريق، والانضباط الذاتي، وتعزيز قدرات التفكير النقدي، وألا يتوقف دور معلمي المدارس الحكومية عند التحصيل الدراسي وحده، أو التلقين القائم على استرجاع المعلومة من الذاكرة، وبطريقة آلية تفتقد الفهمَ في معظم الأحيان.